السادسة صباح الأحد 25 مارس انطلقت مروحيتان من مطار سيئون بغرض إجراء عمليات البحث والإنقاذ والإغاثة للمتضررين من السيول التي شهدتها المناطق الشرقية بوادي حضرموت. المروحية الأولى كانت «الأيام» فيها وكذا الزميلان إبراهيم الجنيدي من وكالة سبأ ورشيد العامري مصور تلفزيوني، وكانت وجهتنا مديرية السوم بوادي حضرموت، فيما اتجهت المروحية الأخرى إلى محافظة المهرة.

حطت الطائرة بمدينة السوم لينضم إلينا الأخوة سعد التميمي، مدير عام المديرية، والمقدم كرامة العامري، قائد أمن المديرية وغالب صبيحان السماحي، عضو الهيئة الإدارية للمجلس المحلي وسالم ناصر سعيدان، مدير الأشغال ليرشدوا الطاقم إلى المواقع المتضررة والتي لم يستطيعوا الوصول إليها إلا بالأمس. وأبلى طاقم الطائرة التابع للقوى الجوية اليمنية بلاء حسنا حيث قام بعمليات البحث في مناطق المديرية التي تبعد عن المركز الإداري بأكثر من 50 كيلو لعل هناك من يطلب الإنقاذ.

وتوقفت عدة مرات على الرغم من الأرض الموحلة جراء السيول التي عبرت بها خلال الثلاثة الايام الماضية، ولأن البلاغ المؤكد الذي تناقله الأهالي للسلطات المحلية منذ أيام أن مجموعة عائلات تتواجد بمنطقة شعب هود لا يعرف وضعهم منذ الثلاثاء الماضي إلا بعد أن خاطر مجموعة من الشباب بعبور الواديين اللذين يحصران منطقة هود ليطمئنوا على وضعية تلك الأسر التي باغتتها الأمطار وحاصرتها السيول.

ولأنه لا تستطيع السيارات الوصول اليهم وإنقاذهم جراء الأوحال بالوادي أو المسيال (برهوت) الذي يطوقهم إذ إن المرور به سيؤدي إلى الغرق وإن كانت مياه السيول قد بدأت تجف أمس ولكن الطمي والأوحال وعمق الوادي الاخدود كانت المشكلة.

نرى منطقة هود أمامنا ولكن الصعوبة في ما تقدم، فخطرت للطيارين فكرة ضرورة إنقاذ هذه الأسر وإجلائها لتحلق بنا الطائرة وتحط وسط أحد (الأحواش) فانفرجت أساريرنا جميعا إذ يدور بخلدنا كيف صمدت هذه الأسر التي قدمت من مدينة تريم وضواحيها للزيارة والنزهة فوقعت في مصيدة، ومعظمهم نساء وأطفال وكبار في السن، وأغلب أفراد هذه الأسر من عائلة آل باحرمي.

بالأمس الأحد بدأ العد التنازلي لنفاد قوتهم الذي جاءوا به، وهم بالفعل لا يعلمون أنهم سيمكثون هذه المدة، ولكن الأقدار فاقت قدراتهم وتوقعاتهم، ويذكر أحد أفراد هذه العائلة أن عناية المولى سبحانه وتعالى ثم اهتمام السلطات أضفت عليهم السكينة والاطمئنان وكان دعاؤهم وابتهالهم مقبولا بإذنه تعالى، كما أن سماع صوت المروحية قادمة أكد لهم أن مستوى الاهتمام بالمواطن من قبل الدولة يبعث على الارتياح.

اجمالي عدد أفراد هذه العائلات 35 فردا، ناهيك عن مواطنين آخرين يعملون بهذه المنطقة تقطعت بهم السبل أيضا.

ويقول الأخ سعد التميمي، مدير عام مديرية السوم لـ «الأيام»: «بداية نقدر ونشكر اهتمام القيادة السياسية وعلى رأسها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وقيادة السلطة المحلية بالمحافظة الأخ محافظ حضرموت والأخ وكيل الوادي على اهتمامهم دائما بتداعيات كوارث السيول وإسعافهم لنا بمروحية وكذا بمواد غذائية وبطانيات لإغاثة المنكوبين والمحتاجين بمختلف مناطق المديرية، ونحن الآن كما ترى في ساحة شعب نبي الله هود وبه عدة أسر قدموا لزيارة ترويحية وسياحية من تريم ودمون وغيرها ودائما ما تأتي أسر وأفراد إلى مديريتنا للنزهة وللتعرف على المواقع الدينية والأثرية، وحجزت السيول تلك الاسر منذ أيام واليوم كما ترون جرت عملية إنقاذهم».

نقلت الأسر المحاصرة على دفعات بالمروحية من شعب هود وادي برهوت إلى عاصمة المديرية ومركزها الإداري السوم، وهناك كان في استقبالهم الأخ أحمد الجنيد، وكيل المحافظة لشؤون الوادي والصحراء إلى جانب سلطات المديرية، وتم إجراء الفحوصات الطبية لهم وكذا توفير سيارات لتقلهم إلى مدينة تريم التي تبعد عن السوم بأكثر من 60 كيلو.

واطلعت «الأيام» على أوضاعهم وكانت والحمد لله طيبة وليس هناك شكوى مرضية ولعل ساعات القلق من المجهول زالت أيضا. ومن الساعات الأولى لصباح الأمس وحتى الظهر فإن تمشيط المناطق بكل مسئولية كان مهمة الجميع (الأهالي والسلطات).

ونحن الإعلاميين شهدنا قبائل المنطقة وشباب السوم من تنعة وبرهوت وفخمة والمخيبية يجوبون الوديان بحثا عن جثة طفلة جرفتها السيول مع أسرتها المكونة من جدها سعد عيظة المنهالي وأمها وخالتها، الذين عثر على جثثهم في اليوم التالي (نشرت «الأيام» ذلك في عدد أمس الأول السبت 24 مارس).

نسال الله أن يعثروا على جثتها لتوارى الثرى مع جدها وبقية أفراد أسرتها ويتغمدهم جميعا بالرحمة والمغفرة ويحتسبهم شهداء بإذنه تعالى.

الضرر حتى الآن لم تحصر نتائجه أو تقدر خسائره بكل مناطق السوم، فالصعوبة قائمة فأيسر الوسائل للوقوف عليه هي المروحية والتي ستنطلق أيضا فجر اليوم الاثنين الى مسيلة الأحرار آخر نطقة لوديان حضرموت وتحديدا زايد بن قرة وطبوقم التابعة أيضا للسوم وتجاور محافظة المهرة.

ويروي لنا سكان مناطق فغمة وبرهوت عن السيول وجرف التربة ونفوق البهائم وانقطاع الطرقات، وهو ما سننقله في عدد الغد.