قصص من الواقع لشباب أرادوا الزواج ..الغلاء في المهور جحيم للفقراء وفرحة للأغنياء .. والضحية الأبناء والمجتمع بأسره ..مهتمون : الغلاء في المهور سبب للفاحشة وتدهور المجتمع ونطالب الآباء تحديد سقف للمهور لا أن تصبح الفتاة سلعة تباع وتشترى

> «الأيام» محمد عبدالعليم:

> أردنا أن نبحث بهذا التحقيق في مشكلة اجتماعية هامة هي الغلاء في المهور، بتوجيه أسئلة إلى أولياء الأمور والمهتمين لبحثها من عدة جوانب اجتماعية واقتصادية ودينية، لأن مشكلة الغلاء في المهور من المشاكل الاجتماعية التي أصبحت تتصدر حديث المجالس والأهالي كونها حرمت الكثير من أبناء اليمن عموماً من الزواج، بسبب الغلاء الفاحش الذي قصر الزواج على فئة معينة من المجتمع.

ولبحث هذه المشكلة التقت «الأيام» مع الكثير من المهتمين لرصد الأسباب وإيجاد الحلول والمعالجات لها .. فإلى ما خرجنا به.

< الأستاذ عبدالله عوض محفوظ بامصفر، شخصية تربوية، تحدث فقال:

كثيرٌ هم الشباب الذين يكافحون ويبذلون طاقاتهم دون أن يرحمهم الزمن أو المجتمع، وهم يأملون ويتطلعون إلى مستقبل أفضل ولا يجدون من يسهل لهم الطريق في مجتمعهم الغارق في متاهات العادات والتقاليد التي فرضتها عليهم الظروف، فكم من شباب قسى عليهم الدهر، وعانوا كثيرا من ظروف أسرهم المعيشية الصعبة حتى استطاعوا بكل جهد ومشقة أن ينالوا شهادة البكالوريوس على أمل أن تحتضنهم الدولة بوظائف بعد هذا التخرج، لكي يساعد كل منهم أسرته ويوفر ما استطاع توفيره ليحقق حلمه ويبني مستقبله ويكمل نصف دينه. ولكن ...! ما إن يتخرج حتى يصطدم بجدار يعرقل سير أحلامه، ويقع في خندق مظلم لا يجد فيه بصيصا من الأمل، ما لم ينتشله أحد الميسورين أو المقربين لدى السلطة لتوظيفه ويبذل جهده بالمتابعة والبذل المادي أياماً وشهورا، محاولاً أن يوفق بوظيفة لعل وعسى أن تكون سبباً في بناء مستقبله، وإذا وُفق فهناك عقبة أخرى يضعها المجتمع في طريقه، ويظل السؤال يدور في ذهنه: متى يا ترى سيتوفر المبلغ الذي أستطيع أن أتقدم به للزواج؟ المبلغ الذي يطلبه والد الزوجة، مع هذا المرتب الذي لا يغطي مصاريف الأسرة في ظل ارتفاع مستمر للأسعار.. وكم من فتاة حرمت من الزواج نتيجة طمع وجشع والدها حتى عنست، وتود لو تصرخ أمام أهلها ومجتمعها، لولا أن الحياء يردها.

هذه معاناة كل شاب وشابة في مجتمعنا يريد الزواج وتمنعهما العادات والتقاليد أو يردعهما الغلاء الفاحش و(المباهاة) في المهور، فالفتاة أصبحت سلعة يتاجر بها الأب لمن يدفع أكثر دون أن يفكر في سعادة ابنته.

ويروي لنا الأستاذ بامصفر عدداً من القصص من الواقع لعدد من الشباب ممن أرادوا الزواج.. فالقصة الأولى لشاب متدين يحمل شهادة جامعية، واستطاع أن يوفر ما أمكن توفيره، وأراد أن يكمل نصف دينه على سنة الله ورسوله فتقدم لعدة أسر إلا أنهم اشترطوا عليه مبلغاً كبيراً فوق ما كان يدخره، وأخيراً تحمل قرضاً بمبلغ كبير وقدّمه مهراً لأهل الفتاة التي يرغب الزواج بها، وهنا تم الترحيب به متباهين، وكأنما تحصلوا على كنز أو غنيمة، ولم يخطر ببالهم أن هذا المبلغ ستشارك ابنتهم في تسديده وأنها ستدفع الثمن، وفعلاً منذ أن تزوج ذلك الشاب وهو يقتصد في مصاريفه ويقتر على نفسه وأسرته لكي يسدد القرض والزوجة تكافح معه صابرة ومتحملة لكونه فك أسرها، ولكن الأب سوف يتحمل أمام الله تبعات جشعه.

والقصة الأخرى لشاب آخر أراد الزواج من فتاة ترغب الزواج منه، ولكن والدها فرض مبلغاً كبيراً كمهر، إضافة إلى ما تنص عليه العادات والتقاليد من ذهب وغنم وغير ذلك. والشاب إمكانياته محدودة، فتراجع عن الزواج، ولكن أبا الفتاة أتاه شخص آخر ودفع ما يطلب من المال فزوجها له دون استشارتها وهي لا ترغب في الزواج منه لأنه من منطقة أخرى تبعد كثيراً عن منطقتها وتختلف عن مجتمعها الذي نشأت فيه، فمنذ أن تزوجت وهي تعاني من حياة شاقة، ترعى الأغنام وتجلب الماء والحطب وتحصد الزرع من الأرض، حتى بدأت المشاكل تنهال، وانفصلت الفتاة عن زوجها وهي لا تتجاوز العشرين من عمرها، وسيظل مصيرها أن تكون مطلقة إلى الأبد ولن يرغب في الزواج منها أي شخص آخر لكونها أم لطفل ومطلقة، وربما يتقدم لها رجل كبير في السن!

والقصة الثالثة لشاب أراد الزواج، وبالطبع تم رفضه من قبل والد الفتاة التي تقدم لها، لكونه لا يملك المهر الكافي لابنته، وأهل الشاب يلزمونه أن لا يخرج عن تقاليد بيئته ومجتمعه، ولكن المجتمع والعادات قد ضيقت عليه الخناق، فمد يده وسرق أحد الأهالي وتم إبلاغ الشرطة التي قبضت عليه وفي الأخير صدر عليه الحكم بالسجن!

والكثير الكثير من القصص في جانب المغالاة في المهور، وإذا تتبعنا مغالاة المهور وجدناها تنتج ردود أفعال عكسية لا تخدم مصلحة الشباب ولا تبني مجتمعا متطورا ومتحضرا، وإنما تؤدي إلى فساد المجتمع وانتشار الرذيلة وضياع الشباب والشابات، ويتحمل الآباء مسؤولية ذلك وهم سبب فساد المجتمع وضياع الأبناء، فقبل أن تجلب الفتاة لأهلها العار وقبل أن تكون عالة على والدها، فمن الأفضل أن يزوجها والدها للشخص الذي يرى أنه سيتكفل بها معززة مكرمة، وإلا ستكون سبباً في جلب السمعة السيئة للأسرة أو أن يكون الأب سبباً في انتشار الفساد والرذيلة، فرسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام يقول : «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنـة في الأرض وفساد كبير».

لهذا فإني أناشد كل الآباء بأن يتمسكوا بتعاليم دينهم الإسلامي الحنيف وترك الأطماع الدنيوية، وسيُؤجَر كل أب إن شاء الله تعالى. كما أنني أطلب من الجمعيات الخيرية أن تُعين وترعى وتدعم الزواج الجماعي، لكونه يساعد الكثير من الشباب، وأطلب من المجالس المحلية أن تضع حداً للمغالاة والتلاعب بالمهور فهو من أعظم منابع الفساد.

ظاهرة المغالاة في المهور ومشكلاتها الاجتماعية

< أما محمد سالم بن مخارش، طالب في كلية التربية بشبوة فيقول :

لكل مجتمع إنساني ظواهره الإيجابية والسلبية على وجه عام، والمجتمعات الإسلامية تعاني من عدة ظواهر، والدين الإسلامي جاء شاملا لكل نواحي الحياة في المجتمع، فجاءت شرائعه وأحكامه فاصلة ومبيّنة للحق من الباطل وللصواب من الخطأ، فها نحن اليوم في المجتمع اليمني نتألم ونتجرّع نتائج الظواهر السلبية التي دمرت وفتكت بالحياة النفسية والاجتماعية لأفراد المجتمع بكافة أصنافهم، ونذكر إلى جانب تلك الظواهر السلبية فضائل الظواهر العكسية لها وهي الظواهر الإيجابية، فالمجتمع اليمني مجتمع إسلامي قائم على روح التعاون والوئام والتآخي بين أفراده وشرائحة المختلفة ولكن هناك ظاهرة تنعكس بوجه يسوده الظلام الدامس في المجتمع ، ألا وهي ظاهرة المغالاة والمزايدة في المهور، وهذه الظاهرة بدورها السلبي حوّلت المرأة المسكينة التي لا ذنب لها، إلى بضاعة غالية الأثمان، وأصبحت في مجتمعنا سلعة يُتاجر بها دون التفاتة من أحد، ففي ظل هذه الظاهرة الخبيثة أصبحت المرأة رهينة في البيوت التي لا يعرف أهلها حقوقها في الإسلام، فهي في كل لحظة تتجرع ويلات العذاب بسبب تعنت والدها بعدم تزويجها إلاّ لمن يملك الملايين من الريالات، في ظل هذه الظاهرة أصبح من يعول البنت يبحث عمن يدفع المال الأكثر، وعمن يمتلك ثروة مالية كبيرة. فالمرأة في الإسلام شقيقة الرجل لها من الحقوق ما هو موجود في الإسلام، ولنا بعد هذا السرد أن نقف عند بعض الأسباب التي ساعدت على انتشار ظاهرة المغالاة :

1- أسباب اقتصادية تتمثل في ارتفاع أسعار المواد والمستلزمات التي تهم الأسرة .

2- أسباب اجتماعية تتمثل في تقسيم الناس إلى طبقات اجتماعية متعددة، ولا ترضى طبقة معينة أن تزوج أحداً إلا بشرط أن يكون من نفس الطبقة أو من طبقة تساويهم في الحسب والنسب ولهذه الأسباب الاجتماعية تكدست أعداد كبيرة من البنات داخل البيوت .

3- أسباب دينية تتمثل في انخفاض معدل الوعي والإرشاد لذوي البنات وعدم مساعدتهم على استبيان الحقيقة من صميم الدين الإسلامي وتعريفهم بأن المرأة أمانة في عنق من يعولها .

أما الحلول، فمنها :

1- توعية أفراد المجتمع وإرشادهم إلى الطريق السليم وتحذيرهم من الاستمرار في المغالاة لكون العقوبة وخيمة عند الله سبحانه وتعالى.

2- الاتفاق من قبل الجهات الحكومية المختصة مع وجهاء القبائل ومشايخها على غير معقول، وتصل قيمته إلى نصف مليون ريال بحد أدنى، وهذا ما صار متعارفا عليه في كل زواج، لأنه أصبح مفروضا على الزوج هنا وهناك. ولكن إذا كانت الدولة تريد أن يكون لها شرف المساهمة في حل هذه الظاهرة الاجتماعية، فالحل هو إعطاء القروض الميسّرة للشباب، أما المجتمع فلن يتراجع عن هذه الظاهرة ما لم يكن فيها قانون ينظّم التعامل في مثل هذه الحالات وبما يرضي الله ورسوله.

أنا أقول هذا لأني أدعو الله أن يكون في عوني لتزويج أولادي سالم ورامي في إجازة الصيف القادم إن شاء الله، وأقسم بالله أن المطلوب لإكمال الزواج مليونان ومائتا ألف ريال، وكان الله في عون الشباب وأهلهم، وأملنا أن تكون ظاهرة غلاء المهور محل اهتمام أهل الشأن في الدولة وخطباء المساجد والمشايخ.

< الأخ خميس ناصر شملان، عضو المجلس المحلي بمديرية عتق، يقول: إن ظاهرة غلاء المهور مشكلة اجتماعية وظاهرة سيئة، وهي ناتجة عن الطمع وعدم التيسير من أولياء الأمور الذين يطلبون مبالغ مالة كبيرة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا شك أن في ذلك إثقالاً لكاهل الزوج وإعاقة إتمام الزواج، مما يؤدي إلى ظاهرة العنوسة، وقد رغّب النبي صلى الله عليه وسلم في تسهيل الزواج، وبيّن أن المرأة قليلة المهر تكون عظيمة البركة كما قال صلى الله عليه وسلم «أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة» ومما ينبغي التنبيه عليه أن التكاليف الباهظة للزواج اليوم ليست متمثلة في المهر الذي يدفعه الزوج لامرأته - وكثير من النساء لا يصلهن إلا القليل مع إن المهر في الأصل حق للمرأة كما قال تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نِحلة}- ولكن هناك عادات اجتماعية يفرضها المجتمع على الآخرين، فيتم صرف نفقات كثيرة لا يعود نفعها إلى أحد، كما أن تأخير الزواج يؤدي إلى فقدان الجيل من أبنائنا وبناتنا فترة زمنية من العمر دون أداء دورهم في بناء الأسرة وبناء المجتمع، وهي مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم القائل : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنّه أغض للبصر وأحصن للفرج»، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ثلاثة حق على الله عونهم، .... الناكح يريد العفاف».

وعلى العقلاء من أفراد المجتمع في محافظة شبوة وخاصة مديرية عتق أن يكونوا صفاً واحداً في التكافل الاجتماعي والتقليل والتخفيف من المهور التي أصبحت عائقاً كبيراً أمام أبنائنا وبناتنا في إكمال نصف دينهم، وكذلك نشيد بالأخوة في بعض مناطق مديرية عتق الذين أقدموا على وضع اتفاقية في التخفيف من المهور مثل منطقة الجابية، وكذلك نشيد بالمناطق التي تم وضع اتفاقيات فيها للالتزام بها».

غلاء المهـور ؟؟؟

محمد عبدالواسع الأديمي - مساعد نيابة عامة عتق ، يقول :

غلاء المهور ظاهرة سيئة جداً جداً ، السبب الرئيسي فيها الآباء وضحيتها هم الآباء أنفسهم ... !!

لأنّ الذي يكون أباً للزوجة (البنت) يكون أحياناً أباً للزوج عندما يزوّج أحد أبنائه الذكور ، فلماذا لا يعمل الآباء بالحديث النبوي الشريف : { أحِبّ لأخيك ما تُحِبُ لنفسِك } وباعتباري في سلك النيابة.

أقول أن الباعث لجرائم الحدود - مثل الزنا واللواط - سببها غلاء المهور الذي يجعل الفتى لا يستطيع الزواج الحلال مما يضطره إلى الانحراف ، وإلى البحث عن المتعة الحرام .وإلى الآباء جميعاً ، أذكرهم بما قال الرسول الكريم ص :{ عِش كما تشاء ، كما تُدين تُدان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى