متحدثون في حلقة نقاش (في سياق دفن ملفات الماضي.. 13 يناير: الدرس والعبرة):أحداث يناير وضحاياها كانت نتيجة ثقافة شمولية قمعية بدأنا ندفنها في 22 مايو .. المحطات السوداء في حياتنا نوعان الأولى كانت بالبارود والأخرى في البطون والوظائف

> عدن «الأيام» خديجة بن بريك:

>
الزميل هشام باشراحيل يترأس حلقة النقاش وإلى يساره عبدالكريم شائف وإلى يمينه د. عبدالوهاب راوح
الزميل هشام باشراحيل يترأس حلقة النقاش وإلى يساره عبدالكريم شائف وإلى يمينه د. عبدالوهاب راوح
ترأس الزميل هشام باشراحيل، رئيس التحرير يوم أمس حلقة نقاش (في سياق دفن ملفات الماضي 13 يناير ..الدرس والعبرة) التي نظمتها جامعة عدن في ديوان الجامعة.

وفي افتتاح الجلسة ألقى الأخ عبدالكريم شائف كلمة قال فيها :«ينبغي أن يعرف شبابنا وأولادنا خلفيات هذه الكارثة التي حلت بالبلد في لحظة من عدم الحكمة بسبب غياب الديمقراطية داخل الحزب الاشتراكي حينها، وبسبب التكتلات المناطقية والقبلية واللجوء إلى السلاح كوسيلة، ولو تم اللجوء إلى الديمقراطية وتحكيم العقل لما حصلت هذه الكارثة».

وأضاف:«كان الحدث نقطة سوداء في تاريخ العمل السياسي وفي تاريخ اليمن الحديث المعاصر، لأن عدم وضع قيمة للإنسان وقتل الناس في الغرف والحاويات هو سلوك مشين ولا يمت بصلة إلى تقاليدنا وأخلاقيات الإنسان اليمني.

توجد دروس وحكم للقيادة السياسية التي قدمت نموذجا وسلوكا غير مسبوق في حياتنا، وهي العفو العام والعفو عن الخصوم العفو عن المحكومين، واتباع أسلوب الحوار والحفاظ على القوة السياسية واحترام الاختلافات معها، وهي دروس ينبغي الاستفادة منها.

الديمقراطية هي السبيل الوحيد لتجنب الوقوع في مثل تلك الكارثة، وإن أسلوب الدجل والقتل وقوة السلاح أو القبلية أو الطائفية لا تأتي بالخير، وإنما الأخطاء والمآسي والظلم».

< وخلال الجلسة قدم الحضور عددا من المداخلات منها مداخلة الزميل هشام باشراحيل، رئيس تحرير صحيفة «الأيام» التي قال فيها: «المحطات السوداء كثيرة جداً، و13 يناير هي إحدى هذه المحطات، وإذا أخذنا التاريخ من 1900م على سبيل المثال ستكون دراسة علمية أكاديمية بحثية، وقد اقترحت على د. عبدالوهاب راوح أن تنظم ندوة دولية يأتي إليها متخصصون في علوم النفس والاجتماع ومن المنظمات الدولية من أجل الخروج بفوائد عن هذه المحطات السوداء، لأن هذه المحطات السوداء البعض منها استخدم فيها الرصاص والبندقية والمدفع وبعض هذه المحطات السوداء لم يستخدم فيها البندقية والمدفع ولكن نتائج هذه المحطات واحدة، سواء أكانت بالبارود أم كانت في (البطون) والوظائف، فكنت أتمنى من جامعة عدن أن نخرج بدروس وعبر. وهذه المحطات خلفت آثارا نفسية ومزقت أواصر العلاقات الاجتماعية بين الناس وخربت السلام الاجتماعي بينهم، ومن يقول غير ذلك فإنه كاذب. محطات لم يأت ذكرها وتتناقل وأصابت الكثير من الناس في أرزاقهم وأعمالهم، فالجامعة أولى لها أن تتبنى مثل هذه الذكرى في ندوة عالمية يأتي فيها الخبراء من البلاد العربية والصديقة والمنظمات الدولية ليدرسوا كل هذه المحطات».

< كما قدم أ.د. عبدالوهاب راوح، رئيس جامعة عدن مداخلة قال فيها: «يجمعنا اليوم الحديث عن حدث لا بقصد الوقوف عند الحدث وإنما بقصد المراجعة والخروج بالعبرة من خلال القراءة الموضوعية المسئولة، وتأتي مراجعة هذا الحدث المعروف بأحداث 13 يناير بهدف المراجعة والتقييم لمعرفة هل أصبح لدينا اليوم من العمل المؤسسي المحصن بالشرعية الدستوية ما يحول دون تكرار مثل هذا الحدث؟

لا أقول بهذا إني أضع الإطار لمحاور هذه الحلقة وإنما أود أن أشير إلى أن بلادنا اليوم بنهجها الديمقراطي وتجاوزها كثيرا من المراحل، لديها اليوم من العمل المؤسسي والمشاركة والحوار ما يجعل أحداث يناير ليس هناك أي رحم لإعادة تخلّق مثل تلك الأحداث.

إن هذا الحدث يعد واحدا من الأحداث التي تمثل محطة في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر لا يمكن تجاوزها، وإنما نريد بذلك أن نشير إلى أن هذا جزء من واقع التاريخ وقراءته اليوم ليس لنبش الماضي أو إثارة ما كمن من حزازاته وحرقاته، وإنما نرجو أن يكون الهدف أسمى من ذلك وهو استخلاص العبرة والعمل على نشر ثقافة الديمقراطية وتحصين العمل السياسي بالعمل المؤسسي والدستوري بما يحول دون اللجوء إلى استخدام السلاح في حل المشاكل وبما يحول أيضاً دون استنبات بؤر الصراع التي تؤدي إلى الانفجار وإلى الدماء، هذا هو الغرض العام التي تستهدفه الجامعة من خلال قراءة هذا الحدث، وتم الحرص على تعويد الاخوة المهتمين على قراءة الحدث والخروج بالتوصيات التي من شأنها أن تعمل على عدم العودة إلى لجوء الدولة بمؤسساتها المختصة والمعنية إلى حمل السلاح مرةً أخرى.

إغلاق الملف ليس بالمعنى القانوني للكلمة والمعنى الشرعي والقضائي إنما نحن مؤهلون لنقول إننا اليوم في إطار حكم رشيد وإدارة رشيدة للبلد تقوم على الشرعية الديمقراطية والاعتراف بالآخر وعلى المشاركة في الحكم وعلى السلطة المحلية، كل هذه العوامل المجتمعة تمثل البيئة الرشيدة الجديدة التي تمثل الرحم والبيئة لعدم استنبات 13 يناير مرة أخرى أو غيرها من المحطات السوداء.

نحن اليوم لدينا أرضية مؤسسية لبناء الدولة ويتم فيها نقل السلطة والوصول لسلطة الشرعية الدستورية.. وبالتالي هذه الشرعية التي جاءت هي وليدة للتجربة الإنسانية التي خرجت من مخاض الحروب والدماء، توصل الانسان اليوم لهذه التجربة لتأخذ بها اليمن بكفاءة واقتدار.

أحداث صعدة تم التعامل معها بشكل حضاري من منطق المسؤولية، وقد تم التعامل معها بالحكمة واللين».

< أما الزميل أحمد الحبيشي، رئيس تحرير صحيفة «14 أكتوبر» فقال في مداخلته:«ما علمته أن الهدف من إثارة موضوع بحجم أحداث 13 يناير هو (الحقيقة والعبرة)، ونحن حقيقة لا نستطيع أن ندفن ملفات كون هناك ضحايا لهذه الملفات وهناك وسائل قانونية لإغلاقها ولكن نحن بحاجة للتعامل مع هذه الملفات في إطارها الموضوعي، فما حدث في 13 يناير من مجازر وأحداث هي نتائج ثقافة قمعية تصفوية إقصائية شمولية معادية للتعددية والتنوع .. هذه الثقافة ليست نتاج صُناع الحدث الذي وقع في يوم الأثنين في 13 يناير 1986 فهذه ثقافة موجودة وهي كانت وراء الحرب الأهلية التي حدثت عشية الاستقلال بين الجبهة القومية وجبهة التحرير وإقصاء أحد أطراف العملية الوطنية في تلك الفترة وهي كانت وراء أحداث أغسطس 1968م في صنعاء والتي تم فيها القتل ليس بالهوية وإنما باللهجة وتم فيها تنفيذ مجازر جماعية وراح ضحيتها أشرف قادة الثورة اليمنية والمدافعون عن الجمهورية.. هي نتائج ثقافة ينبغي أن يعلم أجيالنا الآن ضرورة نقدها بعقل نقدي وضرورة التسلح بالقيم الانسانية التي يجب أن نتعلمها من نتائج هذه الثقافة في كيف نعيش بتسامح وبحرية وكيف نعترف بالآخر ونضع إطارا للتعددية وكيف نضع إطارا للاختلاف، فكل الذين شاركوا في حرب 13 يناير ليسوا أبرياء (القتلة والضحايا) ولكن كلنا ضحايا لثقافة شمولية قمعية إقصائية وأعتقد أننا بدأنا ندفن هذه الثقافة في 22 مايو 1990م».

< الزميل أيمن محمد ناصر، رئيس تحرير صحيفة «الطريق» قال :«أي محاولة لمقاربة فهم ما جرى في 13 يناير 1986م لن يكتب لها النجاح ما لم يكتب لها قراءة البدايات الأولى للعنف والتصفية التي تكرست كثقافة وكمفهوم إبان الحرب الأهلية عشية الاستقلال ومن ثم 22 يونيو 1969 وما 13 يناير إلا تراكم لكل تلك النزاعات والتصفيات أو أحداث سالمين وما تلاها فعلينا أن لا نتوقف عند أحداث 13 يناير دون ان ننظر إلى الآلاف من قبل لأن أي نزاع عسكري يحدث في مثل هذه المأساة، فنحن علينا ان نتحدث ايضاً عن من ذهب ضحية في زمن السلم دون أي تهم، دون أن يكون الهدف من ذلك هو تصفية حسابات أو نبش الماضي أو أثارة اي نزاعات مستقبلية.

وهنا نقول إن ثقافة التسامح يجب أن تكون سائدة ولكن لها شروطها أولاً الكشف عن الحقائق وأن من كان في موقع المسئولية واتخذ قرارات بهذا المستوى أو ذأك عليهم أن يتنحوا وان يتركوا الفرصة لغيرهم».

> الزميل نجيب يابلي، قال :«أحداث يناير ينبغي أن لا توظف لحسابات سياسية للتشهير أو للنيل، فلا ينبغي أن نحجم النظام الحاكم الذي كان قائما في الجنوب او توصف قياداته بأنها قطاع طرق. كانت هناك جهود يمنية عبر لجان وحدوية مشتركة من عام 1972 إلى 1990م مارست هذه المهام وكان آخرها اتفاق 30 نوفمبر 1989م ولكن حين يقولون ان هؤلاء قتلة فهذا معناه انهم يشككون بالوحدة وأن المثل القائل «ان الطيور على أشكلها تقع» وأن القتلة من الجانبين هم من وقعوا على الاتفاقية، فينبغي أن نحاسب لهذا المحظور فإن شوهناه، فإن ذلك يعني اننا نشوه أنفسنا».

< وقال د. صالح ميسري، عضو الهيئة التدريسية بجامعة عدن في مداخلة له: «كل ما حصل من صراع من بداية الاستقلال هو صراع عن السلطة، حيث كان تكوين الحزب الاشتراكي تكوينا قبليا عشائريا وعلاقة القرابة، أحداث 13 يناير لم تأت صدفة ولكنها جاءت بتدبير مرتب كما لدي بعض الاقتراحات منها: مقترحات لمراعاتها وهي عدم اللجوء لاستخدام السلاح للقوات المسلحة والأمنية لحل الخلافات الداخلية، التمسك بالديمقراطية ، الولاء لله عز وجل ثم الوطن، الثروة للشعب اليمني لا لغيره، الغاء المركزية الإدارية، محاربة الفساد بكل أشكاله، ممارسة الديمقراطية بكل أشكالها».

< أما الزميل عبدالله ناجي، فقد دعا الى أهمية التفريق بين وجهة نظر السياسيين ووجهة نظر الحقوقيين، وقال في مداخلته: «يقول السياسيون عفا الله عما سلف، بينما لغة العصر اليوم هي لغة حقوق الانسان، بمعنى ان من حق السياسيين ان يطرحوا آراءهم ولكن الحل الجذري لهذه القضية هي قضية حقوقية ذهب بها ضحايا وكوادر، باعتقادي أنه لولا الظروف الاقتصادية المتردية لخرج الشعب في الجنوب يطالب بإظهار الملف الى السطح، فالظروف الاقتصادية جعلت المواطنين ينشغلون بظروف ثانوية، بينما هذه قضايا سياسية، وأرى أن حل هذه المشكلة يبدأ بوضع خطة للتعاطي معها وذلك بالتنسيق مع منظمات حقوق الانسان، وهذه الخطة يجب أن ترصد لها مبالغ كبيرة من المال لتعويض الضحايا معنوياً وإعادة اعتبارهم ومن ثم تعويضهم التعويض المادي.

جانب من الحضور
جانب من الحضور
ان العبرة من هذه اللقاءات هي ابلاغ رسالة للسياسيين ومحاسبة للتاريخ».

< وفي مداخلته أكد الزميل د.هشام محسن السقاف، بأن «العامل الخارجي كان موجودا في أحداث 13 يناير فقد يتذكر بعض من كان من صناع القرار ـ لحد ما ـ ان ما كان يحدث في الكرملين كان ينعكس مباشرة في عدن، فنحن كنا نموذجا مصغرا أو هكذا وجدت المعادلة السياسية في جنوب الوطن.

متى نستطيع أن نخرج أو متى نستطيع أن نصد الأبواب على أي تأثيرات خارجية؟.. فهذا لن يحدث إلا ببنية اقتصادية قوية وديمقراطية مؤصلة، وأؤكد ان الديمقراطية إن كانت موجودة في 1967م لما أقصي الناس من وظائفهم ولما هجرت الكوادر والخبرات اليمنية إلى الخليج وغيرها من البلدان».

< بينما قالت الأخت فاطمة سعيد، أرملة أحد ضحايا أحداث 13 يناير 1986م:«أرفع من هنا إلى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح أن يبدأ بفتح الملفات ومحاكمة كل من تلوثت يده بقطع رؤس الأبرياء من دون محاكمة حتى تشفى قلوبنا.

وهنا أقول كل من قتل في 13 يناير يجب أن يبتعد عن السلطة وأن لا يطالب بها لانه غير أمين على السلطة وعلى المواطن ويجب أن يتم الابتعاد والتنزه عن القبيلة والمحسوبية».

< بينما رأت الزميلة أسماء الحمزة، من المعهد الاعلامي في مداخلتها أن نظام الحكم السابق في الجنوب كان أفضل بالنسبة للمرأة وفي الجانب المعيشي، حيث قالت:«للأسف فترة تقييد الاسماء في الانتخابات بدأت ظاهرة تتعمد النبش في مساوئ النظام السابق في الجنوب، في حين يجب ان نكون موضوعيين عند الحديث عن تلك الفترة، لان هناك كانت محاسن للنظام ويجب أن نعترف بها وكانت هناك أشياء جميلة بالنسبة للمرأة والفقراء والوضع المعيشي.. صحيح أن 13 يناير كانت كارثة، لكنه حدث مثلها في شمال اليمن وحدث مثلها ايضا في عام 1994م، وحين نتحدث عن هذا الملف يقولون انفصالي فلماذا ؟ يجب أن نأخذ قضايانا جملة وتفصيلاً، إذا كنا نريد ان نتحدث عن واقعنا، وما نحن به اليوم أليس هذا مأساة؟ ومن مات في هذا الوقت أكثر بكثر ممن مات في 13 يناير من الجوع والفقر بسبب الفساد».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى