كادريوتا

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
حمدت الله كثيراً، بأن غالبية هذا الشعب الطيب مازالت تعيش عصر النعال. وليس حمدي لله تعالى في هذا المقام، من قبيل حمده جل وعلا على كل حال فقط، وإنما أيضاً، لأنني أرى أن تعودنا على استخدام أقدامنا بدلاً من ركوب السيارات الفارهة، الحكومية منها وشبه الحكومية قد انعكس إيجاباً على صحتنا ورشاقتنا، بل وفيه كما يؤكد أشهر الاطباء، صيانة لنا ضد أعتى الأمراض.

عنّ لي ذلك، وأنا أقرأ منذ يومين، تقريراً علمياً عن الجديد في أمراض القلب والجلطة وغيرهما من أمراض تصلب الشرايين وكلوسترول وسكري، إلى آخر تلك القائمة السوداء. كما خطر لي هذا مرة أخرى، وأنا أشاهد عشرات (المدراء) وأطفالهم ومئات (المقربين) وأصدقائهم، ومن المتطاولين في البنيان وبعض (العاملين عليها) يتباهون يومياً وفي كل ساعات الليل والنهار بامتطاء السيارات الفارهة ومن مختلف الماركات والتبختر بها على الشوارع التي يقطعها المارة الحفاة من أمثالنا، غدوا ورواحا، إلى أعمالهم وفي قضاء حوائجهم، بينما أولئك المترفون الذين حظوا على المدى بخيرات الوطن وأمواله العامة من ممتهني الالتصاق بالسلطات والحكومات في كل العصور ومختلف الأزمنة. وهؤلاء، كما يعرف الجميع، يسمون في مصطلحنا المحلي باسم (الكادر) رغم أن هذا الاسم بريء في أصله وفصله من سلوكيات القوم ومواصفاتهم. وليت ذلك كان من أموال آبائهم أو من عرق جباههم. بل هو وبالمكشوف من أموال هذا الشعب الطيب الذي يدفع للمترفين ثمن ترفهم وتكاليف استفزازهم له.

ولما كانت السلطات التي مكنت لهؤلاء كل هذه البسطة في المال والجسم وفي المنصب والمركبات، قد أضافت إليهم توصيفاً «دلوعياً» في التسمية بوصفهم بالكوادر، ومفرده (كادر). نرى في الجهة المقابلة، أن الحفاة والمظلومين من أبناء الشعب قد أسموهم: كادريوتا. واللاحقة «يوتا» التي أضافها المظلومون تعني في اللغة السنسكريتية القديمة «فاسد». أليس من الإنصاف أن نعذر هؤلاء بإضافتهم تلك، خاصة إذا عرفنا أن الوزراء والمدراء الحقيقيين في بلد متقدم وغني وصناعي، كالصين واليابان، مثلاً، يأتون إلى وقت قريب، في الصباح الباكر إلى مكاتبهم ومصانعهم على الدراجات الهوائية لينتجوا ويبدعوا التصاميم الرائعة لهذه السيارات الفارهة التي سوف يلهو بها المترفون في البلدان الفقيرة والمتخلفة!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى