الدكتور مجور: ثقة ممنوحة.. ومهام مؤجلة تنتظر الحل

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
سيظل أي تشكيل حكومي في بلادنا محكوما بالإرادة السياسية القادرة على إعطاء فسحة التحرك المأمولة لعمل الوزارة، الضوء الأخضر المطلوب، وإلى أي مدى تستطيع أن تمنحه دون عوائق أو أضواء حمراء تشع في طريق الوزارة وتصبح كابحا للحركة.

والذين يقرأون تفاصيل الواقع السياسي في البلاد بأبعاده الاجتماعية سوف يدركون جيدا أن السير في طريق التحولات المأمولة لا يتم على بساط أحمر تحفه الورود من جانبيه، ولكنه في كثير من الحالات كالسير على الحبال بسبب المصالح الطفيلية التي تشكلت لطبقة، وفي أحسن التقديرات لشريحة، تلعب دور العراب لتوجيهات الدولة وتحول دون نفاذ شرعية الدولة بما هي منظومة قانونية متكاملة، ومن ثم تحول دون الاكتمال المؤسسي للبناء الوطني وتصبح وضعية الدولة في الفسق بين الإيمان والكفر، إذا استعرنا التشبيه من فقه المعتزلة، وبالتحديد مبدأ (المنزلة بين المنزلتين) لنجني أرباحاً وهمية لدولة تعيش وتتعايش في وضعية رخوة بين الانهيار الكامل والبناء الناجز.

وفي تقديري أن الأخ عبدالقادر عبدالرحمن باجمال استطاع فهم وإدراك خصائص المتاح والمحظور، مشفوعا بثقافة موسوعية ورؤية واقعية غير استباقية للأوضاع السائدة بكل موروثها التعقيدي الطويل، وسخر مقدرته الإدارية الفائقة لتحريك الأوضاع ضمن الممكنات متعايشا مع التعقيدات، ومن ثنايا هذه المعادلة حقق نجاحات لا يستهان بها ولا يمكن رميها بالكل في سلة الإخفاقات، لعل أهمها تاريخية الإنجاز في العلاقات مع دول الجوار وحل مشاكل الحدود نهائيا والاقتراب من الانضمام إلى تكتل مجلس التعاون الخليجي والاحتفاظ بدعم متنام من الدول المانحة.

ونستشف من اختيار فخامة الأخ رئيس الجمهورية الأخ الدكتور علي محمد مجور لتشكيل حكومته الجديدة تأكيده المسبق بإسناد المهام التنفيذية لقيادات شابة ورسم توجهات جديدة للانتقال بالبلاد إلى مرحلة تالية مؤجلة طابعها العام إرساء سلطة الدولة وتعزيزها ديمقراطيا وقانونيا في حياة المواطنين، والتصدي بحزم لسوس الفساد الذي نخر عظام الدولة، وهو ما يفصح عنه الرئيس في كلمته التوجيهية للحكومة الجديدة، التي جاء فيها: (يجب إعلان حرب شعواء على الفساد والمفسدين وهناك قوى متربصة تتعمد إفساد المسئولين) فكل ما ورد في برنامج فخامة الأخ الرئيس الانتخابي الذي بموجبه سارعت الجماهير لانتخابه، هو برنامج بناء وطني متكامل، تجاهله والمرور عليه يعني الإخفاق النهائي لأمل بناء الدولة العصرية والبقاء في المنزلة بين المنزلتين، التي أشرنا إليها والتي لا تلبي إلا مصالح الطفيليين.

كما أن في شخصية الدكتور مجور وثقافته ما يجعل المرء يتفاءل بمقدرة رأس الحكومة الشاب وفريق عمله في التوجه مباشرة إلى حل المسائل المؤجلة وعلى وجه الخصوص الإصلاح المالي والإداري، وتفعيل الهيئات والمؤسسات المختلفة في الدولة للقيام بدورها في مكافحة الفساد، وقد أشار رئيس الحكومة بشكل مباشر إلى الأرض وأهميتها في مسألة الاستثمار بعد أن غدت وحولا منتنة يخوض في غمراتها حفنة من السماسرة الذين يمثلون واجهة الفساد، وتختبئ خلفهم واجهات قبلية وعسكرية ومتنفذون ممن جعلوا النهب المنظم للأراضي وتحديدا في عدن ولحج وشبوة وأبين وحضرموت سبيلا للغنى الفاحش على حساب الاستثمار الحقيقي المنشود.

سنراهن على حكومة مجور وعليه شخصيا مدعوما بثقة فخامة الأخ الرئيس لتنفيذ المهام الملحة وطنيا التي من دون حلها سوف يكون مستقبل الوطن بأيدي المجهول.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى