الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد

> القاضي/سمير عبدالله شوطح:

>
سمير عبدالله شوطح
سمير عبدالله شوطح
في 31 أكتوبر من العام 2003م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الموسوم 58/4 (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد) وتم التوقيع على هذه الاتفاقية في مدينة ميردا المكسيكية في المؤتمر التأسيسي المنعقد خلال الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر 2003م. الجدير بالإشارة أن بلادنا كانت قد حضرت ممثلة بوفد رسمي مفوض للتوقيع أثناء انعقاد المؤتمر التأسيسي المشار إليه.

والمتصفح لهذه الاتفاقية يجدها قد احتوت على ديباجة و(71) مادة توزعت على سبعة فصول: الفصل الأول جاء بعنوان «أحكام عامة» والفصل الثاني «التدابير القانونية»، أما الثالث فجاء بعنوان:«التجريم وإنفاذ القانون» وهو أكبر فصول الاتفاقية شمل المواد من (15) إلى (42)، والفصل الرابع «التعاون الدولي» أما الفصل الخامس فكان «استرداد الموجودات» والفصل السادس من الاتفاقية جاء بعنوان «المساعدة التقنية وتبادل المعلومات» والفصل السابع والاخير حمل عنوان «آليات التنفيذ» وضم المواد من (63) إلى (71).

ونوهت الديباجة التي تصدرت هذه الاتفاقية إلى دواعي إبرامها. ومن أهم ما جاء في هذه الديباجة: «إن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية إذ تقلقها خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها، مما يقوض مؤسسات الديمقراطية وقيمها والقيم الأخلاقية والعدالة ويعرض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر، وإذ تقلقها أيضاً الصلات القائمة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة وخصوصاً الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية، بما فيها جريمة غسل الأموال».

وجاء في هذه الديباجة أيضاً: «واقتناعاً منها بإن الفساد لم يعد شأناً محلياً بل هو ظاهرة غير وطنية تمس كل المجتمعات والاقتصاديات مما يجعل التعاون الدولي على منعه ومكافحته أمراً ضرورياً.. واقتناعاً منها بأن اكتساب الثروة الشخصية بصورة غير مشروعة يمكن أن يلحق ضرراً بالغاً بالمؤسسات الديمقراطية والاقتصاديات الوطنية وسيادة القانون .. وإذ عقدت العزم على أن تمنع وتكشف وتردع على نحو أنجع الإحالات الدولية للموجودات المكتسبة بصورة غير مشروعة وأن تعزز التعاون الدولي في مجال استرداد الموجودات.. وإذ تضع في اعتبارها ايضاً أن مبادئ الإدارة السليمة للشؤون والممتلكات العمومية والإنصاف والمسؤولية والتساوي أمام القانون وضرورة صون النزاهة وتعزيز ثقافة نبذ الفساد...».

وحددت المادة الأولى من هذه الاتفاقية أغراضها كما يلي:

1) ترويج وتدعيم التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد بصورة أكفأ وأنجع.

2) ترويج وتسيير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال منع ومكافحة الفساد بما في ذلك مجال استرداد الموجودات.

3) تعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشؤون العمومية والممتلكات.

ويجد المطالع لمجمل نصوص هذه الاتفاقية أنها عكست المستوى الخطر الذي بلغه الفساد على المستويات الوطنية والدولية، الأمر الذي وجب معه ضرورة الارتقاء بوسائل مكافحة الفساد مع اعتماد آليات وطنية ونظم وآليات دولية يمكن معها ليس فقط محاسبة الفاسدين ومساءلتهم، بل ويمكن معها استرجاع وإعادة ما حصلوا عليه من أموال وممتلكات في الداخل أو الخارج. وتعد هذه الاتفاقية بغير شك مكسباً حقيقياً لمختلف الشعوب والمجتمعات التي اكتوت بنار الفساد الرسمي وشبه الرسمي واستغلال النفوذ والإثراء غير المشروع وتبديد الأموال ليس فقط من خلال تجريم هذا السلوك المشين بل وشرعت لاسترداد خيراتها المنهوبة، كما وضعت الأسس العامة للآليات الوطنية المناط بها هذه المهمة الجسيمة وألزمت تعاون الدول في هذا المجال. يمكن القول حقاً إنه مع وجود هذه الاتفاقية الدولية أن نهاية هذا الشر المستطير(الفساد) قد أزفت والمهمة مناطة بالجميع: أفرادا ومنظمات مجتمع مدني وشعوبا ودولا. ونأمل أن يكون قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد الذي صدر نهاية العام المنصرم 2006م في بلادنا بداية حقيقية وفعلية لاجتثاث الفساد في يمن الإيمان والحكمة.. والله المستعان في كل الاحوال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى