يوم من الأيــام .. دائرة مستديرة!!

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
في مسرحيته الكوميدية الشهيرة (شاهد ما شافش حاجة) قال عادل إمام، الشاهد في المسرحية، للقاضي في المسرحية، حين سأله عن أية إضافة يود إضافتها إلى إفادته عن أن القتيلة، في المسرحية، كانت راقصة قال: نعم أنا حضيف.. الحقيقة أنها كانت راقصة وكانت (بترقص)، فعلق القاضي متهكماً: يا عيني نورت المحكمة بهذه الإضافة.

تذكرت هذه القفشة المسرحية حين قرأت لأحدهم إفادة إعلامية يتحدث فيها عن (دائرة مستديرة - هكذا نصاً - عقدت قبل شهر خرجت بمجموعة من التوصيات المتعلقة بالاستثمار). المتحدث قصد الطاولة المستديرة وهو مصطلح يقصد به عقد لقاء ليست له رئاسة فكل من يجلس حول الطاولة له مسؤولية الآخرين نفسها وحريتهم، وربما هناك قواعد شكلية أخرى يدركها فقهاء البروتوكول.

الدائرة أصلاً مستديرة ولا توجد لها أشكال أخرى، لكن الأهم أن جموع الناس لم تعد تعير اهتماماً يذكر لمصطلحات من نوع: طاولة مستديرة أو ندوة أو ورشة أو حتى تشكيل حكومي جديد، فقد ثبت بالممارسة العملية أن مستوى المعيشة والأداء العام في حالة تراجع مستمر ومخيف.

تعاقبت منذ قيام دولة الوحدة (8) حكومات تقريباً وعقدت عشرات الورش والندوات والطاولات المستديرة والحوارات وعدد لا يحصى من الاجتماعات، وصدرت أكوام من القرارات ناهيك عن الأعداد الكبيرة من القوانين الجديدة والمعدلة، بعضها يناقض الآخر دون علم المشرع، لكن أياً من كل ذلك لم ينتج عنه اختراق يؤدي إلى تحسن من نوع ما، بل إن العكس هو الصحيح فقد بلغ تراجع القدرة الشرائية لدخل الناس بفعل التضخم ليصل إلى تناسب (1/17) تقريباً، وسقطت مجانية التطبيب، ودعم الغذاء، وازدادت أعداد العاطلين عن العمل، وأعداد العمالة الفائضة، بفعل تبديد القطاع العام، وأعداد المتقاعدين قبل الأوان، ومعظمهم من الجنوب بعذر وجود سجلات وظيفية وشهادات ميلاد ساعدت على كشف أعمارهم وخدماتهم!! هل رأيتم عذراً أقبح من هذا؟ وتراجع خلال هذه السنوات الاستثمار بل تم تطفيشه، ومع ذلك مازال هناك من يتحدث عن ورش وندوات وطاولات مستديرة.

كثر أيضاً الحديث مؤخراً عن توقع تشكيل حكومي جديد، وترددت تسريبات في وسائل إعلامية عن أن هناك طلبات للمانحين بإجراء هذا التشكيل ليتناسب مع استحقاقات مرتبطة بهؤلاء المانحين لا تخلو من مصالح مشتركة، وأياً كان الأمر فإن أي إخفاق يواجهه أي تشكيل حكومي قادم في تحقيق اختراق إصلاحي، سيجعل وضع بلادنا في غاية الصعوبة، تصبح معه استعادة ثقة الداخل والخارج أمراً صعب المنال.

هناك هروب من وضع اليد على الجرح والتعامل مع الأسباب الحقيقية للإخفاق المزمن، فمن مشاكلنا تداخل المسؤوليات وقفز من له القدرة على الأنظمة والقوانين دون رادع وتغليب مصالح خاصة على المصالح العامة والتكسب على حسابها، بجملة أخرى سيطرة الفساد وغياب سطوة القانون. وإذا لم تتم مواجهة ذلك فسنظل في الدوامة نفسها نكرر أنفسنا بوجوه مختلفة ومضمون واحد، ولن تجدي الورش والندوات وحتى الاستراتيجية العصماء وتصبح مقولة صاحبنا «دائرة مستديرة» عبارة عن حلقة مفرغة ندور فيها لا ندري لها نقطة نهاية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى