رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- العميد أحمد عمر صالح:الولادة والنشأة .. أحمد عمر صالح المحضار من مواليد البيضاء عام 1942م وفيها قضى سنوات طفولته الاولى وتلقى تعليمه الأولي، ونقله بعد ذلك والده الحاج عمر صالح البيضاني إلى عدن ليستقر في مدينة التواهي الصغيرة والجميلة التي سكنتها عائلات عريقة وانشأت فيها محافل العبادة والتعليم والثقافة والرياضة والسياسة والتجارة والملاحة والصحافة فنهل أبناؤها كل شيء جميل وأنتجوا كل شيء جميل، فدخلت التاريخ وبمعيتها أبناؤها الأبرار.

التحق أحمد عمر صالح (هكذا عرفه الناس) بمدرسة القديس انطونيو ST.ANTONY SCHOOL وتعارف الناس على تسميتها بمدرسة البادري وهناك مدرسة بنفس الاسم بمدينة كريتر وهي مدرسة القديس يوسف العالية ST.JOSEPH HIGH SCHOOL.

أحمد عمر صالح في خطوط عدن الجوية
التحق أحمد عمر صالح بشركة خطوط عدن الجويةADEN AIRWAYS وبوسعي القول إنها اقدم شركة نقل جوي في الجزيرة العربية كونها تأسست عام 1949م وآلت ملكيتها لشركة الاخوان لخدمات النقل الجويBASCO والتي خضعت للتأميم في بداية سبعينات القرن الماضي وعرفت بخطوط طيران اليمن الديمقراطي (اليمدا) والتي انتهت بعد حرب صيف 1994م.

تراكمت لدى أحمد عمر صالح خبرة إدارية ومالية في شركة الطيران المذكورة بفضل الإدارة والخبرة البريطانية والخبرات المحلية الكبيرة ومنهم عبدالكريم جاوي وعتيق عبدالرحمن وعبدالرحيم قاسم وغيرهم، وقد ضمت الشركة المذكورة ضمن قوتها العاملة خبرات أخرى منهم عبدالله عبدالمجيد الأصنج والفنان ياسين عبدالله فارع.

أحمد عمر الإنسان مديرا لأمن عدن
كان أحمد عمر صالح من الأعضاء الناشطين في الجبهة القومية بمنطقة التواهي إلى جانب شقيقه سالم عمر علي الذي استشهد في فترة لاحقة وكان الفقيد أيضا من قواعد الجبهة القومية في شركة خطوط عدن الجوية وكان منهم الإخوة قاسم علي (لطفي) وعلي صالح حسين وحسين دقمي وأنور دقمي. تم تأهيل عدد كبير من أعضاء الجبهة القومية في مدرسة الشرطة المسلحة ARMED POLICE بعد تسلمها الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م.

في نهاية العام 1968م عمل أحمد عمر صالح في جهاز أمن الثورة (أصبح لاحقا وزارة أمن الدولة) وسرعان ما انتقل في العام 1970م مديرا لأمن المحافظة الاولى (محافظة عدن لاحقا) وهنا يقول صديق عمره ورفيقه في السلاح سليمان ناصر محمد (راجع صحيفة «الطريق» 27 فبراير 2007م): «وقد اختير الفقيد لتولي هذه المسؤولية الكبيرة لكفاءته العالية وإخلاصه وأخلاقه الطيبة وتفانيه في العمل وقربه من الناس وقدرته على حل مشاكلهم وتفهم ظروفهم بالإضافة إلى قدراته ومواهبه القيادية في إدارة الأجهزة الأمنية التابعة لإدارة الأمن في المحافظة بصرامة وانضباط».

يضيف الأخ سليمان ناصر: «وقد لمست خلال فترة عملي مع الفقيد نائبا له في إدارة محافظة عدن رعايته للكادر البشري وتلمسه هموم العاملين واهتمامه بالتأهيل والتدريب وبرامج التطوير لكفاءة الكادر الأمني علميا وفنيا وروحيا في مختلف مجالات العمل الأمني».

يختتم الأخ سليمان شهادته للتاريخ: «وقد حقق جهاز الأمن في محافظة عدن وفي البلاد عموما نجاحات باهرة تمثلت في انخفاض معدلات الجريمة بمختلف أشكالها إلى ادنى المستويات المعروفة عالميا وهو ما أشارت إليه التقارير الدولية الصادرة في تلك الفترة».

أحمد عمر صالح مدني بزي عسكري
أدركت السلطات في اليمن الديمقراطية بعد النصف الأول من عام 1972م أن وتيرة هجرة العقول قد أخذت في الارتفاع فربطت حركة السفر بتصريح خاص من مدير أمن عدن في معسكر طارق بمدينة خورمكسر، وباعتباري أحد سكان هذه المحافظة الطيبة فقد ساد انطباع لدى كل مواطن أن أحمد عمر صالح كان إنسانا بكل المقاييس وأن وجوده في هذا الموقع ما هو إلا رحمة من الله بعباده.

كان رحمه الله مدنيا بزي عسكري. كان رجلا متواضعا يتسع صدره لكل الناس دون تمييز وكان يغلب الجانب الإنساني في القضية ولا يتردد في اتخاذ القرار الشجاع، ولا حصر للقضايا التي حسمها فمثلا كان يعيد القضايا إلى مكتب الادعاء العام (النيابة العامة) في حالة عدم توصل البحث الجنائي في إدارة أمن المحافظة إلى أي دليل مادي على المتهم ويؤشر على الملف بعبارات تفيد بعدم إضاعة وقت أمن المحافظة وأمن وأعصاب المتهم وسكينته وسكينة أفراد أسرته، ومنها إذا ورد في طلب الإذن بالسفر أن صاحبه قد أصبح بدون مصدر دخل نتيجة توقفه عن العمل وتوقف راتبه من الدفع كان رحمه الله يرفع سماعة هاتفه ويتحدث مع مسؤول مرفق مقدم الطلب بالمختصر المفيد إما أن تعيدوا هذا الشخص إلى عمله وتدفعوا له راتبه أو سأسمح له بمغادرة البلاد وفي معظم الحالات كان المرفق يقبل بالخيار الأول، والحديث في هذا الجانب طويل جدا.

محسوب على سالمين ومحسوب لعبدالعزيز عبدالولي
مرت البلاد بمنعطف دموي في 26 يونيو 1978م حيث اقدمت قيادات حزبية على حركة تصفوية استهدفت سالم ربيع علي (سالمين) رئيس مجلس الرئاسة والأمين العام المساعد ومجاميع حزبية وعسكرية أخرى وعرفت بتيار اليسار الانتهازي وجرت محاكمة صورية أعدم بعدها ربيع وجاعم صالح وعلي سالم لعور. رافقت العملية حملة اعتقالات كبيرة شملت فيمن شملت سعيد صالح سالم وأحمد عمر صالح من المحسوبين على الرئيس ربيع.

كان أحمد عمر صالح رهن الاعتقال لعدة أشهر وأطلق سراحه بعد ذلك.

يحسب لعبدالعزيز عبدالولي عضو المكتب السياسي للحزب ووزير الصناعة (ووزير التخطيط بالوكالة)، يرحمه الله أنه رد الاعتبار لأحمد عمر صالح بأن أصدر قرارا وزاريا بتعيين أحمد عمر صالح مديرا عاما للمؤسسة العامة للمياه الغازية، وشهدت المؤسسة في فترة إدارته حراكا طيبا باعتماده على أسلوب القيادة بفريق عمل ينهض بواجباته من خلال خطة عمل وصلاحيات محددة.

ويحسب على علي ناصر محمد في منعطف آخر
بدأ أحمد عمر صالح ينعم بالاستقرار الذهني والنفسي في موقعه الجديد في المؤسسة العامة للمياه الغازية إلا أن المدمنين لشق وحدة الصف بدأوا يعدون العدة لدورة دموية جديدة وفشلت كل الجهود لنزع فتيل اقتتال الإخوة الأعداء فانفجرت الأوضاع في 13 يناير 1986م التي عكست ظلالها القاتمة على البلاد والعباد بعد أن اكتملت عملية فرز البشر الذين ارتبطت مصائرهم بأيدي الغير.

كانت الاعتقالات هي الحد الأدنى لردود الأفعال وكان من حسن طالع أحمد عمر صالح أن تعرض للاعتقال لمدة عامين حيث أطلق سراحه عام 1988م لا لذنب جناه سوى أنه صنف ضمن أنصار علي ناصر محمد. رابط أحمد عمر صالح في بيته بعد إطلاق سراحه من الاحتجاز غير القانوني.

أحمد عمر صالح يخوض صراعاً طويلاً مع آلام العمود الفقري
انتفع أحمد عمر صالح من قرار القيادتين السياسيتين في كل من صنعاء وعدن بالسماح للمواطين بالتنقل بين الشطرين بالبطاقة الشخصية فشد الرحال إلى المحافظات الشمالية عام 1989م وأقام في الحي السكني في صنعاء وروى بعض الأصدقاء أنه كان في ضيافة الرئيس الأسبق علي ناصر محمد.

عاد أحمد عمر صالح إلى عدن بعد قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م لا لينعم بالاستقرار ولكن ليبدأ صراعا مع آلام العمود الفقري وكابد الآلام بصمت على مر الشهور والاعوام وتكبد نفقات العلاج في الداخل والخارج ولم يطرق باب أحد وأعزّه الله لأن رجالا من معدن أبي وليد (أحمد عمر صالح) لا يخذلهم الله لأنهم لم يخذلوا عباده من المظلومين والمستضعفين متى ما طرقوا بابه سواء باب مكتبه المفتوح أم باب منتداه المفتوح (مبرز الدوبي وأصبح له بعد ذلك منتداه الخاص والكائن أمام محل علي حاشي بالتواهي ويشرف أولاده عليه حالياً) فقد حرص رحمه الله على ألا يعزل نفسه عن الناس سواء في سنوات الشدة أم في سنوات الرخاء.

أحمد عمر صالح والعام 2006م يودعان بعضا
في الحادية عشرة من مساء الإثنين الموافق 25 ديسمبر 2006م ارتفعت الروح الطاهرة لأحمد عمر صالح إلى ربها راضية مرضية عن عمر ناهز الـ 64 عاما وخلف وراءه قلوب آلاف المحبين والمستضعفين الذين قربوه من ربه وسجلا حافلا بالصدق والأمانة وحب الناس، كما خلف 7 أبناء، هم: 1- وليد، 2- نصر، 3- كمال، 4- نبيل، 5- خالد، 6- منال، 7- نوال.

2- الأستاذ علي أحمد عمراوي:الولادة والنشأة .. سلمني الأخ الكابتن عبدالكريم هتاري الشخصية التربوية والرياضية والوطنية والاجتماعية المعروفة قبل بضع سنوات مادة مكونة من 6 صفحات شملت معلومات هامة وعامة عن مدينة التواهي وتطرق فيها إلى بعض العائلات في مدينة التواهي منها: عائلة عبده غانم والمكركر وناصر وحمزة والخطيب والهتاري والكوني والمريد والزغير وزيد والربان وأمان والمهدي والعلواني وعبدالرب اليافعي وعمر البيضاني والجاوي والعيسي والعمراوي والشطفة ومحمد نصر وشهاب وحاشي ومرعي وعائلات أخرى لم تسعف الهتاري ولا تسعفني من ذكرها لأنني استوفيت ما نسيه الهتاري.

علي أحمد عمر من مواليد التواهي عدن في 27 فبراير 1940م واكتسب لقب (العمراوي) عن عمه الأستاذ عبدالكريم العمراوي الذي كان كبير المحاسبين بمكتب واليGOVERNOR عدن (لاحقا المندوب السامي )HIGH COMMISSIONER وكان الأستاذ عبدالكريم العمراوي رحمه الله بحسب شهادة ابن أخيه الأستاذ علي العمراوي أطال الله عمره ومتعه بالصحة «كان المدرس والموجه الأول لي في حياتي العملية».

التحق الأستاذ علي العمراوي بالمدرسة الابتدائية بالتواهي عام 1947م وهي واحدة من أقدم المدارس في عدن إذ أنشئت في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي وتلقى دراسته المتوسطة في كريتر عام 1951م ثم دراسته الثانوية في المعهد الفني بالمعلا عام 1954م التحق الأستاذ العمراوي بعد ذلك بمركز تدريب المعلمين TEACHER TRAINING CENTER بمنطقة الطويلة بكريتر عدن خلال الفترة 56/1957م.

من كرسي التلميذية إلى كرسي الأستاذية بمدينته التواهي
التحق الأستاذ علي عمراوي بسلك التدريس في الفاتح من سبتمبر 1957م وشمل قرار تعيينه الأستاذين عمر بامختار وفرج علي جوبان، أما المدرسون الذين تم تعيينهم عام 1957م فهم الأساتذة الأجلاء عبدالله بازرعة ويحي مكي وخالد صوري ومحمد عشيش وعبدالله دغيش وعبدالرحمن ادريس وجمال الدين حزام وإبراهيم علي محمود وأحمد سالم منصور وعبدالرب قاسم وسليمان طربوش حزام وعلي عوض بامطرف وحسين ياسين ميرابخش.

بدأ الأستاذ علي عمراوي مشواره في سلك التدريس في المدرسة المتوسطة للبنين بمدينة التواهي عام 1957م وممن زاملوه في هذه المدرسة الأستاذ أنيس حسن يحيى الشخصية السياسية والوطنية المعروفة ثم عمل مدرسا في متوسطة المعلا، ثم ارتقى درجات السلم ليعمل نائبا لمدير متوسطة التواهي ثم متوسطة المعلا.

صعد الأستاذ العمراوي المرتبة القيادية عندما عُين مديرا لمتوسطة التواهي ثم متوسطة المعلا وبارتفاع رصيده في تقييم أدائه لمهامه من مختلف الزوايا عُين عميدا لثانوية خورمكسر ثم عميدا لثانوية كريتر (ثانوية لطفي أمان حاليا) ثم نائبا لعميد معهد التدريب والتأهيل أثناء الخدمة ثم عميدا للمعهد العالي للمعلمين.

الأستاذ عمراوي في جامعة نوتنجهام
تم ابتعاث الأستاذ علي عمراوي إلى بريطانيا في دورة تدريبية في جامعة نوتنجهام خلال الفترة 60/1961م وحاز على درجة الدبلوم في التربية وحقق مركزا متقدما في اللغة الإنجليزية قواعدَ وأدبا وحصل على المرتبة الأولى في التربية وعلم النفس وطرق التدريس.

الأستاذ عمراوي وبصمات في مجال الرياضة
كان الأستاذ علي عمراوي أحد لاعبي نادي شباب التواهي وكان أحد أبرز حراس المرمى في ذلك الفريق، واستنادا للمادة المقدمة من الكابتن هتاري التي سبق أن أشرنا إليها فإن من قدامى لاعبي كرة القدم في مدينة التواهي: عبدالكريم غفوري وحبيب ومحمد إبراهيم جبل وعبدالكريم قاسم وبوجي خان وعبدالله جامع وسالم زغير وجعفرين وأحمد عمر وفريد أحمد سعد وعلي علعلة والمنصوري وعباد إسماعيل والهتاري وإسماعيل كوكني ونجيب مصلح والزيدي ولهاليبو وأحمد علي الطيار وعبدالرب يافعي ومحمد صالح عزاني والطوفان وموريس وعبدي حنق وعيديد وعبده خليل سليمان وعلي مكركر وعبده ردمان.

قام التربوي الجليل الراحل سعيد عبد الخير النوبان (دكتور لاحقا) في العام 1957م بتكليف الأستاذ علي عمراوي لتشكيل ناد وفريق كرة قدم للتربية والتعليم مع الأخوين عزام خليفة (دكتور لاحقا) وعبدالجبار سلام، وتم استقطاب خيرة لاعبي كرة القدم من صفوف قطاع المدرسين لتشكيل فريق من اللاعبين. خاض فريق التربية والتعليم لكرة القدم الدوري العام مع الأندية الأخرى ومنها أندية الجيش والشرطة ومؤسسات حكومية أخرى وحصل فريق التربية والتعليم على المركز الأول.

الأستاذ عمراوي وسبع سنوات عجاف
مضى على تقاعد الأستاذ علي عمراوي سبع سنوات عجاف وهو قابع في الظل وغريب في وطنه وأسير الاغترابين الذهني والنفسي. ترى كم طبيبا ومهندسا وتربويا وإداريا وفنيا تخرج على يدي الأستاذ علي عمراوي؟ وهل جزاء الإحسان إلا إحسان، إم جزاء الإحسان إلا نسيان وهذا هو حال البلاد.

الأستاذ عمراوي متزوج وله ابنان هما: 1- ناصر، 2- أحمد و(3) بنات إحداهن تربوية والأخرى طبيبة والثالثة مهندسة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى