رسالة من تحت الماء إلى الدكتور علي مجور

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
بعث زميلي العزيز الكاتب الصحفي القدير الأستاذ نجيب يابلي برسالة إلى دولة رئيس الوزراء د.علي مجور في إحدى مقالاته الجميلة والمعتادة من على منبر صحيفة «الأيام» قبل أيام عبر قصيدة «قارئة الفنجان» للشاعر الكبير نزار قباني، التي تقول في مطلعها «لا تحزن يا ولدي» وتنتقل بعدها إلى مزيج من التفاؤل والتشاؤم ليقول على لسان قارئة الفنجان «لكن سماءك ممطرة وطريقك مسدود». ومن قرأ فحوى مقالة أخي نجيب عله أدرك معنى رسالته، أما أنا فقد احترت كثيراً عندما كلف الأخ الدكتور علي مجور بتشكيل الحكومة، هل أبعث لدولته برسالة تهنئة حيث لم يحصل لي مطلقاً أن قمت بمثل ذلك تجاه من سبقوه من الأصدقاء ومن تقلدوا هذا المنصب الرفيع؟ أم أبعث له برسالة تعزية نظراً لجسامة التركة المثقلة والصعبة بتراكماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لا يحسده عليها العدو قبل الصديق؟ إلا أني ارتأيت عدم الأخذ لا بهذه ولا بتلك، واستحسنت أن أبعث له برسالة من نوع آخر وتتلخص في الآتي :

1- إننا معك يا دكتور علي فيما قلته في كلمتك يوم أداء أعضاء الحكومة قسم اليمين أمام فخامة الرئيس علي عبدالله صالح والتي طلبت فيها بعدم تدخل أصحاب النفوذ فيما لا يعنيهم، وهو مطلب يمثل الخطوة الأولى الصحيحة لرحلة الألف ميل ويجسد ما عرفناه عنك من مصداقية وعزم وإرادة.. واحذر المفسدين .

2- إن الفساد في رأينا ينطلق من منبعين أساسيين: أولهما المال وثانيهما النفوذ، فالنظام المالي الحالي مرتع للفساد ويساعد على تفشيه ومن الضروري إعادة النظر فيه وتغييره، وتتمثل بداية مسار تغييره بتطبيق مبدأ «أن تصب كل موارد الدولة في حوض واحد لا تعددية فيه ولا حسابات خاصة ولا استثناء لأي كان، وأن تحدد النفقات الحكومية الجارية والاستثمارية في الموازنة السنوية التي تصدر بقانون يلتزم الجميع بتنفيذه دون تجاوزات أو اعتمادات إضافية مفتوحة».. وعليك يا عزيزي بتفعيل الرقابة المالية، وتعزيز دور المؤسسات، وتحجيم الوساطات، ومنع التدخلات وخاصة في المناقصات الحكومية (بؤرة الفساد).

أما النفوذ بأشكاله كافة فهو المنبع الآخر للفساد وبالأخص النفوذ العسكري وممارساته الخاطئة في المحافظات الجنوبية، المتمثلة في السطو والاستيلاء على الأراضي وتدخلاته في شؤون لا تقع ضمن اختصاصاته، وهو ما يعد من أبرز عوائق الاستثمار والتنمية.

حاول يا عزيزي أن تحل مشاكل الأرض، وأن تلغي من القاموس اليمني مصطلح حق الحماية، وأن تكسر نفوذ المحتكرين في الواردات بوجه عام وفي المواد الغذائية بوجه خاص، ومعهم مساعديهم من المفسدين في المنافذ الجمركية، فهم السبب الرئيس في زيادة الأسعار التي يعانيها عامة الناس وليس بسبب ارتفاع الأسعار العالمية وحده.

3- نريد يا دولة رئيس الوزراء أن نرى عدن عاصمة اقتصادية حقيقية وأن تترجم برامجها الإنمائية المقرة منذ سنوات عديدة إلى واقع ملموس، وفي مقدمتها المنطقة الحرة، لأن الناس في عدن قد شبعوا وملوا الوعود الكثيرة الكاذبة.

4- تحظى المؤسسة الاقتصادية اليمنية بامتيازات رسمية خاصة ولا ندري نحن، ولا الدكتور العسلي، وزير المالية السابق هل هي مؤسسة عامة أم خاصة؟ وكل ما نعرفه عنها أنها تدار بواسطة عسكريين ذوي نفوذ قوي، وتقوم بمعظم الأنشطة التي كانت تقوم بها شركتا التجارة الداخلية والخارجية وتمتلك أصولهما، إضافة إلى تملكها أصول مؤسسات عامة أخرى كانت قائمة خلال فترة حكم الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب.. كل المعنيين بالشأن الاقتصادي اليمني يسألون عن هويتها، خاصة وأنها تمارس نشاطات عدة في التجارة والمقاولات والعقارات والخدمات والسياحة وغيرها، ربما عبرك يا عزيزي يمكننا جميعاً التعرف عليها.

5- هناك قضايا عليك الإسراع في حلها لارتباطها بالحياة المعيشية للناس ولها علاقة بالاحتقان والسخط الراهن في الشارع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر حقوق المتقاعدين ومشاكل تطبيق قانون ضريبة المبيعات والأوضاع الصحية والتعليمية، والتمييز في المواطنة.

6- انفتح يا عزيزي على كل القوى السياسية في الساحة، ربما مجتمعين تجدون مخارج للأنفاق المظلمة التي أدخلنا فيها، فالتركة ثقيلة جداً ولا يستطيع الحزب الحاكم ولا الحكومة بما لديها من إمكانات وجيش وأمن أن يحملاها وحدهما أو أن يجدا الحلول المناسبة لها، فليس بالانفراد ولا بالقوة تحل المشاكل الوطنية، فالغرور قاتل والتواضع مطلوب والقضية قضية وطن ومواطنين وليست -كما تعلم- قضية قبيلة أو حزب أو مذهب فالوطن للجميع.

وختاماً هذه رسالتي المتواضعة بخطوطها العريضة والتي كلي ثقة أنك قد وضعت معظمها ضمن برنامجك.. ولكني مع كل هذه الثقة أخاف عليك جداً من كيد المتنفذين المتضررين من هذا البرنامج وآمل يا عزيزي بعد أن قرأت رسالة الزميل نجيب يابلي عبر قصيدة «قارئة الفنجان» المشار إليها آنفا، ألا تقرأ مستقبلاً للشاعر نزار قباني قصيدته الأخرى «رسالة من تحت الماء» التي خاتمتها تقول «إني أغرق أغرق أغرق» وربنا يحميك من الغرق يا بن المجور.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى