> ولدي العزيز هل تعلم بأنك منذ وطأت قدماك على كوكب الأرض أحسست بأنك زهرة ظامئة بحاجة دائمة إلى جرعات زائدة من العطف والحنان والرحمة وإلى المزيد من الرعاية والاهتمام والتشجيع فمن لك غير أبيك يحقق لك هذا ويمسح على رأسك وقت الأحزان ويكون لك العون والسند في كل الشدائد والمحن بل من غير أبيك يكون لك الضوء الذي ينير درب حياتك وترسم مشوار الحياة تحت أنواره ألا ليته يعلم ذلك من تسبب في بعدي عنك وقطيعتي لك وفي حرماني من التلذذ بالنظر إلى وجهك البريء.

ولدي العزيز هل تعلم بأنه نتيجة بعدي عنك صرت أعيش وسط بحر هائج متلاطم الأمواج من الهموم والآلام جعلني أسير على غير هدى وبصيرة ويجيش في صدري وخاطري كتلة من الأحزان التي لا يمكن أن تمحيها لحظة بكاء أو نحيب لكنها قسوة الحياة وغدر الزمان فماذا عسى أن أفعل غير أن أمد يدي إلى السماء وأقول يارب يارب الا أعيش كئيباً مظلماً وأستعين بالصبر والصلاة على هذه المصيبة والدعاء على الظالمين الذين تركوني وحيداً على حافة النار والجحيم وأضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريه..

ولدي العزيز هل تعلم بأنني اكتشفت مؤخراً بأننا نعيش وسط مجتمع لا يرحم ولا يخاف الله يكاد يكون كل أفراده وحوشا بشرية تبتسم في وجهي ابتسامة الذئاب ثم تضع في طريقي العراقيل والصعاب كي أسقط ليدوسوا علي بأقدامهم ولكن هيهات سأعاني من مرارة اللوعة والحرمان والضياع وأعيش وسط غابة كبيرة من الأوجاع تشدو فيها العصافير صباحاً ومساء بكل أناشيد الآهات والأحزان لكني رغم ذلك لم أفقد الأمل في ترتيب الأوراق وفي العودة إليك ياولدي.