الداعية الحبيب زين العابدين علي بن عبدالرحمن الجفري :مازلت على قوائم الممنوعين من دخول مصر وقطر

> «الأيام» عن «اليقظة» :

>
الحبيب علي زين العابدين الجفري اثناء حديثه للزميلة أميرة شلبي
الحبيب علي زين العابدين الجفري اثناء حديثه للزميلة أميرة شلبي
نشرت مجلة «اليقظة» الأسبوعية لقاء مع الداعية الحبيب علي زين العابدين بن عبدالرحمن الجفري في عددها (1986) الصادر بتاريخ 21-27 مارس 2007 أجرته معه الزميلة أميرة شلبي وفيما يلي الجزء الثاني والأخير من اللقاء :

زيارة الدانمرك
< إذا عدنا الى الحوار مع الآخر وتحدثنا عن زيارة الدانمرك، فما ثمرة الزيارة وما ردكم على العلماء الذين لم تأخذوا برأيهم قبل هذه الزيارة؟

- هنا ثلاثة أمور سأركز الحديث حولها: الأول: هي الثمرة، والحمد لله كانت هناك ثمار أكثر مما كنا نظن، فقد انفتح باب لتوضيح وجهة النظر الإسلامية ولو لم يكن من ثمار إلا أن مجلس الشباب الدانمركي الذي يعد مظلة الاتحادات الشبابية في الدانمكرك هو الذي قام بالرد على الاجتراء على النبي صلى الله عليه وسلم، وما حدث من جريدة الاتحاد لحزب الشعب الدانمركي وهددوه بالمقاطعة إذا استمر في فعل مثل ذلك، ومن الثمار الجيدة قدوم وفد منهم لأبو ظبي وعقد حوار آخر صرفهم يبكون ويقولون لم نكن نعلم أن الإسلام كذلك.. حتى قالت رئيسة اتحاد الشباب الليبرالي الدانمركي: لأول مرة في حياتي أستطيع أن أقول يمكن أن أؤمن بوجود الله. كذلك قدوم مجموعة من شباب المسلمين الذين ولدوا هناك أو اعتنقوا الإسلام من أبناء الدانمرك في السنة الماضية إلى حضرموت عندنا في دار المصطفى لعقد دراسة في الدورات الصيفية، وهذا العام سيأتي ضعف العدد، وإن لم يكن من الثمار أيضا طلب جامعة كوبنهاجن والبرلمان الدانمركي من مؤسسة طلبة الدراسات الإسلامية عندنا أن يكون هناك تواصل مستمر لتحسين حالة المجتمع المسلم هناك ولفتح أبواب التعاون على استقرار المسلمين في الدانمرك لكفى.

الأمر الثاني السؤال عن الثمرة ليس هو المطلوب، لأن الثمرة من عند الله عز وجل، فلا يتأتى أن نقول: إن نوحا عليه السلام لم تثمر دعوته لأنه مكث 950 سنة ولم يتجاوز عدد من أسلم معه المائة، مع أنه من أولي العزم، ولم يجعل يونس الذي أسلم على يديه أكثر من مائة ألف في يوم واحد من أولي العزم، فالمقياس ليس الثمرة وحدها ولكن السؤال الذي ينبغي طرحه: لماذا ذهبتم؟ وما المقصود من الذهاب؟ وما الذي تم هناك؟ فالمطلوب منا إتقان العمل والثمرة تأتي من الله سبحانه وتعالى.

والأمر الثالث: عتاب يسير على وسائل الإعلام التي صورت القضية كأنها اختيار من الأخ الأستاذ عمرو خالد والدكتور طارق السويدان والفقير إلى الله، وكأن هذا الاختيار شذ عن جماعة علماء المسلمين، وهذا لم يكن صحيحا، فنحن ذهبنا بعد مشاورة مع كبار علماء الأمة (سماحة مفتي مصر، سماحة مفتي سورية، الشيخ عبدالله بن بيه نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين ونائب مجلس الإفتاء الأوروبي وعضو مجمع الفقه الإسلامي، سماحة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي المرجع الإسلامي الكبير)، بل تشاورنا مع عدد من العلماء من مختلف الطوائف، والذهاب كان برؤية أستطيع أقول إنها رؤية الأكثر من كبار العلماء.. اختلف معنا بعض كبار علماء الأمة الذين نحترمهم أيضا، ولكن الاختلاف على هذا الوصف الذي هو قائم على التنوع في ميادين العمل هو سنة حسنة وليس خطأ، ولكن الإشكال فقط أن ثقافة التنوع لاتزال منخفضة عندما كأمة بل عندنا كعلماء ودعاة في كثير من الأحيان، والمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم، ثم إننا لم نذهب كمفاوضين لابد أن يكون لدينا تفويض ممن نفاوض عنهم، وبالتالي ستصبح نتائج المفاوضة ملزمة للطرفين، لكن الحقيقة أننا ذهبنا محاورين ولم نكن أول من ذهب أو آخر من ذهب ومازلنا مستعدين للذهاب.

المجتمع المنشود
< هناك من يختلف معك كالشيخ حسن الحسني الذي أصدر شريطا بعنون (حوار هادئ مع الجفري) وأشرت إلى أنه يفتقد معنى كلمة الحوار لأنه أخذ نصوصا من محاضراتك ورد عليها، ولم يكن هناك حوار بينكما؟

- عندما تسأليني عن الأفكار سأجيبك، أما سؤالي عن الشخص وما يفعله وما يقوله، فقد قررت ألا أرد عليه ولا على غيره ممن أخذوا منحاه، لأن هذا لا يسمى حوارا بل (شجار)، ولا أملك الوقت لمثل هذه الأمور، فأمامنا أمة تحترق وأمامنا منهج نبنيه. ومن ذكرته ليس وحده، فهناك صحب بجانبه ممن أخذوا الأسلوب القائم على القص واللصق، والحذف ومحاولة تغيير الصورة وتشويهها، ولو بحثت عن الإجابة والمناقشة مع كل هؤلاء لذهب الوقت دون أن أبدأ في البناء.. لذا وجهت الدعوة إلى مراجع التوجه الذي ينتمون إليه، حيث وجهت الدعوة إلى فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الاجتماعية الإسلامية في المملكة على اعتبار أنه سليل المدرسة السلفية، كما وجهت الدعوة إلى سماحة الشيخ صالح بن حميد إمام الحرم المكي الشريف على اعتبار أنه فقيه حنبلي عاقل أستطيع إذا جلست معه أن أجد قاسما مشتركا في التعامل، أما هؤلاء الذين يثيرون البلبلة فليس لديّ استعداد لأن أضيع وقتي معهم.

دفع الشبهة
< ولكنهم يرون أنك عندما تستخدم هذا الأسلوب لا تريد دفع الشبهة عن نفسك؟

- هذا صحيح لا أريد دفع الشبهة عن نفسي لأني أدافع عن منهج لا عن نفسي، وهو تكلم عن شخص والشخص غير مستعد لأن يدافع عن شخصه، وإذا جاء الكلام عن منهج فأدعو كبار المنهج اليوم إلى التحاور، أما الأفكار المتضمنة فمن أراد أن يسأل عن الأفكار كأفكار فمن واجبي أن أبين له ما أراه صوابا وما أراه خطأ، وقام مجموعة من طلبة العلم في المملكة العربية السعودية بتسجيل شريط اسمه (كشف الستار عن مدعي الحوار) أوضحوا فيه أوجه الغش والخداع في النقل، فأن يختلف أحد معي في الرأي وأن يرى أحد أنني على خطأ ويهاجم هذا الخطأ الذي أقع فيه، هذا شيء حسن وإيجابي، لكن أن أبيح لنفسي الكذب والقص واللصق وتصوير صورة على غير وجهها للناس لاستدرار عواطفهم بالمؤثرات الصـوتية فـالرد علـى هذا مضيعـة للـوقت.

وأتساءل: أين مشروعه لهذه الأمة إن لم يكن هناك علي الجفري ينشغل به؟ لا أعني الشخص بذاته إنما أقصد كل من ينحو هذا المنحى، فلو تابعنا سنجد أن هؤلاء ليس لديهم مشروع للأمة سوى التتبع، فهذا متخصص في علي الجفري، وآخر في عمرو خالد، وآخر في د. طارق السويدان، وآخر في د. عائض القرني، وآخر في د. سلمان العودة، وآخر تخصصه أكبر جمع المجموعة كلها واستطاع أن يناقشها، فهناك أناس مشروعهم تتبع الآخرين وهناك أناس مشروعهم خدمة الأمة، وأرجو أن يقبلني الله في النوع الثاني ولست مستعدا أن أتحول إلى النوع الأول.

الحديث الضعيف
< أكثر ما وجهه لك هؤلاء هو قضية التوسل واستشهادك بالأحاديث الضعيفة فكيف ترد على ذلك؟

- التوسل أوضحته من قبل في أكثر من لقاء ، أما عن الحديث الضعيف فهذا من اللبس، ويؤسفني أن أسميه جهلا في عصرنا، فقضية رفض نشر الأحاديث الضعيفة بين الأمة حتى صار يتراءى في عقول الناس أن كلمة حديث ضعيف معناه أنه لم يقله رسول الله وأنه لا يجوز الأخذ به، والذي عليه جمهور المحدثين هو أن الحديث الضعيف يؤخذ به في فضائل الأعمال وفي السيرة كما يؤخد به في الأخلاق والتاريخ.

لن أدافع
< ولكن هؤلاء وصل بهم الأمر إلى تكفيرك؟

- مللت الرد على هؤلاء، وأرى أن هذه الفرصة تكون من خلال طرح أسئلة تبرز ما عندنا من منهج، فهذه ليست قضية وهؤلاء يريدون تحويل علي الجفري إلى إنسان مشاكس، فإذا سمعوا عن الجفري يخطر في البال التوسل للقبور والأولياء والصوفية، وهذا ليس علي الجفري، فلماذا يريد الإعلام مساعدتهم؟ إنهم يريدون أن يحولوني إلى شخص مهمته التناوش معهم وأنا لا أريد ذلك، فليكفروني كما شاءوا وليقذفوني بالشرك كما شاءوا، واذا اقتنع أحد برأيه فليقتنع ولكن ليتركوني أعمل فلدينا مشروع وعندنا أمة تحترق وبنية متهدمة، والبنية التحتية للعمل المؤسسي الإسلامي ضائعة، عندنا الصياغة الفكرية لمشروعنا المقبل في التخاطب مع الآخر وفي التخاطب الداخلي مفقودة، أو تكاد تكون مفقودة، فاتركونا نتكلم عن القضايا الحقيقية للأمة.

حرية الدعوة
< قلت: إن الدعوة في الدول الغربية أسهل من الدول العربية؟

-هناك مساحة أكبر من الحرية، فكلنا يعلم أن هناك بعضا من الدول الإسلامية لا يستطيع فيها العالم أن يعقد درسا لخمسة أشخاص في مسجد إلا ويلاحق ويؤذى.

تنوع واختلاف
< وماذا عن الحوار الإسلامي الإسلامي الذي تدعو إليه؟

- أوجد الله عز وجل التنوع بين البشر بل في الكوكب الذي نعيشه من ليل ونهار وارتفاع وانخفاض، وبسبب الاختلاف البشري شرع الله تنوع الاجتهاد في فروع العقيدة ، وهذا أحد معالم صلاحية ديننا وإصلاحه لكل زمان ومكان، والواقع يقول: لا يمكن جمع أناس على رأي واحد في التفاصيل، فإذا كان الواقع ينفي إمكانية الاجتماع على رأي، وإذا كان التنوع سنة كونية إن وجدت على وجهها الصحيح أورثت الاستيعاب، فمعنى هذا أننا بحاجة إلى التنوع، وإذا قلنا إننا بحاجة إلى التنوع فنحن بحاجة إلى المذهبية والاجتهادات المتنوعة المختلفة.

لكن المعضلة مع الواقع الذي نعيشه اليوم.. هذا الصراع القائم مع المذهبية، فالمذاهب لم تورث صراعا قط في التاريخ، والمتأمل في التاريخ يعلم أن االصراعات التي حصلت وألبست ثوب المذهبية لها أحد سببين، إما أن يكون لتدخل السياسة لمحاولة الاستفادة من الاختلاف المذهبي وإيجاد بؤر للصراع من خلال الخلاف المذهبي، أو ضعف في القائمين على المذاهب نفسها أدى إلى التعصب للمذهب فأورث اصطداما، فإن انتقى ضعف القائمين على المذاهب وانتفى كذلك التعصب وإمكانية استغلال السياسة للاختلاف والتنوع المذهبي استغلالا سيئا، لن نرى الصورة التي نرها اليوم، وكما قال الإمام الشافعي:(ألا يصح أن نختلف ويحب بعضنا بعضا).

< ألا ترى أن من أسباب الصراع المذهبي ما تفعله بعض القوى الخارجية لإثارة الفتن في الأمة؟

- هناك سنة كونية تقول:إن التدخل الخارجي لا يستطيع التأثير إلا بقدر ما يوجد من ضعف داخلي، هناك أعداء في الخارج ومؤامرات ومن ينكر ذلك يجافي الحقيقة، ولكن من يحمّل العدو والمؤامرة كل المسؤولية متهرب من واقع مواجهة الذات، ونحن نحتاج إلى شيء من نقد الذات، فإذا التفتنا إلى الضعف الداخلي إصلاحا له استطعنا أن نواجه الضعف الخارجي.

< أخيراً ما هي رؤيتك للأمة الإسلامية وتوقعاتك لها؟

- أرى أن الأمة في مرحلة ما قبل الفجر وأحلك ظلمة الليل تكون قبل الفجر، فشدة المآسي التي تعيشها الأمة هي مؤشر بقرب خروج الأمة من النفق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى