أجراس الدلافين

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
يُقال عن الدلافين أنها صديقة الإنسان ومؤنسته إذا ما ضل في بحار الله فصادفته أو صادفها، وفي هذا المضمار تروى حكايات كثيرة بعضها مما يتقبله العقل، رغم أنه دائما وبالتجربة لا يعقل كل شيء وخاصة في عالم الخوارق، وبعضها يشوبه شيء من الخيال اللطيف الذي يحاول أنْسَنَة الكون ومخاطبته على غرار الإنسان ولا يخلو الأمر من حقيقة، أما البعض الأخير فيجنح إلى الاختراع مما يليق بالفشارين الذين إذا سمعوا حكاية نسجوا على منوالها بما يفوقها حبكة ويجعلها حكاية باهتة إلى جانب ما يتفوهون به، ولله في خلقه شؤون.

وفي حياتنا الكثير من هؤلاء الذين يقال عن بعضهم إنهم «زينة المجالس» نظرا لخفة دمهم ولأنهم يكتبون على بضائعهم بكل أمانة وصدق أنها «من صنع الخيال»، أما البعض «البعوض» فهم أولئك الذين لا يندى لهم جبين، فهم غلاظ بدم ثقيل وتجد حقيقة بضاعتهم في أيمانهم، حين يحلفون بكل مقدس أن ذلك الأمر «الفاشر» قد رأوه عيانا جهارا نهارا وهم يعلمون أنهم كاذبون، وينطبق عليهم قول الشاعر:

إذا حل الثقيل بدارقوم

فما للساكنين سوى الرحيل

عموماً.. نعود إلى الدلافين المستأنسة التي لا تعرف الفشر ولا تستسيغ الفشارين، وقد رأيتها، ولم أسمع عنها في «عالم السفاري» تؤدي القفزات الناصعة من فوق الحبال المشدودة، ثم تُرمى لها الكرات في الجو فتلاحقها ثم تعود بها إلى مدربيها وهي جذلى تكاد ترقص من الفرح، علما بأنها تؤدي رقصا دولفينيا على أنغام الموسيقى يحسدها عليه «ألفس بريسلي» ملك الروك، كما أنها تودع الجمهور باستخدام أذيالها كما يستخدم البشر أيديهم، وهي في كل ما تأتيه أو تهجره تسير على تعليمات مدربيها، وكل ذلك في نسق يجعل الصغار من المتفرجين يفتحون أفواههم من الدهشة في عروض لا تمل ولو شاهدتها مائة مرة، وهكذا يصفق لها الجميع، وهي لا تعلم من أمر تصفيقهم شيئا بل ولا تبالي به فكل همها هو الحصول على المكافأة المتفق عليها وهي عدة سمكات توضح في أفواهها عقب كل حركة تؤديها، فما أن تنتهي من إحدى الفقرات حتى تسبح هادرة إلى المنصة لأخذ المقسوم، ولو أخل الطرف البشري بشروط التعاقد لأضربت الدلافين عن العمل وربما التهمت ظالميها، وفي هذا عبرة لبني البشر لا يبنغي أن تغيب عن أذهان الفطنين من المشرّعين والقائمين على شؤون الناس وشجونهم، فلابد لكل إنسان كما لكل حيوان من رزق معلوم ولابد لكل عمل من مقابل وإلا فسدت الأرض واختل نظامها.

لقد درس العالم الروسي «بافلوف» الاستجابة الشرطية بين الجرس الذي يؤشر للطعام ولعاب الكلب الذي يسيل وذلك للارتباط الشرطي بين صوت الجرس ووقت الأكل، واكتشف أن الكلب يمكن أن يستجيب للجرس حتى دون وجود الأكل ولكن استجابته ستضعف تدريجيا حتى تتلاشى حين يكتشف أنه يتم التلاعب به.. وهكذا هو الحال في عالم الدلافين وأجراسها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى