الكتاب المدرسي تحت المجهر ..تربويون : كثافة المقررات الدراسية تساعد على نفور التلاميذ

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
طلاب في المرحلة الأساسية في المدرسة الدولية
طلاب في المرحلة الأساسية في المدرسة الدولية
«العلم في الصغر كالنقش في الحجر» هذه هي الحقيقة فأين تعليمنا منها؟ فعندما يشتكي التربويون من هشاشة المقررات الدراسية وضعفها ويصفونها بأنها لا تؤدي الغرض المطلوب منها في ترسيخ المعلومات الأولية كالقراءة والكتابة في عقول التلاميذ في مراحل التعليم الأولي ماذا سيقول التلاميذ عنها؟

الكثير من الطلاب وأولياء الأمور من مختلف المحافظات اشتكوا من الكتاب المدرسي حيث يعاني هؤلاء الكثير مع بدء كل عام دراسي جديد، منها نقص الكتاب المدرسي في المدارس رغم وجوده على أرصفة الطرقات إلى جانب الشكوى من كثافة المناهج والحشو غير المبرر حسب قول التربويين والطلاب.

كاميرا «الأيام» نزلت إلى سوق عدن كنموذج لرصد ظاهرة بيع الكتاب في الطرقات وكذا معرفة هل المناهج المدرسية كما يقال عنها لا تؤدي الغرض المناط بها؟

الكثير من الرفض والغضب خرج على شكل كلمات نارية من أفواه التربويين قبل التلاميذ .

فتعالوا معي في السطور القادمة لتعرفوا ما قاله التربويون قبل التلاميذ وتمحورت حول الكتاب المدرسي الذي يستقي منه طلابنا العلم والتعلم .

مريم الشدادي
مريم الشدادي
حشو غير مبرر
< الطالبة ندى في سنة أولى ثانوي تقول: «الحمد الله أنهينا بصعوبة السنة التاسعة، خاصة منهج الاجتماعيات فهو متعب جداً وفيه حشو غير مبرر ونجد صعوبة بالغة أثناء المراجعة لستة كتب لكل مادة كتابان والامتحان في يوم واحد فماذا نراجع وماذا نترك؟، وأعتقد أن هذا السبب هو ما يدفعنا إلى الغش».

< الطالب عمر. م. هـ ثانوية عامة يتذمر من كثافة المنهج الدراسي حيث يقول «والله العظيم كثافة المنهج هي السبب الأول الذي يدفعنا إلى الغش، و بعض المدرسين هم السبب الثاني» سألته كيف يكون المدرسون سببا يدفع بكم للغش؟

قال بغضب «ماذا تتوقعين من مدرس لا يقدم المطلوب منه في الحصة ويطالب الطلاب بأن يأخذوا درسا خصوصيا لديه وليت الأمر اقتصر على هذا، إذ يركز المدرس فقط على الدروس الداخلة في الامتحان وباقي الدورس يهملها والتلميذ الذي يقدر أن يدفع فله نصيب والتلميذ الآخر معه الله، فليس كل طالب قادر على دفع 600-800 ريال للمادة الواحدة.. خليها على الله».

كم عصفوراً بقي على الشجرة؟
< طالب في المرحلة الأساسية من التعليم عقله أكبر من سنه له ملاحظة على أحد الدروس يقول «كان معنا درس في اللغة العربية يعلمنا الناقص يقول الدرس «هناك خمسة عصافير على الشجرة ضرب الصياد الرصاص وقتل اثنين من العصافير فكم عصفورا يبقى على الشجرة؟» ويسأل الطفل «هل يبقى عصفور على الشجرة؟» ونحن بدورنا نطرح على من أعد الكتاب كم عصفورا يبقي على الشجرة؟

< طالبة من ثانوية عدن النموذجية تقول «اعتقد أن المدرسين لا يهتمون أن يفهم الطالب الدروس ومدى استيعابهم المعلومات بل كل ما يهمهم أن يستكمل الكتاب المدرسي حسب الخطة الدراسية، ومن أجل ذلك تجد المدرس يأخذ حصصا إضافية إلى جانب حصصه وحصص البدنية والأنشطة أو حتى حصص معلم غائب، ولم يكتفوا بهذا بل يطلبون منا تحضير درسين في اليوم الواحد وذلك بسبب قدوم موجه المادة، لهذا لا يهتمون بنا بل يركزون فقط على ماذا سيقول عنهم الموجه وبماذا سيمدحهم» .

< الطالب عصام .ع يفضل المواد الأدبية رغم كثافتها فهي أفضل من المواد العلمية حسب قوله. ويضيف أن «المنهج صعب والمدرس لا يوصل لنا المعلومة بسهولة بل بشكل معقد وصعب، لهذا نتجه إلى القسم الأدبي، ومدرس المادة يعطيك شرحا مختصرا ونحن كطلاب نجد صعوبة في فهمه مثل المعادلات والحلول الجذرية، والشرح داخل الكتاب مكثف لا يوصل لنا الهدف بصورة بسيطة لنفهم نحن الطلاب ، وصعوبة المنهج هي الدافع الأول للغش». سألته هل تأخذ دروسا خصوصية قال: «نعم في مادة الرياضيات وأدفع 800 ريال». وعن شرح الأستاذ يقول «شرح البيت ما في أحسن من كذا فعددنا قليل لا يتجاوز 12 طالبا والبال هادئ، ولكن في المدرسة عدد الطلاب كبير يصل إلى 50 طالبا في الفصل، ومن يستطيع إفهام كل هذا العدد؟» .

الطالب عصام شكا من بعض المدرسين (وخاصة المدرسات) الذين يتلفظون بألفاظ تقلل من شأن الطلاب .

ريا عبدالله فاضل
ريا عبدالله فاضل
الكتاب المدرسي في الشارع
< أم الطالب علوي إبراهيم كانت تقف أمام أحد الباعة المفترشين سوق الطويل، لفت نظري شراؤها الكتاب المدرسي فسألتها لماذا تشترين الكتاب المدرسي من هنا؟ قالت: «كل عام دراسي أشتري لأولادي احتياجاتهم المدرسية من كتب من هنا، خاصة عندما يكون في المراحل الأولى والانتقالية». وتضيف: «عندي خمسة كلهم على مقاعد الدراسة أكبرهم أنهى الثانوية العامة بطلوع الروح وأصغرهم في سنة ثانية أساسي».

وعن سبب شرائها الكتاب المدرسي، تقول: «في بعض الأحيان يتأخر تسليم الكتاب لبعض المواد ولا يصل إلا قرب انتهاء العام الدراسي» و تتساءل إليس شيئا غريبا أن يتأخر أو ينعدم الكتاب المدرسي في المدارس ونجده عند الباعة المفرشين!؟

بائع كتب مدرسية: كل المراحل متوفرة
اتجهت صوب بائع الكتب أسأله أي الكتب المدرسية مرغوبة أكثر؟ فأجاب: «كل المراحل مطلوبة من أول ابتدائي وحتى الثانوية العامة». وعن سعر الكتاب يقول «يختلف سعر الكتاب من مرحلة إلى مرحلة وسعر كتاب الثانوية أعلى» ويضيف «قال لي بعض الزبائن إن سعر الكتاب المدرسي للمرحلة الثانوية عند بعض الباعة الآخرين وصل إلى 450 ريالا، خاصة القسم العلمي» ويضيف «بعض الزبائن يأتون من خارج المحافظة لشراء الكتب، فمشكلة تأخر الكتاب لا تشمل محافظة عدن فكثير من خارج عدن يأتون لشراء الكتب المدرسية خاصة المرحلة الانتقالية». سألت البائع من أين تأتي بالكتب المدرسية؟ أجاب «نشتريها من باعة متخصصين يجوبون الشوارع». بائع آخر رد على سؤالنا بعصبية: «لماذا تسألوننا؟ نحن نبيع بالتجزئة ونأخذ مجموعة بسيطة من الكتب عند بدء العام الدراسي، شوفوا من يبيعها بالجملة ويتاجر بها تحت مسجد النور هناك ستجدون محلات تبيع بالجملة».

مدراء المدارس ماذا يقولون ؟
< الأستاذة مريم شدادي، مدير عام مكتب التربية والتعليم بمديرية المعلا تقول «لا بد عند إعداد دارسة المناهج من إشراك كافة الأطراف: المعلم والمعلمين القدماء والتوجيه التربوي إلى أولياء الأمور والإدارات المدرسية في إعداد المناهج أو صياغتها» وحسب قولها «إن مُعدي ومخططي ومبرمجي المناهج الدراسية بعيدون كل البعد عن العملية التعليمية والتربوية فهم بروفسورات بالجامعة بعيدون عن مستوى الطلاب وعن واقعهم». وتصف كتب مقررات سنة (1 - 3) أساسي بأنها كتب استهلاكية بعيدة عن تعليم القراءة والكتابة فكل ما تحتويه عبارة عن (ضع دائرة، صل ، ضع خطاً» وتتمنى «عودة الوسائل التعليمية خاصة في التعليم الأساسي مثل: الصلصال، الصمغ، واللوحات الوبرية فهي تساعد على تنمية القراءة والكتابة، فمع غيابها أصبح الطالب يحفظ شكل الكلمة، وعندما ينتقل إلى سنوات دراسية في المستوى الأعلى، لا يجد أساسا للقراءة والكتابة ويمل من الهدف الأساسي للتعليم المتمثل بالقراءة والكتابة».

وتضيف «تقسيم الكتاب إلى جزئين وكثافة المنهج سبب رئيس لظاهرة الغش» وتؤكد ضرورة مراجعة الأخطاء الشائعة المرافقة للكتاب المدرسي وتصحيحها قبل أن تصل إلى يد الطالب وإيجاد لجنة لتصحيح هذه الأخطاء . وتتمنى الأستاذة مريم أن لا تجمع المواد خاصة مادة العلوم في كتاب واحد فحسب رأيها «هذه المواد تشكل عبئا على الطلاب أثناء فترة الامتحانات وتدفع الطالب للجوء للغش» وفي ختام حديثها تقول «حاليا بدأ الوضع التعليمي يتحسن من خلال استراتيجية التعليم المتبعة حاليا والتي تضم دورات تأهيلية للمعلمين لتلافي كل هذه الأخطاء، إضافة إلى أن أي تغيير للمنهج لا بد أن يخضع المعلم لدورة تنشيطية فيه، فبعض الأحيان يكون المعلم سببا أساسيا في عدم تقديم المعلومات بشكل صحيح حيث يفتقر هو إلى الخلفية المعلوماتية، وحاليا هناك دورات لمديري المدارس ودورة لمعلمي الأساسي من (1- 3) إلى جانب ورش عمل للوسيلة التعليمية بالتنسيق مع مكتب التربية بعدن شعبة التوجيه».

شادية باحشوان
شادية باحشوان
المشكلة عند أطراف متعددة
< الأستاذة شادية باحشوان، مديرة ثانوية باكثير للبنات تقول: «صحيح هناك كثافة في المنهج، ولكن المشكلة الأساسية عند أطراف متعددة هي الأسرة والطالب والمدرس». وتؤكد أن «90% من الأسر لا تتواصل مع الإدارات المدرسية وبهذا لا يجد الطالب رقابة منزلية فلا يبذل أي جهد في استيعاب وفهم الدرس، وربما يكون المدرس متقوقعا في أسطر الكتاب وليس لديه اطلاع خارجي بحيث يضيف ويبسط الدرس».

وفي رأي الاستاذة شادية أن «إهمال الطالب ووجود مدرس ليس لديه الرغبة في تطوير عمله وتبسيط بعض المواد يؤدي إلى الشكوى من المنهج». وتقول «ليس هناك شيء اسمه كثافة منهج، فالوضع تغير بفضل التكنولوجيا المتاحة في أغلب المدارس، ويستطيع الطالب الجاد أن يطور نفسه، ويطور المدرس من عمله» وتضيف: «لو كان المنهج معقدا كما يقال ما كان طلاب متفوقين، ومدارس عدن النموذجية خير مثال على ذلك».

تختلف هموم المدارس وكذا مشاكلها مع المناهج فتلك مشكلة عامة تؤرق جميع مدارس الجمهورية دون استثناء، فالكتاب المدرسي واحد هنا وهناك، ورغم الجهود المبذولة من الإدارات المدرسية لتخفيف معاناة المدارس من حيث تدريب وتأهيل المدرسين .

فها هي المدرسة الدولية الخاصة تعاني هي الأخرى من مشاكل المناهج، فالمقرر الدراسي في هذه المدرسة يدرس باللغة الإنجليزية رغم تطابقه مع المناهج العربية بالمدارس الحكومية.

وكما تقول الأستاذة ريا مديرة المدرسة الدولية «يعاني الطالب من صعوبة كبيرة من كثافة المنهج والحشو خاصة في اللغة العربية والاجتماعيات والقرآن الكريم والإسلامية».

وحسب قولها «الطالب في هذه المدرسة تعود منذ الصغر على الدراسة باللغة الانجليزية السهلة ويفاجأ في المراحل العليا بهذه المواد التي تحتكر منه الوقت الأكبر في المذاكرة على حساب المواد الأخرى.

وهذا ما يؤدي إلى ملل الطالب ويبدأ بالتسرب من الحصص ويتدنى المستوى التعليمي ولا يجد حلا للمشكلة فيضطر الطالب للغش لعدم القدرة على التركيز والاستيعاب».

وتؤكد أن المقررات في الكتاب المدرسي في المراحل الانتقالية تترجم حرفياً من العربية إلى الانجليزية لأنها تتبع المدارس الحكومية في جميع المحافظات.

وتشيد الأستاذة ريا بمكتب التربية والتعليم ممثلاً بالدكتور عبدالله النهاري، مدير عام المكتب وبالجهود التي بذلها لجعل المناهج مترجمة لكي يقبل عليها الطلاب وهم على ثقة من الترجمة الصحيحة.

فهذه الخطوة وفرت الكثير من الوقت والجهد على الطالب والمدرس الذي كان يجد صعوبة في الترجمة قبل ذلك، فقد كنا نعتمد في السابق على الجهود الذاتية الشحيحة في الترجمة وكنا نجد صعوبة في إيصالها للطالب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى