في ذكرى وفاته العاشرة .. أحمد عبده ناشر و (60) عاما من السخاء والتعفف

> نجيب محمد يابلي:

> شدني وشرفني أن تكون «الأيام» منبرا للوفاء بعد رحيل الشخصية الوطنية المعطاءة المغفور له بإذن الله المجاهد أحمد عبده ناشر وذلك عندما نشرت موضوعين قيمين كان الاول للمفكر اليمني والعربي المعروف أبوبكر السقاف وكان عنوانه (سلاما أحمد عبده ناشر) وتاريخه 11 ديسمبر، 1996م، أي بعد خمسة أيام من رحيل الرجل الكبير، وكان الثاني التربوي والكاتب المخضرم الأستاذ عبده حسين أحمد، الذي خصص عموده الأسبوعي (كركر جمل) لتأبين تلك الشخصية الوطنية في أربعينيته التي سطرت ملحمتها بماء الذهب.

المجاهد أحمد عبده ناشر من مواليد قرية ذؤاب وسكن الحباتر بعزلة الاعروق قبيطة بمحافظة تعز عام 1917م. رضع المجاهد ناشر المأساة مع حليب أمه بعدما تيتم طفلا وتولت أمه تنشئته وتعليمه، وفي العام 1925 شد الرحال الى عدن وهو في ربيعه الثامن والتحق هناك بمدرسة اسماعيل خدابخشالتي كان يديرها الشيخ محمد الشنقيطي، وتلقى فيها دروساً في اللغة والحساب والتاريخ وأمسك بتلابيب الانجليزية على يد المغفور له بإذن الله علي إبراهيم لقمان.

تعرف المجاهد أحمد عبده ناشر على أخيه ومثله الاعلى في الكفاح الوطني الشيخ أحمد محمد نعمان عام 1935 وكان الاخير في طريقه الى القاهرة للدارسة في الازهر الشريف وتزامن ذلك التعارف مع بداية الوعي لدى المجاهد بانتشار نوادي الاصلاح العربي بعدن ولا سيما «نادي الادب العربي» الذي أسسه محمد علي لقمان المحامي عام 1929م وكان المجاهد من الناشطين الطوعيين والمقربين للقمان.

ناشر يلتقي الشيخ النعمان والحاج هائل سعيد في بربرة:
غادر المجاهد ناشر أرض عدن عام 1936 الى بربرة بأرض الصومال والتقى الشيخ أحمد محمد نعمان وهو في طريقه الى عدن وترافق المجاهد مع الحاج هائل سعيد أنعم، الذي آثر الهجرة الى فرنسا عام 1938م وعاد المجاهد أحمد عبده ناشر الى عدن بعد أن عملا معا في تجارة تصدير الفحم والاسماك والجلود، وكان ان نشط المجاهد في اوساط العرب واليمنيين الصومال في جمع التبرعات لصالح فلسطين عام 1937م ويرسلها الى عمر الداعوق، رئيس الغرفة التجارية اللبنائنية وتلقى التبرعات باسم الثورة الفلسطينية وقد تبرع كل من المجاهد والحاج هائل سعيد بـ (600) ستمائة روبية وهو الرقم الاعلى في التبرعات آنذاك.

قنابل الطائرات عن يمينه والأمواج والأعاصير عن شماله:
تعرضت مدينة مقديشو والمدن المجاورة لقصف وحشي من الطائرات الحربية الايطالية عام 1939م فنجا المجاهد ناشر مع غيره من تلك الهجمة وخلف وراءه أمواله ورحل بحرا الى عدن على متن (ساعية) اتجهت صوب رأس العارة بين عدن ولحج واستغرقت الرحلة ستة أيام وكانت محفوفة بأمواج مرتفعة ورياح صاخبة وبرعاية الله وصلت الساعية بركابها سالمة الى ميناء عدن.

انتهز المجاهد أحمد عبده ناشر فرصة العودة الى عدن وتزوج في العام 1940م وهو نفس العام الذي فقد فيه أخاه الاصغر (علي) في حادث مرور، وفي العام 1941م هاجر المجاهد ناشر الى الحبشة واستقر في اديس ابابا وبلغت تجارته ذورتها عام 1944م ودخل عداد التجار المستوردين المعروفين ونشط المجاهد من خلال جمعية أسسها وهي (هيئة الاتحاد والترقي العريقي) وهي هيئة ذات طابع اجتماعي وإنساني.

المجاهد واخوانه يدعمون حركة الأحرار اليمنيين:
قام المجاهد أحمد عبده ناشر بزيارة كل من عدن وتعز في العام 1944م وهناك التقى الأستاذ محمد محمود الزبيري في منزل صديقه جازم الحروي وتعارفا بعد عدة لقاءات وأقنعه بضرورة تأسيس تنظيم سياسي مناهض لنظام الحكم الإمامي وان عدن هي التي تملك مقومات العمل السياسي وتسهل فيها حرية الحركة والتمويل من خلال البيوت التجارية الموجودة هناك وان العامل المساعد لنجاح العمل السياسي هو وجود الأستاذ النعمان في عدن. نشط المجاهد الكبيير أحمد عبده ناشر في التواصل مع حركة الأحرار اليمنيين وتقديم الدعم المادي اللازم لتمويل نشاطها السياسي والثقافي وجمع لذلك الغرض تبرعات جاد بها أصدقاؤه واخوانه الطيبو الذكر في المهاجر منهم المجاهد عبدالقوي الخرباش والمجاهد مطهر سعيد وابنه المناضل عبدالصمد مطهر وصديقه الشاب عبدالخالق سعيد وطالبه الماجد عبدالغني مطهر وشمل الدعم المجاهد الكبير عبدالله علي الحكيمي.

كما نشط المجاهد أحمد عبده ناشر في دعمه من خلال أصدقائه محمد سلام حاجب وعبدالقادر علوان والشيخ أمين قاسم سلطان والثأثر المنسي الوزير شعلان، بل واستطاع المجاهد ناشر اقناع التاجر الشهير علي محمد الجبلي بدعم أنشطة الحركة الوطنية.

المجاهد مستمر في دعمه للثورة اليمنية
كان للمجاهد أحمد عبده ناشر أياد بيضاء في اقناع سيف الاسلام ابراهيم بن يحيى بالالتحاق بحركة الاحرار في عدن عند زيارته لأديس ابابا وواصل جمع التبرعات التي حصلت مضاعفة بعد اضافة تبرعاته الشخصية لثورة 1948 وثورة 26 سبتمبر 1962م حتى ان الرئيس الراحل عبدالله السلال عرض عليه منصبا وزاريا ورئاسة الحكومة وعرض عليه الرئيس الراحل الشهيد إبراهيم محمد الحمدي تكريما يليق به، الا انه اعتذر عن قبول العرضين وفضل ان يبقى داعماً وهو في الظل، ويقول أبوبكر السقاف في ذلك: «يذكرني أحمد عبده ناشر براحل آخر تحل ذكرى وفاته بعد نحو شهرين (مطلع فبراير 1997م) هو عمر سالم طرموم، لأن الزهد يكاد يكون تصرفا مشتركا بينهما ولاسيما من حيث علاقتهما بالسياسة ومغانمها وبالمال وغواياته فالمال والسياسة في تقديرهما وسيلتان لتحقيق قيم معنوية وروحية».. رحل المجاهد المعطاء أحمد عبده ناشر في 6 ديسمبر 1996م ويقول أبوبكر السقاف في ذلك: «ولاشك ان نجله أمين ناشر ثم وفاة الرائد الكبير أحمد محمد نعمان قبل نحو شهرين من وفاته كانا حدثين مؤثرين في حياته».

رحم الله المجاهد الزاهد المتصوف أحمد عبده ناشر وأسكنه فسيح جناته في منازل الصديقين والورعين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى