التغيير أم الإصلاح ورأب الصدع

> محمد علي محسن:

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
افتتاحية «الوطن» الكويتية لم تكن على خطأ عندما انتقدت بشدة الحجج التي يسوقها النظام السياسي في اليمن ويرددها العرب منذ ستين عاماً برغم مثالبها المعطلة للتنمية وعلى تجاوز ومبارحة واقعهم المتخلف والمتراجع، ومع الأشقاء في الكويت كل الحق لو تعالت أصواتهم وقالوا (نحن إذا وجدنا صدعاً لا نرأبه، بل نكسره لنعيد البناء على أسس سليمة متينة وليعلم المسئول اليمني أو غيره، أن البقاء تحت سقف كويتي سليم قوي خير من البقاء تحت مظلة عربية متصدعة لا تعرف في أية لحظة تنهار فوق رؤوس الجميع بسبب حماقة من هذا أو ذاك).

لسنا هنا بمقام من يصب الزيت في النار في علاقة بلادنا ودولة الكويت الشقيقة ولا بمكان ووقت يسمحان لنا بنقد الخطاب الإعلامي الرسمي الانفعالي والعاطفي والمتأثر بتراجيدية اللحظة الأخيرة، وليس لما تستوجبه المواقف إزاء قضايا وطنية وقومية ودولية من هذا القبيل ولها تبعات وتأثيرات على مصالح وعلاقات دول وشعوب، ولكننا في هذه التناولة نحاول تبيان الحاجة الملحة للتغيير المؤسس لبناء صحيح وسليم مثلما هو مضمون خطاب الأشقاء في دولة الكويت والذي لاشك بدعوتنا له من قبل، أكان التغيير المنشود في النظم السياسية أو من الحكام أو الشعوب العربية المتطلعة لتغيير واقعها المتخلف سياسياً واقتصادياً ومعيشياً وثقافياً ومعرفياً وديمقراطياً.. إلخ من التحديات العولمية الماثلة مع جزمنا بأهمية الكسر والهدم لهذه القاعدة الصنمية من الخطاب أو الفعل والسلوك إذا ما أردنا البناء والشراكة القوية المتساوقة مع هذه التحديات العصرية، لا كما هو واقع الحال ويراد له البقاء والاستمرارية على منوال المحاولات الدؤوبة لرأب الصداع وإصلاح وترميم للبيت العربي أو للعلاقات بين الأشقاء.

نعم لا جدوى أو ديمومة من محاولات الإصلاح والرتق للعلاقات والشراكة إذا كانت القاعدة المقامة عليها غير صالحة وهي أقرب للسقوط والانهيار على رؤوس أصحابها في كل الظروف والأحوال. لنصف قرن من الزمن ونحن لا فعلة لنا أو هدف جمعي سوى الترقيع والترميم لمنظومة العلاقات غير الصحيحة أو السليمة من أصلها، والنتيجة ماذا ؟ لا علاقات قوية متينة ولا شراكة حقيقية ومستديمة ولا البيت العربي العتيق استظل الأخوة تحته من نوائب وأطماع ومشكلات الجغرافيا أو الأيديولوجيا أو الهيمنة والاستبداد، وعلى العكس من ذلك كان للأمم والدول الأخرى أن هدمت وأعادت البناء من جديد وتطورت وهاهي اليوم موحدة ومزدهرة في كنف علاقات شراكة قوية سليمة رغم كل الاختلافات العرقية والدينية والسياسية والثقافية والتنموية.

المطلوب في الحاضر هو التغيير لمجمل السياسات الخاطئة وللخطاب الثوري النزق غير المدرك أو المستوعب لمدى التغيير الحاصل في العالم. رحل الاستعمار وسقطت الشعارات والأيديولوجيات واحدة بعد الأخرى مثل أوراق الخريف، وها هو الاستعمار الأجنبي يعود لأوطاننا ثانية وبأدوات وشاكلة مختلفة، ونحن كما نحن لا شيء فينا تغير للأفضل، خطابنا لرأب الصدع ولردم الهوة ما زال ماثلاً وجامعتنا كلنا في انتظار لحظة السقوط لسقفها، ديمقراطيتنا وتنميتنا وحاضرنا ومستقبلنا على كف الشيطان، وحدتنا وعروبتنا ومجدنا وتاريخنا جميعها انكسرت ووئدت في ظل هذه النظم السياسية المتخلفة والمنشغلة بإصلاح أوضاعها الوطنية وبترميم ما خربته بيديها في لحظة ثورة ونرجسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى