أنين عدن

> محمد فارع الشيباني:

>
محمد فارع الشيباني
محمد فارع الشيباني
كانت خالتي (فطوم) رحمها الله تقول لي وأنا صغير «عندما يمرض الإنسان ويتألم ويصرخ رغم مرضه فإنه يدل على أنه سوف يتعافى ويقوم، ولكن عندما يئن الإنسان بدون ألم أو صراخ أنينا فقط، فهذا دليل على أنه سوف يلاقي ربه بعد قليل».

لا أدري حتى الآن إذا ما كان كلامها ذلك حقيقة أم لا، ولكن قولها ذلك يندرج ضمن حكمة الشعوب المتوارثة عبر الأجيال. إن عدن الآن تئن أنيناً مؤلماً وصامتاً مما تعانيه، وبالأصح ما يعانيه أهلها، فهل قرب أجلها، أي أنها اقتربت من الموت، لا أظن ذلك، لأن المدن أو بالأصح المجتمعات البشرية من تلك المدن لا يمكن أن تنطبق عليها حكمة خالتي (فطوم) .

وهناك أمثلة كثيرة على ذلك عبر التاريخ الإنساني، فمثلاً مدينة (ستالينجراد) السوفيتية عندما حاصرها النازيون وضربوها بمئات بل آلاف القنابل من السماء ومن الأرض، دمرت كلها ولكن أهلها ظلوا صامدين فأكلوا القطط والكلاب والفئران، وصمدوا وقاوموا إلى أن هزموا الحصار وحرروا مدينتهم، وكان ذلك بداية التحرير لكل الاتحاد السوفيتي آنذاك.

وهناك مثل آخر مدينة باريس أو كما يطلق عليها مدينة النور، عندما جاع أهلها وتألموا وماتوا من البرد في الشوارع، ولكنهم ثاروا وأهدوا ليس لفرنسا فقط، بل للعالم كـلـه مـبادئ الـعـدالة والمـسـاواة والأخوة.

ولأجل هذا مع حبي واحترامي للإنسانة الغالية على قلبي خالتي (فطوم) أرجو أن تسمح لي بأن أخالفها الرأى، رغم معرفتي بأنها لا تستطيع ذلك، رحمها الله.

نعم إن عدن تعاني منذ أربعين عاماً، ووصلت معاناتها أخيراً إلى مرحلة الأنين، لكنها لن تموت لأنها أم المدن وكما تقول الأسطورة فقد أسسها قابيل ابن آدم عليه السلام، وعاش في قلعة صيرة كما تسمى الآن، وعبر التاريخ الطويل تعرضت لكل شيء، أحرقت ودمرت، ولكنها بقيت حية تتحدى الزمن، وفي كل مرة كانت تحول ضعفها إلى قوة، ودمارها إلى بناء، وخوفها إلى أمان، وفقرها إلى غنى، وكان جبل شمسان يقف بكبرياء حارساً على بابها، وأولياء الله من حولها يحمونها بإذن الله من كل مكروه.

وأخيراً كلمة للحزب الحاكم الذي لم يعمل شيئاً من أجل عدن، والكلمة نفسها لأحزاب المعارضة التي لم تقل حتى ولو كلمة حق من أجل عدن، أقول تذكروا أن الانتخابات البرلمانية بعد عامين إن شاء الله، وحينها سوف يقول أبناء عدن كلمتهم وعبر صناديق الاقتراع، فهم يعرفون قوة صوتهم وقد استعملوه بوعي في الانتخابات الرئاسية والمحلية.

اللهم اجعل من ضعف عدن قوة، ومن حزنها سعادة، ومن أنينها عافية، إنك على كل شيء قدير، آمين يا رب العالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى