الجمال في عيون تومسكي

> جلال عبده محسن:

>
جلال عبده محسن
جلال عبده محسن
قد يكون الاعتقاد سائدا بأن الجمال لايمكن إدراكه إلا في الطبيعة الخلابة، أو من خلال الأعمال الفنية المختلفة كما هو في المرأة الحسناء وفي العيون الناعسة، بينما رأى فلاسفة اليونان القديمة سر الجمال يكمن في الانسجام.

والفنان السوفيتي البارز نيكولاي تومسكي يتذكر كيف خاب أمله حين التقى في غرفة مدير المصنع بالحداد الشهير الذي كلف بنحت صورته الشخصية، كان الحداد نحيفاً غير جذاب للنظر وكان سلوكه خجولا ولم يكن نمودجاً لصورة بطل العمل.

ويستمرتومسكي في الحديث قائلا: (ولكن حين توليت الأمر فيما بعد هزني منظر حداد شاب بمطرقة بخارية، كانت حركاته الإيقاعية القوية ممتلئة بالجمال التشكيلي ولم يتوقف الأمرعند ذلك الحد فقد صعقتني الحيوية الملهمة التي تشع من شكله الخارجي وقررت مرة أخرى أن أنحت تمثالا لهذا الإنسان لا لغيره، تصوروا دهشتي حين علمت أنه الحداد نفسه الذي كنت قد قابلته للتو في غرفة المدير).

فكثيرة هي الأعمال والنشاطات الحيوية التي يقوم بها الإنسان وقد تكون مألوفة لدينا ونشاهدها باستمرار في حياتنا اليومية وفي شتى المجالات ولكن القليل منها يكون له قوة التأثيرعلى لفت الأنظار من أول وهلة وما يجعلها أكثر تميزاً عن غيرها.

وقد تكون بعضها شاقة ومضنية جسديا وعقليا يتأفف منها صاحبها نفسه ولا يعرف حقيقة ذلك العمل بينما يراه الآخرون بالنظر إلى جوهره وما يولده من شعور بالمتعة ما هو إلا بريق ولمعان لا يزيد صاحبه إلا جمالاً.

كما أن الجمال قد نجده بشكل مواقف إنسانية نبيلة كتلك التي تصدر من أصحاب القلوب الكبيرة التي تخجلنا بتواضعها وبأخلاقها العالية عندما نجدها أمامنا في اللحظات الحرجة تمد يد العون والخير لمحتاجيها وتضفي عليهم نوعا من السعادة والبهجة وتمنحهم الأمل والابتسامة لتأخذ هي أجر هذا الثواب.

كما نجد أن كل عمل إبداعي وراءه عيون ساهرة ووجوه سمر تتصبب عرقاً، كما هو في تألق وتميز صحيفة «الأيام» وهي تطالعنا مع إشراقة كل صباح تتفجر من خلالها الطاقات الإبداعية لكتابها ومولدة فينا مشاعر جمالية متميزة كما رآها تومسكي في ذلك العامل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى