مع الأيــام .. استغاثة من مدينة مظلومة

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
نبرات صوته عكست الأسى لحال مدينة عريقة عرفها قبل ثلاثين ونيف من الأعوام موئلاً للجمال والإبداع والثقافة فهي - والمعني بطبيعة الحال حوطة لحج المحروسة بالله - حاضرة العبادل التي تسحر القلب وتأخذ الألباب بدون منازع حيث يتماثل جمال الطبيعة ببساطة الإنسان الذي يدنو من عشب يميل ويعلو كنخل «الحبيل» بملكات تتفجر من كوامنه غناء وطرباً وأدباً من غير أن تشغله مشاغل الدنيا عن الزراعة والري وتقنين سلطة السلطان - إن لم تكن سطوته - بدستور ريادي غير مسبوق على الأقل في الجوار العبدلي، إلى ما هنالك من سمات المدينة التي تطبع بها الأهالي، وكانوا كما كانت أرضهم امتداداً يتكامل بعدن وأهلها والشواهد كثيرة.

كان محدثي - هو إعلامي احتضنته دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة - قد أذهله العبث والفوضى والقاذورات التي يحفل بها شارع الحوطة الرئيس، حتى لكأنه قد اختلط عليه الأمر - بعد كل هذه الغيبة عن الحوطة - فطالب من يقود السيارة أن يسرع قليلاً للخروج من هذا الشارع والوصول به إلى مبتغاه.. ضالته التي اشتاق إليها.. الحوطة، وكانت المفاجأة المحزنة عندما أجابه السائق (وأظنه ابن محدثي): بأنه - الآن - في قلب الحوطة وكانت هذه قمة تراجيديا موت مدينة كانت تستقبل زوارها قبل وصولهم إليها برائحة الزهور والفل والياسمين والكاذي، ثم تتمتع العين بنظافة حواريها وجمالية قصورها وبيوتها وأناقة أبنائها، كما يستمتع الزائر بلطافة جوها وخضرة بساتينها وطيب فواكهها. هذا كله ربما كان حاضراً في مخيلة صاحبي المتحدث معي بألم عن وضع عاصمة لحج كما رآها هو بعد كل هذه السنين.

إن أي تطور لا تلمسه العين في هيئات الناس وفي أماكن عيشهم هو نوع من المغالطة والدجل والضحك على الذقون. وهذه المدينة كما هي كل مديريات محافظة لحج بحاجة لجهود حثيثة واهتمام أكبر للنهوض بأوضاعها، فهي واسطة عقد الوطن الذي يربط جنوبه بشماله، وهي لا تستحق كل هذا التجاهل والنسيان إلا ما يكون من التفاتة عجلى في المواقف المهمة، وقد برهن أبناؤها في الانتخابات الماضية على حسهم الوطني بالرغم من ذلك النسيان.

إن كثيراً من العمل الجاد لصالح المدينة المظلومة والإنسان فيها وفي لحج عموماً هو نصب أعين إخواننا في السلطة المحلية برئاسة الأخ العزيز والشاب المقتدر عبدالوهاب يحيى الدرة، محافظ المحافظة وأخيه الشاب المقتدر - أيضاً - علي حيدرة ماطر، الأمين العام للمجلس المحلي ولا يجوز إطلاقاً أن تنقضي فترات مسئولياتهم ولحج كما هي بعد أن انقضت الفترة السابقة دون تطور حقيقي يرفع هذه المحافظة من أوضاعها المتردية لتلحق بمثيلات لها ظهرت ملامح التطور فيها ويكفي أن نناشد إخواننا في المجلس المحلي بالحوطة أن يشمروا عن سواعدهم للمحافظة على النظافة في شوارع وأحياء المدينة - وهو أقل ما يجب أن يفعلوه - وأن يبدأوا حملة منظمة للحفاظ على معالم الحوطة التاريخية مثل جوامعها وقصورها ومدارسها وخاصة المدرسة المحسنية بعد أن طالها العبث وتعرض بعضها للاقتحام والإهمال وكأنَّ هذه المدينة قد خلت من راشد يشعر بالغيرة عليها.

إنَّ مقدار ما سيسجله المواطن من تقدير وحبٍّ للمسئولين - وخاصة المنتخبين منهم - يتحدد بمقدار ما سيحفرونه في ذاكرة الأرض والإنسان من أعمال تعيد الاعتبار لمدن تاريخية عريقة كحوطة لحج، وما يقدمه من خدمات للمواطنين وما أكثر ما يحتاجه المواطن في الحوطة والحبيلين وقرى لحج والصبيحة والمضاربة من خدمات وبنية تحتية، دون أن نعفي هذا المواطن من التفاعل والمساعدة لإتمام كل جهد خير يبذل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى