مجور وجور الوزارة

> محمد علي محسن:

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
لا شك بكفاءة وحنكة كل رؤساء الحكومات ابتداء بأول رئيس للوزراء بعد الوحدة الأخ حيدر أبوبكر العطاس مرورا بعبدالعزيز عبدالغني وفرج بن غانم وعبدالكريم الإرياني وحتى عبدالقادر باجمال أو علي مجور المكلف حديثا بتشكيل الحكومة الجديدة، وكان قد أثبت جدارته في وزارتين هما الثروة السمكية والكهرباء اللتان قدر له معالجة كثير من المشكلات العالقة فيهما وفي مدة قصيرة ووجيزة دون أن تسنح له الفرصة لإتمام مشروعه الإصلاحي داخل هاتين الوزارتين المأزومتين، وذلك بسبب الانتقال من وزارة الأسماك للكهرباء بمجرد أن بدأت الحياة تدب في مفاصل وأطراف الأولى، وحينما تكررت العملية ثانية معه وهو على كرسي وزارة الكهرباء التي لم يمض على تعيينه فيها أكثر من عام ومع ذلك شهدت حراكا وفاعلية غير مسبوقة جعلت أكثر المتشائمين يتفاءل بزوال الانقطاعات الكهربائية في نوفمبر القادم، وإذا بالوزير مجور رئيسا للحكومة وقبل رؤية مشروعه الذي بدأه للتو.

بلد يدار على هكذا منحى من القرارات المرتجلة المفتقرة للمؤسسية والمنهجية والتنظيم و...إلخ من الأسس المنظمة لسلطات الدولة والغائبة في اليمن ماذا عساه يفعل نحوها الدكتور مجور المحاضر والأستاذ الجامعي والوزير السابق؟ نعم ثمة نجاح نسبي يحفظ له في الأسماك والكهرباء إذا ما سلمنا بالمعيار اليمني لقياس الأفضلية لكنه إنجاز شرفي لا يشفع لصاحبه مواصلة مشروعه الإصلاحي من الآن فصاعدا، طالما ونحن نتحدث هنا عن وظيفة حكومة وليس حقيبة فيها أو عن كفاءة أشخاص بعينهم لشغل مواقع كثيرة في الجهاز الإداري للدولة.

المسألة لا تتعلق بنجاح أو إخفاق رئيس الحكومة ذاته مثلما اعتاد عامة الناس سماعه ورؤيته عند كل تشكيل وزاري جديد، بل تكمن بوظيفة رئيس حكومة أولاً ومن ثم الفرد ذاته المكلف بإدارة دفتها من دون وجهة معلومة أو صلاحيات ممنوحة، وعندما نقول بمسؤولية هذا أو ذاك عن الإخفاق الحاصل فلا يعني انعدام الأهلية والقدرة إنما لقبولهم بوظيفة ناقصة باستثناء شخصية واحدة أبت التضحية بتاريخها وسيرتها وكفاءتها في مضمار الحكومات.

قبل عامين أو أكثر وعندما كثر الحديث عن ماهية الحكومة المتوقعة في ذاك الظرف الذي ذهبت فيه التوقعات والتكهنات إلى أبعد من تشكيل حكومة وحدة وطنية من الأحزاب السياسية أو من التكنوقراط بل وصل الحديث إلى حكومة إنقاذ برئاسة الرئيسين الأسبقين علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس.. قلنا في ذاك الوقت إن المشكلة الجوهرية ليست في الحكومة أو من يرأسها إنما تكمن بوظيفة هذه الحكومة وبصلاحية رئيسها الفعلية، والاثنتان معا فاقدتا القدرة على إحداث التغيير المنشود أكان على مستوى المعيشة للمجتمع أم الوظيفة والتنمية والخدمات للبلاد كافة.

وعندما نقول بوظيفة ومهام الحكومة ورئيسها فلا يعني تبرئة ساحة رؤساء الحكومات الذين يقع على كاهلهم جزء من هذه المسؤولية ولو من ناحية قبولهم ومن ثم استمراريتهم على رأس الوزارة، أما انعدام الكفاءة والقدرة لديهم فلا أظن.

اليوم ومع تكليف د. مجور بتشكيل حكومة جديدة أجد نفسي أسأل مثلما تساءلت في تناولات سابقة: هل المشكلة في الحكومات أم في غياب الوظيفة والمسؤولية الحقيقية للحكومة ورئيسها وأعضائها؟

حينما توجد حكومة بوظيفة وصلاحيات واضحة المعالم وببرنامج وثقة البرلمان وسلطة رقابة ومحاسبة لها من مؤسسة وتشريعات وقتها فقط سنعلق الآمال على ماهية الأشخاص والأحزاب، وبغيرها لا يملك مجور أو غيره العصا السحرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى