السبت, 28 يونيو 2025
129
أبرزت ورقة سياسات صادرة عن مبادرة مسار السلام، الحاجة الملحة لحماية حقوق الأقليات والفئات المهمشة في اليمن في ظل النزاع وانهيار مؤسسات الدولة. تستند الورقة التي كتبها الباحث د. نادر السقاف بعنوان "حماية حقوق الأقليات والفئات المهمشة في اليمن أثناء النزاع"، إلى مقابلات مع أفراد من مجتمعات المهمشين والبهائيين والمسيحيين، بالإضافة إلى استطلاعات وأبحاث مكثفة. درست الورقة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسية التي تواجهها هذه المجموعات وتقترح تدخلات مستهدفة لتحسين حمايتها وإدماجها وتمثيلها في عملية إعادة بناء اليمن.
"يتميّز المجتمع اليمني بتنوّعه وتتعايش ضمن حدود اليمن فسيفساء من المجموعات العرقية والدينية واللغوية والثقافية. غير أنّ هذا التنوّع لطالما كان أيضاً مصدراً للتوتّر، لا سيما في سياق اجتماعي - سياسي تتركّز فيه السلطة بيد قلّة من المجموعات المهيمنة" يشرح الباحث. "إنّ حماية حقوق الأقلّيات في اليمن ليست مسألة عدالة فحسب، بل شرط أساسي لأيّ عملية سلام مستدام".
تجد ورقة السياسات أن أشكال التهميش في اليمن تستند بشكل أساسي إلى التهميش على أساس الدين والطبقة والعرق، متأثرة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والدينامييات السياسية. في حين تستمر الأقليات العرقية في التعرض للتمييز والتهميش، تواجه الأقليات الدينية اضطهاداً إضافياً خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة مثل الحوثيين.
لقد أدى الصراع الحالي الذي بدأ في عام 2014 إلى تفاقم محنة مجموعات الأقليات، حيث يتم استهداف العديد منهم من قبل الجماعات المتطرفة في سعيهم للسلطة. كان الحوثيون عدوانيين بشكل خاص في اضطهادهم للأقليات الدينية، معتبرين إياهم تهديداً لرؤيتهم للدولة الإسلامية. أدى ذلك إلى نزوح الآلاف من الأقليات مع فرار العديد إلى البلدان المجاورة أو طلب اللجوء في أوروبا وأمريكا الشمالية.
"لقد فشل الإطار القانوني في اليمن تاريخياً في حماية حقوق الأقليات، خاصة في سياق الحرية الدينية" تؤكد الورقة، "هذا التمييز المنهجي له عواقب بعيدة المدى على المجتمعات المتضررة، بما في ذلك الحد من وصولهم إلى التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل".
تقترح ورقة السياسات سلسلة من التوصيات الاستراتيجية، مصنفة إلى أولويات عاجلة يمكن أن تبدأ أثناء النزاع، وإجراءات متوسطة المدى خلال الانتقال أو السلام الجزئي، وإصلاحات ما بعد الصراع للتغيير الهيكلي طويل المدى. وتشمل هذه إنشاء مجالس تمثيلية على المستوى المحلي مع أصوات الأقليات، وضمان المساعدات الإنسانية الشاملة، وإطلاق حملات مكافحة التمييز، وتوسيع برامج المساعدة القانونية، ودعم التحقيقات الدولية ضد منتهكي الحقوق، وإصلاح القوانين الوطنية، وإدخال حصص التمثيل السياسي، وتطوير برامج تعليمية ورعاية صحية شاملة.
تختتم الورقة بأن معالجة التمييز الذي تواجهه الأقليات والفئات المهمشة ضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء سلام مستدام في مجتمع يمني قائم على الإنصاف والتنوع.