السبت, 28 يونيو 2025
71
طالعت خلال هذا الأسبوع أكثر من موضوع ومنشور ينتقدون طروحات الإخوة د. عبدالناصر الوالي والأستاذ فضل الجعدي (مع حفظ الألقاب)، ومع أن طروحاتهما تتصف بالشجاعة وكشف مكامن الخلل إلا أن هناك أقلام (نحترم أصحابها) يريدون للوالي والجعدي ولغيرهم أن ينضمون إلى طابور (الشياطين الخُرس) وما أكثرهم في هذا الواقع البائس.
الطابور الطويل من أجهزة الشرعية المختلفة (برلمان ومجلس شورى وحكومة - أكبر من حكومات دول عظمى - وسيل جرار من الوكلاء في الداخل وفي بلاد النزوح السياحي ومجلس رئاسي، وكثير من العفش المصاحب) كل هذا الجيش المهول، في معظمه، عبارة عن شياطين خرس.
لا نسمع عن هذا الغثاء إلا عن صراعهم على المناصب والمخصصات المالية وفي أحيان أخرى حين يحدث خطاء هنا أو هناك في محافظات الجنوب، إذ لا يفوتون فرصة في سوق (المتاجرة السياسية الرخيصة) كما حدث مع واقعة القبض على الشيخ محمد الكازمي التي تنكرها فطرة المجتمع الجنوبي قبل أن ينطق النخاسون.
لم نسمع أن برلمان البركاني أو مجلس شورى بن دغر أو باقي (البشكة) تحدث أو قدم تصور أو تواصل مع أطراف إقليمية أو دولية لمعالجة المعاناة التي تطحن الناس، فما نسمعه عنهم هو استثمارات خارجية أو حفلات أعراس أسطورية لأولادهم تضاهي حفلات أعراس الملوك والسلاطين دون حتى حمرة خجل تراعي مشاعر الناس في الداخل الذين لا يجدون طعاما يسد جوع أطفالهم، شمالا وجنوبا.
ومن واقع معرفتي الشخصية بالإخوة الوالي والجعدي، فإن ما يكتبونه، من وجهة نظري، يمثل رسائل سياسية تتجاوز الجغرافيا وليس شكى وبكى كما يظن البعض، إذ يعلم جميع المهتمين أن الصراع في بلادنا يتجاوز تأثيره حدود اليمن والجنوب، فالأمن القومي لمحيطنا العربي من جهة ومصالح العالم حيث يمر 20 % من نفط وتجارة العالم من جهة أخرى يعني أن القضية ليست شأنا محليا خالصا بما في ذلك كفاءة الشريك المحلي الذي يصنع الاستقرار ويضمن مصالح بلده ويحمي مصالح الآخرين، وعلى ذلك فإن الحديث عن خطوات أحادية من الجانب الجنوبي فقط سيصطدم بهذه المصالح ولن يكتب له النجاح، مع احترامنا البالغ لرؤى من ينادون به.
معاناة الناس القاتلة تؤذي مشاعر كل من لديه ذرة من ضمير، والسكوت عنها خيانة في حق الإنسانية وقدرنا أن لدينا عناصر سلطة تبلدت مشاعرهم وفقدوا صفة الشهامة، فلماذا يصر بنو جلدتنا، قبل خصومنا، على إسكات الأصوات الشجاعة؟.
ختاما، هذا ليس دفاعا عن الجعدي والوالي فلديهما من القدرات ما يمكنهما من الدفاع عن رؤاهم، ولكنها نصيحة لي ولكل زملاء الكلمة أن يعصروا ما يكتبونه في أذهانهم (قبل أن يسيّلونه مدادا على الورق).