وباشراحيل في القدي!

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
حينما تحدث أنجرامس أمام الجمعية الملكية الجغرافية بلندن 1944م وبرفقته زوجته داروين، في محاضرة شهيرة، قال إن التنمية التي تحققت في حضرموت كانت بتشجيع من السلطان صالح بن غالب القعيطي، وتطرق يومئذ إلى أن هذا الحاكم الحضرمي من هواياته الكهرباء والزراعة والأدب، وأنه أحضر الكهرباء إلى المكلا وفتح مكتبتين عامتين في المكلا والشحر، وقد سبق هذه المرحلة الانفتاح الذي دخل إلى القطر الحضرمي ورياح التنوير من عدن والقاهرة فانتشرت الحركات الوطنية والسياسية مبكراً ورافقت الاستقرار الأمني والتنموي. وقال المؤرخ صلاح البكري في مجلة «الافكار» العدنية 1947م وهو مؤلف تاريخ حضرموت السياسي وجنوب الجزيرة العربية وعضو أول جمعية زراعية استثمارية بالقطن في الخمسينيات، إن الأمن أهم عنصر في الحياة الاقتصادية ولم يسبق له مثيل بحضرموت، في حوار أجراه المؤرخ أيضاً سعيد عوض باوزير.

وذكر كتاب تأملات عن تاريخ حضرموت، أن السلطان صالح القعيطي حاول الترويج للعسل الحضرمي الشهير عبر الأوساط البريطانية عبر تقديم مائة علبة هدية لنبلاء ومشاهير بريطانيا وعلى رأسهم الملك جورج السادس والملكة اليزابيت، كما طلب من المعهد الامبريالي دراسة إمكانية التسويق تجارياً، ثم أتت الآراء غير مشجعة كما سمعنا.

وعلى طريق الانفتاح الذي جاهدت المنطقة لإحداثه والاستفادة من هجرات الحضارم والعائدين من جاوا وآتشي والهند، والنشاط الثقافي والعلمي الذي اتسم به هؤلاء القوم ونقلوه بعدئذ إلى الشحر وتريم والمكلا، وأيضاً النقود التي اكتسبها أهل المال والتجارة من المهجر والعودة لإحداث تنمية في حضرموت وعدن أيضاً، ومن هنا نبدأ الحكاية، المال والتوظيف وخير الناس ودحر الفقر، والمساعدة في النهضة والتقدم، ويوم جاء عصر النقود وظهر الأثرياء الحضارم أولاً قبل جدة والجوار، هناك اتحد الجميع بعدما شهدته حضرموت من جفاف ونزاعات وحروب داخلية ثم نضوب المياه، هاجر القوم مثل كل العرب وأسسوا حياة ثانية وتدفقت النقود وتعلموا فن الاستخدام والاستثمار والنبل في التوظيف، وقدم السلطان غير المتوج أبوبكر بن شيخ الكاف برنامجا للإصلاحات الحضرمية الرفيعة سار بعضها وتأجل آخر إلى جيل آخر، وهو أول من شق طريق الساحل والداخل في حضرموت ونجح في تدفق الأفكار الاستثمارية إلى البلاد مثله مثل الآخرين يوم جاءت الصحف والمطابع ومشروع (البمبات) الحضرمي في سيئون وشركة كهرباء شبام المساهمة ومزارع القطن ومُنح التجار والميسورون الأراضي الصالحة للزراعة، وقاموا بزراعة المانجو والليم والتمباك في الغيل حيث صدر إلى مصر وهو السبب في علاقة الزعيم جمال عبدالناصر بتجار حضرموت بعدئذ وأبرزهم الشيخ عبدالله بامخرمة وآل الحضرمي وآل باشطح وآخرون.

وعلق الحضارم يومئذ وقالوا مستظرفين من أهل البيس «باشراحيل في القدي يمز السيجارة، كل من معه خمستعشر حاسب أن قدها تجارة» وآل باشراحيل أغنياء وتجار كبار وقالوا عنهم دولٌ في المقام والشأن، وجاء بوسبعة وطريق الشحر والطريق الداخلي بالمكلا، ومصنع التونا في خلف لآل بن كوير في الستينات، ومن ثم تغيرت سياسة النقل بدلاً من الجمال والبدو، دخلت سيارة الزيزو، وسارت في حضرموت المقولة الشهيرة «أكتبني زيزو ياالحسيني» وهو تاجر إلى اليوم مشهود له بالكرم والمكانة الحضرمية، وكذا تجارة الجملة عبر البحار لآل مسلم عقيل، وفتح البنك الشرقي المحدود وسياسة الاستثمار مع التجار والاستيراد ونجحت المسألة، وانتقلت أموال الحضارم إلى عدن من ارتيريا وكينيا وممباسا وجنوب أفريقيا مثل آل بامشموس وآل العمودي وباعطية وبن حريز، وحصلوا على إقامة المصانع والمباني ومثلهم آل يافع والبيضاء ومن بيحان وعتق.

واستثمر باعبيد في خطوط الطيران وآل بازرعة في الآلات والاستيراد، وباحاج في السيارات اللاندروفر وآل بن مخاشن في الإطارات (التايرات) ونشطت حركة استثمارية فتية وتدحرجت الملايين في حركة سلسلة نافعة خيرة صالحة القلب والملامح لم تفتعل كل هذا الضجيج، وخيمت ظلالها بالرفاه على كل الناس، وهذه منافع الاستثمار في الجنوب وحضرموت وتاريخه ونحن الآن لسنا في منطقة صحراء أبداً وربما هذا ينفع للدراسة في استطلاع الماضي والناس حينما يقوم مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار القادم و«ما في البرمة يبينه المقدح».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى