معاناة مدارس الأطراف .. وعورة الطريق وبعد المدرسة تعيق الطلاب عن الدراسة فيها

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
الطلاب أثناء نقلهم بالسيارة
الطلاب أثناء نقلهم بالسيارة
حث الإسلام على العلم والتعلم منذ بدأ تنزيل القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم}.

إن هذا الأمر الإلهي بالقراءة والعلم نزل إلى جميع البشر رجالاً ونساء، واعتبر العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة. ومن أجل العلم أنشأت الحكومة العديد من المدارس من رياض الأطفال حتى أعلى درجات العلم، ولكن رغم هذا انتشرت الأمية بشكل كبير بين الأفراد خاصة بين أوساط النساء، ورغم مصادقة الدولة على العديد من الاستراتيجيات والمواثيق الدولية التي تهدف إلى تحسين واقع التعليم بشكل عام وتعليم الفتاة بشكل خاص، فهناك صعوبات تقف أمام هذه الخطوات لنشر العلم والتعليم ومن خلال هذا التحقيق نتعرف على الصعوبات والمعوقات التي تقف أمام تعليم الفتاة في اليمن.

رحلة طويلة قطعناها إلى مدارس الأطراف في إطار محافظة عدن، منها مدارس: المصعبين، دار منصور، العماد، وكود العثماني لنتعرف على تلك المعوقات عن قرب من الأشخاص المعنيين.

وقفت برهة من الزمن أمام مدرسة دار منصور التي تضم المرحلة الابتدائية من الصف الأول إلى الصف السادس فقط، كانت الساعة العاشرة والنصف صباحاً، فوجئت بخروج الطلاب من المدرسة وقلت بتفاؤل كبير ربما يذهبون في رحلة استطلاعية كما كنا نذهب عندما كنا في هذا السن إلى المتحف أو الصهاريج للتعرف على المعالم التاريخية لليمن، ولكن كان ذلك الخروج إيذاناً بعودة الطلاب إلى منازلهم لانتهاء الدوام المدرسي.

تجمع الطلاب حولي فسألتهم: ما سبب خروجكم من المدرسة قبل انتهاء الدوام؟ فأجاب الطالب محمد من الصف الخامس:

«يبدأ الدوام في الساعة الثامنة صباحاً وينتهي في العاشرة والنصف كل يوم، لا يوجد لدينا طابور صباحي، وندرس ثلاث حصص فقط: اجتماعيات وعربية وتربية إسلامية». محمد جمال، حارس المدرسة يؤكد قول الطلاب «يقرع جرس انتهاء الدوام في الساعة العاشرة صباحاً ونحن كأولياء أمور نطالب بتعليم الأطفال الدروس المقررة عليهم، فالطلاب يأتون إلى المدرسة ولا يجدون مدرسين، لأن المدرسة تعاني نقصا في عدد المدرسين».

< الأخت حميدة محمد ناصر، مديرة مدرستي مصعبين والعماد بمديرية دار سعد تقول:

«بحكم أن مدارسنا تقع في الأطراف نعمل جاهدين على نشر التوعية بين أوساط أهالي القرية في العماد والمصعبين ودار المنصور بأهمية التعليم وحثهم على إدراج بناتهم في الدراسة ومواصلتهن لها، فأغلب أهالي المنطقة يحرمون بناتهم من الدراسة بعد الصف التاسع. ولاحظنا تسرب الفتيات من التعليم خاصة في قرية العماد، كون مدرسة مصعبين بعيدة وتكاليف المواصلات باهظة تصل إلى (1500-1700) شهريا لكل طالب، فماذا يعمل رب الأسرة إذا كان لديه خمسة أو أكثر في البيت؟ لا يسعه إلا أن يمنع الأطفال من الدراسة ويكتفي بواحد ويكون الخاسر الأول الفتيات».

وأضافت «لتجنب ذلك عملنا على زيادة فصول دراسية في مدرسة العماد بالتنسيق مع شبكة الإرادة للتخفيف من الفقر وبتمويل من منظمة أوكسفام التي تكفلت بمنح المدرسين المتعاقدين مخصصات مالية بسيطة بقيمة (5000) ريال، وكذا تعاون مكتب التربية بهدف تمكين الطلاب وخاصة الطالبات من استكمال الدراسة، وحاليا المدرسة تعمل فترتين فالصفوف من (1 - 3) صباحاً ومن ( 4-6) في فترة الظهيرة، وتم استقطاب المدرسين من أبناء القرية، ونحن سعداء بأن تقوم شبكة الإرادة بالاهتمام بمدارس الأطراف، حيث لعبت دورا بارزا في تفعيل مدارس الأطراف فتكفلت برواتب المتعاقدين للتدريس (6) معلمين في مدرسة العماد ومصعبين وكل طاقم مدرسة كود العثماني، كما عملت على إضافة فصول دراسية في مدرسة مصعبين لتمكين الطالبات من استكمال الدراسة، ولكن للأسف فإن بعد المسافة أعاق طالبات قرية العماد من الوصول إلى قرية المصعبين، لهذا نطالب بفتح صفوف للمرحلة الثانوية حتى تستطيع الفتيات مواصلة الدراسة، ونتمنى أن تعمل شبكة الإرادة ومنظمة أوكسفام على فتح فصول إضافية للمرحلة الثانوية داخل القرية، وكل أهالي قرية مصعبين ودار منصور يتوجهون بالشكر إلى منظمة اوكسفام وشبكة الإرادة ومكتب التربية على تعاونهم وجهودهم المخلصة المساهمة في العملية التعليمية والتربوية، التي ذللت الكثير من الصعوبات لبناتهم، وتمكينهن من مواصلة الدراسة، وهذة أول سنة تدرس فيها بنات قرية المصعبين الصف الأول الثانوي في قرية دار المنصور، حيث كانت الفتيات يعانين صعوبة في الذهاب من قرية مصعبين أو دار منصور إلى مدرسة زينب علي قاسم في دار سعد لشحة الإمكانيات، فأغلب الأسر فقيرة، ولبعد قرية العماد، وأنا كمديرة مدرسة تكلفني المواصلات حوالي (2000) ريال».

وتستطرد في حديثها متسائلة: «الكثير من طالبات قرية العماد تقدمن بطلبات للدراسة كمنتسبات في المرحلة الثانوية في قرية المصعبين أو في مدرسة العماد.. فما هو رأي مكتب التربية والتعليم في هذا الطلب؟»

وتواصل حديثها «نعاني الكثير من الصعوبات فنحن نشغل مدرستين بمصروفات مدرسة واحدة، إضافة إلى أن طلاب مدرسة مصعبين معفيون من رسوم الدراسة خاصة في مراحل (1-6) فقط، وليس لدينا دخل سوى رسوم المرحلة من (7-9)، والمدرسة مختلطة ولدينا (12) فصلا مع الإدارة، والشعب الدراسية من (1-9) لكل سنة شعبة واحدة، ونعاني من كثافة طلابية في كل مرحلة، لذلك نتمنى أن يتم بناء دور ثان للمدرسة».

هناك صور ماثلة أمام أعين الطلاب يرونها كل يوم لا أدري هل تعطيهم دافعا للدراسة ومواصلة المشور على أمل التغيير أم تدفعهم للاكتفاء بمرحلة فك الخط وكتابة الاسم الثلاثي والقدرة على التوقيع؟

فها هو الشاب عبود عبده صالح العولقي، بكلاريوس حقوق خريج عام (1999-2000) رغم أنه مقيد في الخدمة المدنية بمحافظة لحج، ولكن للأسف لم يوفق في الحصول على وظيفة.

يقول الشاب عبود: «كما ترين أعمل على سيارة بيك أب في نقل الطلاب إلى المدرسة، وآخذ على الطالب الواحد (1000) ريال وذلك بحكم بعد المسافة».

لن ألوم الأخ عبود على أخذه هذا المبلغ من الطلاب، فهناك في قلب العاصمة عدن من يأخذ (1500) ريال عن كل طالب رغم أن المسافة لا تستحق كل هذا المبلغ.

< الأخت سميرة أحمد صالح برتوش، رئيسة قسم تعليم الفتاة ومشاركة المجتمع عضو في شبكة الإرادة للتخفيف من الفقر، سألتها عن دور شبكة الإرادة للتخفيف من الفقر في تفعيل مدارس الأطراف .. فأجابت «لها دور كبير حيث قامت الشبكة بتوفير مدرسين من أبناء المنطقة ومنحهم مبالغ رمزية بتمويل من منظمة أوكسفام البريطانية.

ويأتي أبناء المنطقة للتدريس في هذه المدارس نتيجة لبعد المناطق ووعورة الطريق التي تشكل صعوبة في الوصول إليها في حالة استجلاب مدرسين ومدرسات من خارج المنطقة».

وعن إنجازات الشبكة تقول: للشبكة إنجازات كثيرة في عدة مجالات، حيث تعمل في المجال التعليمي والصحي...

ماذا أنجزت في مجال التربية؟ أجابت «تم تفعيل مدرسة العماد، فقد كانت مدرسة غير مُفعلة بالشكل المطلوب وهي مكونة من ثلاثة فصول فقط، وحاليا تم تفعيل المدرسة على فترتين وتدرس فيها المرحلة الابتدائية من (1 - 6) وتم توفير مدرسين من أبناء المنطقة وهم خريجو ثانوية عامة». و تضيف «تم تأهيل هؤلاء المعلمين عبر دورة تدريبية عبارة عن ورشة عمل لكيفية إعداد الدروس والخطط الدراسية وفتح السجلات واستمرت على مدى ثلاثة أيام، وتأتي هذه الخطوة بعد عمل نزول ميداني لتحديد احتياجات المنطقة، ووجدنا أن عددا من الأطفال في سني الدراسة لا يدرسون ولم يتلقوا نصيبهم من التعليم».

وعن مدرسة مصعبين تقول «هي مدرسة حديثة تم بناؤها في العام الماضي وتضم كل سني المرحلة الأساسية من (1 - 9) وحاليا عملت الشبكة على إضافة فصل دراسي للصف الأول الثانوي، فالطالبات يتوقفن في هذه المرحلة الدراسية لعدم قدرتهن على الذهاب إلى ثانوية زينب علي قاسم بمديرية دار سعد لبعد المنطقة وارتفاع تكاليف المواصلات. والحمد لله تم إضافة الفصل الدراسي الذي يضم ست طالبات وعددا من الطلاب.

ومدرسة دار منصور تضم الصفوف من (1 - 6 ) وحاليا تم إضافة الصف السابع كخطوة أولية لفتح مزيد من الفصول الدراسية حتى المرحلة الثانوية في مدارس الأطراف».

وتوضح قائلة «كانت الطالبات في هذه القرية يدرسن إلى الصف السادس ويتسربن من الدراسة لعدم قدرة أهاليهن وتدني الحالة الاقتصادية والفقر الذي تعانيه المنطقة».

وعن التوجهات المستقبلية لنشاط شبكة الإرادة للتخفيف من الفقر تقول «نسعى لإضافة فصلين دراسيين (ثاني وثالث ثانوي) في مدرسة مصعبين، وهذا ما لا نستطيع أن نعمله في مدرسة العماد لعدم وجود فصول دراسية إضافية» متمنية أن تعمل إدارة التربية والتعليم على «إضافة فصول دراسية كافية تضم كافة المراحل الأساسية من أول ابتدائي حتى الثانوية العامة». وعن الصعوبات تقول الأخت سميرة «حاليا لا توجد صعوبات، فالأهالي متفهمون والطلاب لديهم رغبة في مواصلة الدراسة، ولكن هناك تحديات مستقبلية تثير قلقنا وقلق الأهالي، وتتمثل في التساؤل: في حالة انتهاء المشروع وتوقف دعم منظمة أوكسفام ماذا سيكون مصير الطلاب؟».

واختتمت حديثها بالشكر للدكتور عبدالله النهاري وقيادة محافظة عدن «لجهودهم الكبيرة للمساهمة في تذليل الصعاب التي واجهتنا في تفعيل مدارس الأطراف، وكذا الشكر لقيادة مديرية دار سعد ممثلة بالأخ عبدالملك عامر، مدير عام المديرية والأخ أحمد حامد لملس، مدير عام مديرية الشيخ عثمان».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى