حكومة د.مجور والقسم العظيم

> د. محمد عمر باناجة:

>
د. محمد عمر باناجة
د. محمد عمر باناجة
بأدائها اليمين الدستورية لم يتبق أمام الحكومة السابعة للجمهورية اليمنية إلا كسب ثقة مجلس النواب ببرنامجها لتشرع بممارسة مهامها الدستورية الجسام - إن لم تكن قد نالته قبل نشر المقال . وبين متفاءل بالتغيير الحكومي ومتشاءم يظل أمل الجميع وغايتهم الارتقاء بمستويات حياتهم المعيشية والنهوض بالوطن نحو آفاق النماء والتطور.

وهذه الغاية وإن كان طريق الوصول إليها شاقا وطويلا إلا أن تحقيقها يظل في إطار الممكن، الذي ينبغي أن توحي مؤشراته- أول ما توحي - بنجاح الحكومة الجديدة في أداء مهامها وتنفيذ برنامجها. وهذا النجاح المأمول لا تصنعه الأمنيات والشعارات ولا الانطباعات والتكهنات، ولكنه يتخلق في رحم الواقع باستدعاء مقدماته وتأمين شروطه.

ولا آتي بجديد إن قلت إن أولى مقدمات نجاح الحكومة في حشد القبول العام ببرنامجها وتنفيذ مهامها تكمن بتهيئة الظروف السياسية الوطنية الملائمة، التي فيها يتخلق النجاح ومن دونها يوأد. فبرامج الحكومات - في الأصل - سياسية الأبعاد، تشريعية المرتكزات، اقتصادية واجتماعية الأهداف.

وبغية تأمين متطلبات البيئة السياسية الداعمة لنجاح الحكومة في أداء مهامها وتنفيذ برنامجها فإن الأمر يستدعي تكاتف جهود كل الفعاليات والقوى الحية في المجتمع لإنجاح الحوار السياسي الجاري حاليا بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك، الذي ما من شك سيمهد لاحقا لحوار وطني واسع يضم إلى طاولته القوى السياسية كافة وممثلي منظمات المجتمع المدني.. وبهكذا جهود خيرة تغرس وتسقى بذور الاصطفاف الوطني المنشود لتغدو مخرجاته مرجعية وفاق كل اليمنيين، ومبعث تآزرهم لتنفيذ برنامج الحكومة. أما الإصرار على الدوران في الدائرة المغلقة للحوار العقيم فلن يفضي إلا إلى اللاشيء، وإنه ورب الكعبة لمراهنة (مسبقة) على إفشال الحكومة.

إذا تم تأمين مقدمة النجاح، يبقى من الأهمية بمكان توفر شروطه. وشروط نجاح الحكومة - أية حكومة- تتجلى بالانسجام والتوافق فيما بين أعضائها، وبتفعيل عناصر الحكم الرشيد في أدائهم كمحاربة الفساد، إطلاق حرية الرأي، اتباع الشفافية، الاحترام المطلق لسيادة القانون.. الخ. وقبل هذا وذاك ينبغي أن تتجسد شروط نجاح الحكومة بكفاءة القدرات والمؤهلات الفردية لرئيسها ووزرائه. بهذا الخصوص.

لا أبالغ إن قلت إن قدرات ومؤهلات د. علي محمد مجور رئيس الحكومة مؤشر على توفر أحد أهم شروط نجاحها. فالرجل قد اختبر على صعيد السلطة التنفيذية في وزارتين تميز أداؤه فيهما بالكفاءة والنزاهة والحزم وعدم مهادنة سدنة الفساد وأباطرته.

هذا الأمر وإن كان محط إجماع يظل هناك من يقول إن الواقع الاقتصادي - الاجتماعي الراهن بكل تعقيداته، ونزعة قوى التخلف فيه إلى إعاقة كل مجهودات التنمية، سيحول دون تحقيق ولو زخات نجاح للحكومة أيا كان رئيسها وأيا كانت قدراته ومؤهلاته، ولنا في الدكتور فرج بن غانم مثال ساطع.

نعم، تلك حقيقة مكابر من ينكرها، ولكن في الوقت ذاته يائس من يتقبلها كثابت، كما أنه جاهل من يسقطها على واقع اليوم دون تحليل لمعطياته التي تغيرت كثيرا قياسا بمعطيات الفترة السابقة. فالظرف ليس الظرف والرجل ليس الرجل حتى وإن تشابهت فيهما صفات كثر.

بعد المقدمة والشروط يتبقى لضمان النجاح الاستراتيجية السليمة للعمل، التي تتجسد ببرنامج حكومي طموح يتضمن مؤشرات رقمية مستهدفة، ومدداً زمنية محددة، وأهدافاً واقعية مرجوة تعتمد على سياسات متناغمة وإجراءات متعاضدة تؤازر، لا تعارض بعضها بعضا. فضلا عن برامج وزارية تفصيلية تُرتّب فيها الأولويات وفق منهج التأثير الدالي فيما بين المشكلات.

إذا ضمنتم كل ذلك، فلتتذكروا أيها الأجلاء الوزراء - وعلى الدوام- أنكم أقسمتم بالله العظيم، عالم الغيب وما تخفي الصدور على:

- احترام الدستور والقانون، الأمر الذي يفرض عليكم أن تكونوا القدوة الحسنة بتقيدكم بهما والذود عنهما وعدم السماح لكائن من كان بخرقهما.

- رعاية مصالح الشعب وحرياته رعاية كاملة، الأمر الذي يقتضي منكم صيانة مصالح المواطنين واحترام خصوصياتهم وعدم انتهاك حرياتهم تحت أية ذريعة.

وأخيراً فإن عظمة قسمكم من عظمة من أقسمتم به جل شأنه وعلا. فهلا التزمتم الصدق في القول والصدقية في العمل؟ ذلك ما يأمله منكم كل يمني غيور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى