مع الأيــام .. تجربة منطقة يافع في التسامح والتصالح

> د.صالح يحيى سعيد:

>
د.صالح يحيى سعيد
د.صالح يحيى سعيد
تعتبر يافع من المناطق الواسعة أرضاً وسكانا حيث تمتد من رصد بمحافظة أبين إلى الحد المجاور لمحافظة البيضاء,ومن ناحية التقسيم الإداري الحالي فإنها موزعة على ثماني مديريات تقع أربع منها في منطقة يافع العليا والمعروفة من الناحية التاريخية باسم «يافع بني قاصد» ومقسمة من الناحية القبلية إلى خمسة مكاتب هي: المفلحي، الموسطي، البعسي، الحضرمي والضبي. أما المديريات الأربع الأخرى فإنها تقع في يافع السفلى والمسماة من الناحية التاريخيه «يافع بني مالك»- رصد حالياً.

كما أنها مقسمة من الناحية القبلية إلى خمسة مكاتب أيضاً وهي: الكلدي، السعدي، الناخبي، اليزيدي واليهري.

ومع الأخذ بعين الاعتبار الترابط الأخوي القوي بين كافة المديريات والمكاتب المذكورة واحتفاظها بالأعراف والتقاليد القبلية القديمة الإيجابية، إلا أنها جميعا مندمجة ضمن محافظتي لحج وأبين وتعمل كغيرها من المحافظات الأخرى من أجل تطبيق سيادة النظام والقانون بمفهومها الحديث والعادل. والمسألة التي أود توضيحها هنا هي أن جميع مناطق يافع قد شهدت قبل الاستقلال محنة الفتن التي تمثلت في الاغتيالات والاعتداء على الأرض والتهديدات. هذا الوضع جعل سكان المناطق يعيشون حالة عدم الاستقرار والأمن والأمان. ولكن منذ نهاية عام 1963م تقريبا بدأت تنتشر فكرة الصلح والمصالحة بصورة واسعة ومقبولة بين مواطني المناطق، وذلك بفضل تلك العناصر المتنورة والمدركة تماماً لمعنى وخطورة الفتن القبلية التي تذهب ضحيتها النفوس وقوة المواطن وأمنه.

غير أنه منذ منتصف العام 65 تطورت الفكرة بعقد عدة لقاءات موسعة حضرتها جموع كبيرة، سواء أكان ضمن كل مكتب على حدة أم لجميع المكاتب ومنها تلك التي عقدت في مناطق السعدي ولبعوس ومشألة ويهر وغيرها.

والأهم فقد تكونت في يافع لجان إصلاح رئيسة وفرعية . وكان لكل من جبهتي سرويت العسكرية والإصلاح اليافعية بقيادة المناضلين :على محضار وسالم عبدربه دور كبير إن لم يكن حاسماً وذلك في تشكيل اللجان المذكورة، والتأكيد على ضرورة وضع حلول للفتن السائدة.

وكانت اللجان تضم في عضويتها عناصر من الثوار والمشايخ والعقال، ومن تلك العناصر المتنورة الأخرى المستقرة في المناطق والتي عاش بعضها في عدن أو الخارج.

ولقد استطاعت لجان الإصلاح وبقدرة متميزة أن تحل جميع الفتن بصورة دائمة أو مؤقتة عن طريق الصلح بين الأطراف المعينة، كما شمل نشاط اللجان العمل على محو الأمية وبناء بعض المدارس لتعليم القرآن والخط والحساب وتنظيم الزكاة (العشر) وتوزيع المنشورات، ودعم الثوار وبث الوعي الوطني والاجتماعي، وعقد اللقاءات ضمن كل منطقة وبين كافة المناطق.

إضافة إلى هذا فقد امتد تأثير نشاط اللجان إلى مناطق أخرى خارج يافع كمساعدة ثوار ردفان، وحل الفتنة التي نشأت مع قبائل البيضاء، والتنسيق مع الاتحاد اليافعي في عدن .

لقد كانت تجربة يافع في مجال التصالح والتسامح فريدة من نوعها . ونأمل من كافة أبناء يافع ومسئوليها وفعالياتها الاجتماعية والسياسية العمل يداً واحدة لحل ظاهرة الفتن التي بدأت تظهر في أكثر من منطقة في يافع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى