مدينة دخان.. معالم أثرية تتعرض للتخريب والنبش

> «الأيام» قائد زيد ثابت:

>
أطلال مسجد دخان والمدينة
أطلال مسجد دخان والمدينة
تقع مدينة دخان في الاتجاه الجنوبي من مديرية رصد في إطار مكتب كلد قبلياً الذي يعتبر من أكبر مكاتب يافع السفلى والعليا مساحة وسكاناً.

وتعتبر مدينة دخان واحدة من أقدم المعالم الأثرية في يافع وتزخر بالعديد من المدافن المحفورة في الصخر التي كانت تستخدم لخزن حبوب المحاصيل الزراعية، وبقايا أساسات مبان قديمة وبقايا مبان متلاصقة بعضها ببعض مؤكدة ما يتداوله الناس أنه كان لهذه المدينة سور وبابان رئيسيان، وداخل سور المدينة مسجد قديم مبني بأسلوب هندسي بديع تزين جدرانه بعض الزخارف والعقود الجميلة ويسمى مسجد دخان، وبجوار المدينة من الخارج سد كبير يتسع لكميات كبيرة من مياه الأمطار ويقع في الاتجاه الجنوبي الغربي من المدينة، وهو مبطن بخرسانة النورة القديمة وما يزال صالحا للاستخدام مع إضافة اللمسات التجميلية.

وبداخل المدينة مئات المواحس (حفر صغيرة في الصخر الأصم تستخدم لدهس وطحن الحبوب) بعضها ما تزال ظاهرة والبعض طمرتها الحجارة المتراكمة فوق بعضها البعض التي أسقطها الزمن وأيادي العابثين لغرض الحصول على الأخشاب وأحجار السقوف.

أسرار وعجائب مدينة دخان

من أسرار وعجائب مدينة دخان وجود طريق مدرج مرصوف بالحجارة ذات الأحجام الكبيرة يبدأ من أسفل جبل قصبي ويمتد حتى أعلى قمة في الجبل على شكل سلم حلزوني، وما تزال بقايا آثار ذلك الطريق باقية حتى الآن، ويقال إن ذلك الطريق يسمى طريق الجمال، وما يؤكد ذلك وجود مرابض الجمال وسط كل ساكن (الساكن هو تجمع محدود للسكان)، ويمر ذلك الطريق وسط مدينة دخان ومن ثم ساكن المحداد والمعزبة حتى آخر ساكن في أعلى القمة.

وبالقرب من مدينة دخان وبالتحديد في أحضان وقمم جبل قصبي توجد أساسات مبان قديمة في أماكن متناثرة منها ساكن المعزبة الذي يحوي مسجدا وسقاية، وبالقرب من ساكن المعزبة ساكن آخر يسمى ساكن المحداد، ويمر طريق الجمال بجوار هذين الساكنين، ويتواصل حتى أعلى قمة في جبل قصبي، التي فيها ثلاثة سواكن الأول يسمى ساكن (القلة) ويقع في الاتجاه الشمالي الشرقي من قمة جبل قصبي وبالقرب منه ساكن ثان يسمى ساكن (حُمر) ويحوي أساسات مبان قديمة وثلاث برك بأحجام متفاوتة بالقرب من مسجد مهدم يسمى مسجد (حُمر)، ويقع هذا الساكن في الاتجاه الجنوبي الشرقي من قمة جبل قصبي، وفي الاتجاه الشرقي من ساكن (حُمر) قبل الوصول إلى القمة بحوالي 50 متراً سد واسع أشبه بسد دخان يسمى (ماجل الزعيم).

< خلال زيارتنا حدثنا الأخ علي محمد عوض السميطي، الذي وجدناه في مدينة دخان يرعى الأغنام، أنه منذ الصغر أكثر ما يتردد بالأغنام في جبل قصبي على دار قديمة مقابل لمدينة دخان من الاتجاه الغربي كانت قبل 30 عاماً تتكون من ثلاثة طوابق تسمى دار (خُفيع) تم هدمها وأخذ محتوياتها من أخشاب وحجارة لعدم فهم الأهالي بقيمتها الأثرية التي لا تقدر بثمن، ولم يبق من هذه الدار سوى الاسم وأساس المبنى.

ومن ضمن المعالم الأثرية الموجودة بجوار مدينة دخان في الربع الأخير من جبل قصبي سد واسع يسمى (ماجل حبيل العوبلي) وسمي بهذا الاسم لاشتهار المدرجات الزراعية التي تحيط بالسد بزراعة حبوب العوبلي على حد قول السميطي، الذي زودنا بهذه التسميات المتناقلة أباً عن جد ورافقني في الرحلة ولولاه ما تمكنا من إنجاز هذا العمل.

كما حدثنا السميط عن ساكن يقع في الجنوب الشرقي لمدينة دخان فوق قمة جبلية أقل ارتفاعاً من قمة مدينة دخان ويسمى ساكن (ذي صاوف).

ماجل دخان
ماجل دخان
لماذا سميت دخان بهذا الاسم؟

أما السبب الذي من أجله سميت هذه المدينة بدخان فقد اختلفت فيه الروايات المتناقلة، أولها أن مدينة دخان كانت في السابق عبارة عن سوق ومنطقة صناعية لصناعة الجنابي القصبية (نسبة إلى جبل قصبي) وبسبب زيادة انبعاث الدخان من المدينة سميت (مدينة دخان) أما الرأي الثاني فيقول إن مدينة دخان كانت أكبر تجمع سكاني في كلد في تلك الفترة التي لا يتسنى لأحد معرفتها، وكانت تسمى قبل أن تسمى بدخان (قارة قصبي) وانتشر بين الساكنين في تلك المدينة مرض فتاك يقال إنه الطاعون أهلك الكثير من سكان المدينة وبعضهم هاجروا من ديارهم إلى مواقع أخرى، وأكدوا ذلك بوجود ثلاث مقابر بالقرب من المدينة، وبسبب اختفاء سكان المدينة اطلق عليها مدينة دخان. أما الرأي الثالث فهو رأي الكثيرين وهو الأرجح لامتلاك الدليل الذي يؤكده، حيث تقول الروايات المتناقلة بين أوساط الكثيرين إن زوجة كبير رجال مدينة دخان كانت ذات جمال فائق، وكان الخدم والجواري تحت خدمتها وكان يصعب على المحيطين رؤيتها، وذات يوم عندما كان كبير المدينة في سفر استغل رجال دلاكم الفرصة لرؤيتها وقاموا بإحضار قطعة من الخشب طولها يوازي طول الإنسان وغطوها بالقماش ونشروا خبرا كاذبا بوفاة كبير مدينة دخان، من ثم قاموا بحمل الجنازة الكاذبة إلى داخل أسوار مدينة دخان وخرجت زوجة كبير المدينة لرؤية جثمان كبير المدينة واتضح بعد ذلك أن الخبر كاذب والغرض من ذلك رؤية زوجة كبيرهم، وبعد عودة كبيرة المدينة أراد الانتقام من آل دلاكم ومساعديهم من آل ضبعان والبحبح، فنظم خطة للهجوم على حفل زفاف يجتمع فيه آل دلاكم وضبعان في حبيل جار، وهجم هو وجماعته وبحوزة كل شاب قطعة حادة من الحديد تسمى (شلفة)، ويقال بعد ذلك أن المعركة انتهت بقتل عدد كبير من الطرفين حتى قيل إن 70 شاباً قتلوا في تلك الليلة فقط جميعهم يحملون اسم محمد.

وأكد الشيخ حسين حيدرة الساكن أسفل جبل قصبي أنه ظل يشاهد حتى نهاية السبعينات كتابة في صخرة أسفل مدينة دخان وبالتحديد وسط حبيل جار (موقع المعركة). وقال في حديثه إن تلك الكتابة على الصخرة كانت موجودة حتى نهاية السبعينات مفادها مقتل 70 شاباً باسم محمد في حبيل جار. وأضاف أن تاريخ حدوث المعركة كان مدوناً في ذلك النقش.

الجدير بالذكر هنا أن هذه المعالم تتعرض بين الحين والآخر للتخريب من قبل أياد عابثة تحت مسمى البحث عن كنوز، وما تعرضت له هذه المدينة من طمس وتخريب يعد كارثة وخطراً يهدد باقي المعالم الأثرية الأخرى في القارة وجبل آل سالم، ولهذا نود لفت النظر بالاهتمام بهذه المعالم من قبل جهات الاختصاص والعمل على ترميمها وحمايتها من أيادي العابثين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى