«الأيام» تتابع على الواقع ما خلّفته السيول حتى آخر نقطة بوادي حضرموت ..مواطنون يصفون كيف داهمتهم السيول وكيف شكلوا فرق بحث وإنقاذ تحت الخطر

> «الأيام» علوي بن سميط:

>
مسؤولو السلطات مع عدد من سكان مسيلة الأحرار بالسوم أمس
مسؤولو السلطات مع عدد من سكان مسيلة الأحرار بالسوم أمس
على بعد أكثر من 80 كيلو من مدينة السوم كانت مروحية القوى الجوية أمس الاثنين تحلق فوق وادي المسيلة الذي تتجمع فيه سيول مديريات الوادي الرئيسي عموما لتصب في بحر العرب، وبالمسيلة يضيق الوادي وتتناثر على ضفتيه مجموعات سكنية منها المتنقلة التي تعتمد على الرعي وكذا قبائل حضرية وبدوية. ومسيلة الأحرار التي كان يطلق عليها في السابق مسيلة (العبيد) لعلها آخر نقطة بحضرموت إداريا ولاتساع مديرية السوم وتنوع طبيعتها: وديان، هضاب، مرتفعات صخرية فإن السلطات المحلية ومنذ تدفق السيول لم تستطع الوصول إلى أقرب نقطة ولو على بعد 35 كيلو من العاصمة الإدارية السوم كوادي برهوت أو الأبعد وادي المسيلة إلا أمس الاثنين وأمس الأول وبواسطة الهيلوكبتر التي هبطت مرات عديدة وارتفعت أيضا أمس بحثا عمن يستحق الإغاثة أقصى وادي حضرموت، وللأمانة فإن الأخ سعد التميمي مدير عام السوم قد خف قلقه عندما تأكد بنفسه من أن سكان وادي المسيلة لم يصابوا بأضرار في الأرواح، كما رافق أمس فريق الإغاثة الشيخ عوض عمر بن يماني التميمي من مشايخ بني تميم قبائل بني ضنه لتفقد الأفراد الذين ينتمون لقبيلة بني ضنه بالمسيلة وعموم السكان وحتى ما بعد ظهر أمس فإن طاقم الطيارين والمهندسين أثبتوا مستوى في الكفاءة والخبرة في التعامل مع طبيعة الأرض التي يعملون عليها -الطينية الرخوة والصخرية الصلدة- إلى جانب إنسانيتهم ودون تبرم، أما الأضرار بتجمعات المسيلة فهي انجرافات التربة وضياع المواشي وتهاوي الأشجار البرية المعمرة.

الزميل علوي بن سميط وطاقم المروحية شرق وادي حضرموت أمس
الزميل علوي بن سميط وطاقم المروحية شرق وادي حضرموت أمس
روايات من برهوت عن شعب هود وفغمة
يوم الأحد بدأنا نعرف كيف داهمت السكان السيول بعد أمطار غزيرة استمرت من مساء الثلاثاء الماضي وحتى الجمعة، لتتوقف ساعات وتصب في الأخرى ولم يعلم سوى الله معاناة الناس في تلك الليالي لانقطاع الاتصالات بل لعدم وجودها في وادي حضرموت أو المناطق المحيطة بفغمة وسنا وعندما انقشعت السماء وصفت الأجواء لم يستطع أحد الوصول إليهم لاستحالة العبور فالمنطقة تقطعها سبعة وديان كأخاديد ولكنها عميقة ومشبعة بالطمي دائما إلا أن سكان تلك المناطق شكلوا بأنفسهم فرقاً لتتبع المعلومات ونجدة المستغيث وغامروا بكل معنى الكلمة في ليال حالكة وتحت خيوط المطر المنهمر كما ذكر لنا ياسر عوض وهو أحد أولئك الشبان الشجعان الذين خاطروا بالسباحة في السيول لتفقد الأحوال لجيرانهم في المناطق المجاورة.

< يقول الشيخ كرامة عوض بلعبيدي التميمي من أعلى وادي برهوت فور وصولنا بالمروحية ظهر الأحد على طرف الوادي وردا على استفسارات «الأيام»:

«حتى اليوم هنا ناس ما استطاعوا عبور الوادي وهم داخل منطقة شعب هود، أما الأضرار لدينا بوادي برهوت هو حصول ضرر في سد برهوت الذي يحجز المياه وكذلك تضرر في ثلاث ماكينات زراعية عندنا وبمنطقة المخيبية وجرف في التربة ولكن الحمد لله لم تكن هناك اصابات في السكان وكانت الأحوال في يومي الاربعاء والخميس سيئة ولكن الحمد لله كان لطف الخالق وتجمعنا نحن هنا لمعرفة ما لحق بالمناطق المجاورة وبحثنا لعل هناك مفقودين وبوسائلنا المتاحة ونشكر السلطات الحكومية على إرسالها هذه الطائرة لمساندتنا في أعمال الإغاثة».

مجرى السيول أخدود يمتد حتى طرف حضرموت
مجرى السيول أخدود يمتد حتى طرف حضرموت
< المواطن مانع سالم غيثان مولى الدويلة:«أنا من من منطقة المخيبية، الذي حصل أن الأمطار أصابت تشققات في منازل بعض المواطنين هنا وكذا انجراف للتربة وحصل بهذه المنطقة وادي فغمة أن جرفت أسرة بكاملها وحتى الآن نحن نبحث عن جثة طفلة بعد أن تم العثور على جثامين جدها وبناته وتروني الآن بجانب منطقة هود عندما علمنا أن هناك عائلات لم تستطع العبور وهي من مديرية تريم».

< الشاب هاني علي عبدالله قدم إلى مديرية السوم من محافظة أخرى ليعمل وكان موجودا في وادي شعب هود وبرهوت مع زملاء له يعملون هناك فداهمتهم الأمطار والسيول ولم يستطيعوا الخروج من الوادي وعبوره إلا بشق الأنفس يوم أمس بعد أربعة أيام من الحصار شاكرا سكان المنطقة لمتابعاتهم وأن هذه طبيعة الناس هنا هو التكافل والتعاون.

< أما المواطن أبوبكر سالم محمد باحرمي من مدينة تريم وهو أحد أفراد الأسر الذين حوصروا لأيام في شعب هود والذين جاءت لهم المروحية خصيصا لفك حصارهم وقبل صعوده المروحية قال:

«نحن كنا أسرى من يوم الثلاثاء الماضي هنا وكلنا أقارب وبدأت الأمطار من المساء وتدفقت السيول ولم يكن لدينا سوى مؤن غذائية لأيام قليلة وكادت أن تنفد اليوم لولا وصولكم بل إن الغذاء يعتبر في حكم النفاد لأنه لن يكفي الكل وبقدرة الله سبحانه وتعالى زال القلق وحفظنا من الخطر كما أن سكان المناطق المحيطة خاطروا بأرواحهم للاطمئنان على كل المحاصرين.

وأشكر المسؤولين وعلى رأسهم الأخ رئيس الجمهورية لاهتمامهم بوضعنا وإرسال طائرة لنقلنا والحمد لله كما ترى كلنا بصحة وأحمد الله على السلامة لنا ولكم بوصولكم إلينا».

< أما الأخ سالم كرامة بخيت من وادي برهوت فيقول: «من بدء الأمطار وتدفق السيول كنا نحن ومجموعة من السكان نسير على جوانب الوادي لاستطلاع إذا كان أحد في موقف صعب وننادي على بعضنا ووجودي اليوم في شعب هود كي أواصل عملي وتضررت عدد من البيوت هنا وحصل انجراف للتربة، وللحقيقة لم أشاهد طيلة عمري سيولا بهذه الكثافة، كما شاركت إلى جانب الشباب والكبار في البحث عن جثامين الأسرة التي جرفتها المياه بوادي فغمة وتعرضنا نحن للجرف ولكن سبحانه وتعالى سلمنا من الغرق ».

معونات غذائية عاجلة من الطائرة إلى السيارة ومن ثم إلى المواطن أمس بمديرية السوم
معونات غذائية عاجلة من الطائرة إلى السيارة ومن ثم إلى المواطن أمس بمديرية السوم
< أما الشاب ياسر عوض سعيد من أبناء المنطقة ومن طلائع المغامرين لإنقاذ المحاصرين وبعد أن سألناه تحدث وقال : «عندما تداولت الأخبار على الرغم من انقطاعات الطرق وجريان السيول تجمع شباب كل منطقة ونحن من هنا سبحنا للوصول إلى وادي فغمة نحو نصف ساعة يمكن خمسة منا تعرضوا للجرف ولكن بسرعة وبقدرة الله والعزيمة أنقذناهم والهدف هو أننا نبحث عن أسرة سعد المنهالي الذين جرفتهم السيول وداهمتهم مساء الخميس ومن ضفة الوادي إلى الضفة الأخرى كان الناس يتنادون فيما بينهم ووصل عدد الأشخاص إلى أكثر من 150 في مناطق متفرقة بالوادي وجميعنا من عصم، السوم، المخيبية، فغمة وتنعة وبرهوت نبحث ونمشط الوادي المحيط بنا بحثا عن أفراد الأسرة ووجدناهم في ساعات اليوم التالي جثمان المرحوم سعد عيظة وبناته الاثنتين وباقي الطفلة وحتى الآن أي هذا اليوم (أمس) نبحث عن جثمانها أما جدتها فقد استطاعت أن تمسك بشجرة ووصلنا إليها وهي خائرة القوى ولكن ولله الحمد نجت وكانت متمسكة بالشجرة لمدة ثلاث ساعات من الثامنة مساء حتى الحادية عشرة والنصف، هذه شيمة الناس هنا كلنا نتكاتف لإنقاذ ما يمكن حتى ولو على حساب أرواحنا، فالله سبحانه حارسنا ومنجينا وإن شاء الله الأمور الآن تصلح بإعادة ما جرفته السيول من التربة أو السدود».

< المواطن حفيظ أحمد دحوم مولى الدويلة من المخيبية يقول: «طبعا السيول أثرت على الناس وحصل في بعض المنازل جرف للإبل والمواشي وتحركنا مع الشباب عندما علمنا أن هناك أسرة مقطوعة بمنطقة هود للسؤال عنهم وإذا كانوا يحتاجون إلى شيء إلى أن قدّر الله وجئتم».

وهكذا ذهبت السيول إلى بحر العرب وخلفت وراءها أضرارا بأودية السوم وحتى اللحظة فإن الحصر لهذه الأضرار وطبيعتها جار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى