أولئك أصحابي

> علي صالح محمد:

>
علي صالح محمد
علي صالح محمد
لكل مدينة مفتاح وفي كل مدينة علم إنساني وحين تكون غريباً في منطقة ما يكون هذا العالم أو المفتاح رمزا للجوء أو للحماية الإنسانية الذي يحسسك بالأمان والانتماء بعيداً عن الخوف الذي يداهمك كغريب... هذا الشعور ينتابني في كل زيارة أقوم بها إلى أبو ظبي عاصمة اتحاد الإمارات.. وماذا أحدثك يا أبتي عن أبوظبي مدينة عشقها الجمال جاءت من العدم إلى الخضرة والزهر والعمران البديع، ليخلق منها فنان شاعر لوحة متناسقة بديعة من صنع الخالق على يد الإنسان.. وهذا يدل على أن القيادة الحكيمة للإمارات والإدارة الرشيدة تصنع المعجزات لأنها تطلق قدرات الإنسان وخيالاته وتوفر له ظروف الإبداع في مناخ الحرية والأمان.

حين تزور هذه المدينة تقابلك وتلمع في سمائها أسماء ثلاثة تربطنا بهم صداقة ومودة حميمة.. الأول رحمه الله وأسكنه فسيح جناته المغفور له نوارة أبوظبي الشيخ عبدالقادر العفيفي الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية قبل عام ليرحل معه ذلك الوهج الخفي لأجمل ما في أبوظبي من ارتباط واجتماع إنساني بشري حميم بين البشر على اختلاف أجناسها ومنابعها القادمة من كل العالم.

ثم يأتيك العلم الآخر وهو الشيخ قاسم عبدالرحمن الشرفي ذلك الآتي من عمق مملكة شرف أوسان الحميرية الرابضة في أعالي الجبال اليافعية ليصنع بعرقه وجهده المقرون بالمثابرة والصبر والعصامية مملكة من المال والإعمار المتنوع الصناعي والزراعي والسياحي في هذه الأرض الطيبة وفي أرض الله الواسعة، هذا العلم حين يقابلك لا يحيطك بهالة من الكرم المتواضع الذي يصنعه بيديه بل يحيطك بأمان الدار خصوصاً حين تكون غريباً عن الدار، لتشعر بدفء المودة وأمان الضيافة المتواضعة العميقة، وقبل أيام كنا وأخي سالم وصديقنا الكبير فضل النقيب في زيارة لمركز أو لمبنى إداراته الحديثة والواقع في المنطقة الصناعية وأيضاً في بعض المنشآت الصناعية لصناعة الأنابيب وصناعة الصلب والحديد.. وأجمل ما رأينا ذلك الحضور الجميل للمهندس والإداري والكادر المحلي والعربي وبينهم يمنيون أكفاء مبدعون يؤدون مهامهم بكفاءة عالية تحظى بالتقدير والاحترام من قبل كل زائر، وهنا لا أستطيع أن أخفي مشاعر الاعتزاز والفخر التي داهمتني تجاه هذا الإنسان الذي أحسست أن ما صنعه وما حققه مع الكفاءة القادرة والمخلصة.. يمنحني الشعور بأنني صاحب الحق كله.

أما العلم الثالث فهو الصديق الحميم الذي أسميه شقيق الروح فضل بن علي ناجي النقيب شيخ وسلطان الكلمة المكتوبة شعراً ونثراً.. ذلك المتواضع الشديد في الظهور والعلانية، البسيط في حياته ولكنه المبدع اليومي الذي يجعل الكلمات تنطق، ويجعل من الجمل صوراً تعبيرية مدهشة.

ومن دون هذه الأعلام - مع اعتذاري للأعلام الكبيرة الأخرى التي لا أعرفها وتصنع مجداً إنسانياً مقابلا هنا أو هناك- من دون هؤلاء الأصدقاء لا تشعر أن المدن تحتضنك بمودة حين تزورها، لهذا نصح الحكيم ابنه أن يبني في كل مدينة بيتاً، وكما قال الشاعر الفرزدق:

أولئك أصحابي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى