وكل الوزراء الحضارم..

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
ربما لم يدر بخلد الأستاذ الراحل محمد عبدالقادر بلفقيه من الحزب الوطني الحضرمي في خمسينيات القرن الماضي وهو يقود احتجاجاً مشهوراً بانتفاضة القصر آنذاك وماشابه من ملابسات قد لا تكون مقصودة ومبيتة، أن يمضي الزمن ويؤجل حلم الوزارة الحضرمية إلى ما بعد حيث يتبوأ الشاب الحضرمي محمد عبدالقادر بلفقيه وزارة التربية في حكومة استقلال الجنوب ودولته ورجاله، والمتتبع لحلم الوزارة بحضرموت في الدولة القعيطية منذ استتباب الأمن والسلام والصلح الذي جرى منذ 1935م يجد أنه تم التمهيد لهذا الأمر منذ 1920م بمؤتمر الشحر وسنغافورة وإصلاح أحوال حضرموت واقتصادها وسكانها ومستقبل النفط والثروات بها.

الوزارة الحضرمية تأرجحت بين النزاعات وبين الترضية، وحينما بحثت الدولة في حضرموت يومها عن وجاهة دينية سلمت الوزارة لهذه الوجاهة وجاء التوجه من واقع التقسيم للمجتمع الحضرمي ولإرضاء كل حضرموت بالسلطة والاقتناع بها، فليس الأمر هنا كأنه اقتطاع حق الناس ولكن لكل فرد كسرة في القطعة الواحدة، ومن الوزارة إلى حكام الأقاليم إلى الوجاهات الكبيرة البارزة في المجتمع الحضرمي لم يستثن نوع وكتلة أو إقليم، فمن الزعيم باصرة القادم من الأزهر والمصنف في دوعن إلى الحكم بن ثابت في نهد إلى أرض بن دغار الكندي إلى ابن حبريش والنمور الجبلية إلى بانهيم الفارس السيباني إلى البطاطي في الهجرين والقزة وآل بن على الشيخ اليوافع في القطن والسادة العلويين من آل الشيخ أبوبكر المناصب بعينات إلى رجال الحاشية وهو الصورة الحديثة لدولة لا تختزل الوطن في فئة ولا تنفرد باستحداث قدم ومال دون القسمة.

ومن بين كل الوزراء الحضارم وضع التاريخ دولة آل المحضار في المقدمة وهم محضار أبوبكر وحسين ابنه أجداد الشاعر الراحل حسين أبوبكر المحضار، ثم يتعقب الزمن قليلا ويسند ظهره إلى الجدار ليمد في تاريخ حضرموت القدال باشا واسفندي خان وهما وزيران عاشرا الحضارم وأحبا حضرموت وخدما العلم والناس والمجتمع، وفجأة لمع اسم بارز للوزارة الحضرمية وهو السيد أحمد محمد العطاس ومعه دخلت حضرموت التحديث في الستينيات وقاد نشاطاً اقتصادياً مؤثراً وخلق علاقات متينة مع دول المنطقة ثم احتفظ بدفة السفينة في أعاصيرالأفكار الثورية المتدفقة واشتهر عنه حبه للرياضة والفنون وتنمية البادية والتجارة، وأعقبه على مشارف الاستقلال الوزير عوض مسلم بلعلا ويحسب للرجل إنقاذ حضرموت من حرب أهلية وصراع قد لا ينتهي في يوم وليلة.

الوزارة الحضرمية وكل الوزراء الحضارم لم تكن لديهم المكاسب بحجم ما أرادوا ولم يتجاوز هذا الحلم فقد تكالبت عليهم مؤثرات وأسباب أعجزتهم وأخرجتهم نالت منهم قبل أن تكتمل الصورة.

قال الراحل محمد عبدالقادر: حلمنا بسيادة نهج عربي ومنهج تعليمي يكون لحضرموت دور كبير فيه لكن هذا لم يتحقق، وقالوا إن الوزراء في حكومة الاستقلال الذين دخلوا وهم علي سالم البيض وفيصل بن شملان ومحمدعبدالقادر بامطرف وسعيد العكبري اصطدموا بالصراع في السلطة وتناثروا وضاع ريحهم هباء منثورا حتى أن أحد العسكريين القتلة في الصراع كان يطلق على الوزراء الحضارم وغيرهم من الجيش قوله: هؤلاء (معاشر) ما تخافون منهم..! ومضى الوقت.

والسؤال الغريب الذي مازال هنا يتمحور وهو ما سألني إياه باحث في تاريخ حضرموت السياسي قوله ألم تكن حضرموت تستحق رئاسة الوزراء في 30 نوفمبر 1967م أو عضوا في رئاسة الدولة في 1969م وما بعدها؟ دورها كبير ومساحتها وتأثيرها، ونوه لي قيادي في حكومة الاستقلال ارتمى بعد 1969م وقال: نحن حسبنا حساب ولكن الآخرين حسبوها سياسة وقوة على الأرض! وكما قال المغني (ماحسبنا حساب للذي كان بيني وبينك) وهو ما قالته الوقائع وحقائق الصراع.

برز اسم حيدر أبوبكر العطاس كوزير ورجل دولة من وقت مبكر، وفي 1985م ظهرت صورة حيدر على غلاف مجلة «نيويورك تايمز» يوم تولى رئاسة الوزراء في الجنوب لأول مرة كزعيم جنوبي عربي بعد عبدالناصر وبن بيلا فقط آنذاك، وقالت وكالات الأنباء يومها: تنازل الرئيس علي ناصر محمد عن رئاسة الوزراء للعطاس بعد سنوات طويلة في المنصب، وسلطت عليه الأضواء ونجح إلى 1994م ومازال نجما سياسيا حضرميا عربيا كبيرا، وكل الوزراء الحضارم، أيضا يأتي اسم لامع ومحبوب وهو الأستاذ فرج بن غانم وصورته التي لم تهتز أبدا مع حجم المكانة. إنها قصة سياسة الوزارة الحضرمية التي اقتربت منها أسماء ولم تنلها أسماء وتوقفت أمام بابها وجوه وعجزت.. وكل الوزراء حضارم حينما ننشد سلام الدولة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى