القاضي البابكري والمحامي المصري!

> علي هيثم الغريب:

>
علي هيثم الغريب
علي هيثم الغريب
شاهدت مساء ليلة 24/4/2007م على شاشة إحدى القنوات الفضائية فيلما عنوانه (ضد الحكومة) بطولة الفنان المرحوم أحمد زكي. وتدور أحداث هذا الفيلم حول مافيا التعويضات.. كان بطل الفيلم محاميا بارعا في الدفاع عن الحق، يقف مع المظلومين ويتحدى الظالمين الذين يعرضون الوطن للخطر، حتى وإن كانوا من كبار المسؤولين والوزراء في الدولة. وتبدأ القصة عندما يتعرض (أوتوبيس) يحمل طلاباً في رحلة مدرسية لحادث أليم في سكة حديد مات فيه 20 من الطلاب. وقد أراد المسؤولون الكبار في الحكومة أن يحملوا السائق وعامل التحويلة مسؤولية هذا الحادث الذي راح ضحيته كل هؤلاء الأطفال.

ولكن المحامي رفع دعوى أمام المحكمة طالب فيها بمحاكمة المسؤولين الكبار والوزراء وإنزال أشد العقوبات عليهم بصفتهم المسؤولين الحقيقيين عن هذا الإهمال الذي نتج عنه الحادث الأليم.. فوقف القاضي إلى جانب هذه المطالب القانونية والمشروعة وقبل الدعوى.

ولكن أجهزة الحكومة وهي تعرف استقلالية القضاء قامت بطريقتها بالقبض على هذا المحامي وعذبته، وحاولت من خلال سيرة حياته البحث عن أي مستمسكات ضده لتلفيق تهم له تجعله يتنازل عن دعواه ولم تجد إلا التهم الجاهزة لأي إنسان شريف أي أنه يوزع منشورات ضد الحكومة.

ولكن بالرغم من كل هذه الضغوط أصر على الاستمرار في القضية حتى بعد أن تخلى عنه زملاؤه المحامون الذين كانوا يعملون معه في مكتبه، وسحب الموكلون توكيلاتهم منه خوفاً من بطش الحكومة وأجهزتها الأمنية المتعددة، ولم يبق معه إلا هيئة المحكمة التي رفضت حفظ القضية، وكذلك توكيل مطلقته أم ولده بصفتها أم أحد المصابين في الحادث.. وسبب استمراره في هذه القضية هو أنه كان يومياً يكتشف جريمة بل وعدة جرائم تقوم بها أجهزة الحكومة، وأصر على ملاحقة الوزراء والمسؤولين الكبار وليس معاقبة المظلومين والمواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.

ووجد أن حياة الكفاح ضد الباطل حتى وإن عذب وسجن أفضل من حياة الترف واللهو والمال.. وقد انتهت أحداث الفيلم بحكم المحكمة باستدعاء الوزراء للتحقيق معهم، وهتاف الناس «يحيا العدل» وتهنئتهم للمحامي بهذا الفوز الكبير.. حتى زملاؤه الذين تخلوا عنه خوفاً من بطش الحكومة ندموا واعتذروا له وانضموا إليه.

وقد ذكرني هذا الفيلم بأخي القاضي امذيب صالح البابكري الذي وقف مع محامي المظلومين في محافظة لحج ضد عصابة استمرأت تعذيب الناس وسجنهم في الحاويات ونهب الأراضي وقتل أصحاب الحق، وحاول استدعاء الوزراء والمسؤولين الكبار ومحاكمتهم بصفتهم المسؤولين الحقيقيين عن تلك الجرائم البشعة، باعتبار أن تلك العصابة تنتمي إدارياً ومالياً إليهم، وتحت إمرتهم، ولكن القضاء بدلاً من أن يحاكم هؤلاء المسؤولين الذين دمروا حياة الناس الضعفاء وعاثوا في الأرض فساداً، حاكم القاضي الذي كشف الفساد وألقى به خارج القضاء.

ولكنني قلت إن شاء الله سيكون النصر في النهاية لأصحاب الحق وسيأتي القضاء الذي سيقف معهم كما أتى القاضي البابكري يوماً ما من شبوة، وسيحاكم الفساد والمفسدين لأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى