قيادات بمنظمات المجتمع المدني يتحدثون لـ «الأيام» عن وضع المرأة بمناسبة اليوم العالمي للعمال .. الآنسي: المرأة لا تزال تعاني من عدم قيام الدولة بتفعيل دورها وتغيير مفهوم المجتمع نحوه

> «الأيام» بشرى العامري:

> يحتفل العالم في أول مايو من كل عام بعيد العمال لما حققه مجموعة من العمال في مثل هذا اليوم من امتيازات وحقوق جعلتهم في وضع أفضل.

ولكن هل وصل العامل اليمني إلى وضع مماثل أو هل حصل على كافة حقوقه بما يكفل له مستوى معيشي يقية ذل السؤال؟

في هذا التحقيق لن نخوض كثيرا في هذا المجال ولكننا سنتحدث عن المصاعب والإشكاليات التي تواجهها المرأة العاملة في وقتنا الحاضر لنوضح بصورة جلية ما تعانيه المرأة اليمنية الشريك الأساسي والمهمش في التنمية التي يعول عليها لبناء مستقبل مزدهر لليمن.

المرأة العاملة في الدستور
إن التحديات والصعاب التي تواجهها المرأة العاملة لانستطيع أن نجزم بأنها متعمدة، إنما هي تحديات وجدت نتاج عوامل عديدة إلى الآن لا تستطيع المرأة بمفردها أن تجتازها إلا بدعم ومساندة الشريك الآخر أخيها الرجل، فبجهدهما معا ستنتهي التحديات أو على الأقل ستخف معاناة المرأة النفسية والمادية.

لقد أقر الدستور والقانون اليمني للمرأة العاملة مساحة مهمة تعتبر بشهادة القانونيين والعلماء مشتملة على قواعد ومبادئ عادلة ومتساوية ليس أثناء العمل فقط إنما قبل العمل وبعده، بل ويؤكد الأغلبية بمن فيها النساء العاملات أن الدستور والقانون اليمني عكس مبادئ الاحترام والتمييز الإيجابي للمرأة والأوم العاملة بما يحفظها ويحفظ أمومتها بل وكيان الأسرة، ويتضح ذلك في مواد الدستور والقانون التي إذا ما وجدت اختلالات ضد المرأة العاملة وضد أمومتها سواء في القطاع العام أم الخاص فهو من عدم التطبيق لها، ويجب أن تتحد جهود الدولة والعمال ونقاباتهم في الدفع نحو تطبيق مواد الدستور والقانون الخاصة بحقوق المرأة العاملة في ظل قيامها بواجباتها، وقد نصت المادة 29 من الدستور على أن «العمل حق وشرف وضرورة لتطوير المجتمع ولكل مواطن الحق في ممارسة العمل الذي يختاره لنفسه..» ولفظ كل مواطن يشمل الجنسين بنص دستوري صريح. وفي المادة رقم 12 من قانون الخدمة المدنية لسنة 91م ورد النص الآتي : «يقوم شغل الوظيفة العامة على مبدأ تكافؤ الفرص والحقوق المتساوية لجميع المواطنين دون أي تمييز وتكفل الدولة وسائل الرقابة على تطبيق هذا المبدأ.».

ومن هذا المنطلق يكون للمرأة الحق الكامل في العمل الذي كفله لها الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي صادقت عليها بلادنا ولها الحق في العمل في أي مجال تختاره من المجالات أو المهن التي يمارسها الرجل على قدم المساواة وتخضع لنفس الشروط التي يخضع لها من ترقية وتعويض وإنابة وتأهيل وسفر وكل ما له علاقة بالوظيفة العامة.

وهناك مواد خاصة في قانون الخدمة المدنية والعمل تحمي المرأة العاملة من أي تعسف أو اضطهاد مراعاة لدورها الجسيم في المجتمع كأم وزوجة وقوة عاملة، وهي المواد المتعلقة بإجازات الوفاة والوضع وخفض ساعات العمل عند الحمل وفترة الرضاعة.

< ويضيف إلى ذلك المحامي خالد الآنسي، المدير التنفيذي لمنظمة (هود) قائلا: «خلال السنوات الماضية ومن بعد الوحدة اليمنية استطاعت المرأة أن توجد قناعة لدى المجتمع بأن تمارس وظائف وتؤدي مهام معينة كان يُرى أنها حكر على الرجل من قبل، وعلى الصعيد التشريعي صار هناك كثير من القوانين التي تحمي مشاركة المرأة وتشجعها وتعطيها من الامتياز ما تعطيه للرجل».

وعن الإشكاليات التي تواجهها المرأة العاملة في إطار القانون تحدث قائلا: «هناك إشكالية في احترام وتطبيق القانون، فوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهي المعنية بالأمر لا تقوم بالدور الرقابي المناط بها وهناك أيضا الاتحاد العام للنقابات بحكم السيطرة الذكورية عليه لم يفعل حقوق المرأة كالحق في الحضانة وساعات العمل أثناء الحمل والإرضاع على سبيل المثال، ونجدها لا تحترم ولا تطبق في معظم الأعمال، وفي القطاع الخاص نجد أرباب العمل يتهربون من توظيفهن بسبب هذه الحقوق».

وعن دور الحكومة في خلق نوع من المعاناة تحدث قائلا: «أيضا المرأة لا تزال تعاني من عدم قيام الدولة بتفعيل دورها وتغيير مفهوم المجتمع نحو دورها، لأن المرأة لن تستطيع تغيير هذا بمفردها بدون مشاركة الدولة، كذلك عانت المرأة من تقليص في بعض الوظائف التي كانت قد حصلت فيها على امتيازات ودور متقدم كوجودها في السلطة القضائية، حيث تم تقليص عدد النساء العاملات في سلك القضاء وبالتالي تناقص عددهن نتيجة التقاعد والاستقالة إلى عدد محدود وحصر أدوارهن أحيانا في وظائف تتعلق بالمرأة والأحداث، بينما بإمكانهن أداء أدوار جيدة في مختلف أنواع القضايا وهذا تتحمل مسئوليته الدولة باعتبار أنها من سعت إلى ذلك من حيث سياسة القبول في المعهد القضائي أو من حيث سياسات التعيين والتوظيف للقاضيات.

وهناك أمر آخر وهو التعامل الانتهازي مع المرأة واستخدامها كنوع من الديكور بحيث تكون (حبة في البرلمان وحبتين في الحكومة وحبة ونص في مجلس الشورى) ومن هذا القبيل، وهو استخدام المرأة استخداما إعلاميا من أجل اجتذاب المساعدات والقروض وليس لإشراك المرأة إشراكا للشريعة والدين معللين قولهم بالآية الكريمة {وقرن في بيوتكن}.. في هذا الصدد تحدثت إلينا الأستاذة أمل علي، أستاذة في العلوم الشرعية قائلة: «القرآن والسنة أقر فيهما حق العمل بل وفرض ليكون الطريق الأساسية والوحيدة لبلوغ النعيم في الآخرة، فالباءة عمل والعمل عبادة وكلاهما فرض على بني البشر لعبادة الله وتعمير الأرض، وعندما منح الإسلام حق العمل ساوى بين الرجل والمرأة بما يتناسب مع قدراتهما وكفاءتهما دون اعتبار للجنس، قال تعالى: {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} وقال تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض} وعليه فإن عمل المرأة والرجل في الأمور الدينية والحياتية هي في الكتاب والسنة لها نفس الأجور ونفس المكافآت والجوائز».

آراء نسائية
< وحول رؤية المرأة العاملة لوضعها تحدثت الأستاذة رمزية الإرياني، رئيسة اتحاد نساء اليمن الأمين العام لاتحاد النساء العربي قائلة: «المرأة حققت الكثير جدا خلال الفترة السابقة واستطاعت أن تثبت وجودها في كثير من المجالات، وأن تصل إلى مراتب كبيرة في صنع القرار لم تكن تحلم بها سابقا، صحيح أنها قليلة ولكنها تعتبر إنجازا كبيرا أيضا هناك نساء متميزات استطعن أن يبرزن وجودهن سواء في القطاع العام أم القطاع الخاص ولكن هناك كثيرا من المشاكل ومن أهمها القوانين التي لا تنفذ بشكل كاف كإجازات الوضع والإرضاع والوفاة ونظرة الرجل الدونية للمرأة مما لا يجعلها تترقى في عملها كزميلها الرجل على الرغم من أنها قد تكون أكفأ منه، ولا ننسى أن 80% من النساء هن ريفيات وعاملات وقد تكون رئيسة للبيت أيضا نتيجة غياب زوجها فتقوم برعاية البيت وإدارته والعمل في الحقل دون أي أجر أو حق يذكر».

< بينما أنكرت الإعلامية أحلام عبدالرقيب أي تقدم يذكر للمرأة قائلة: «المرأة في تقهقر مستمر منذ الوحدة حتى الآن، طالما ونحن نعيش في ظل قرارات في مجالس القات، واليوم الذي تحتفل به بلادنا بيوم المرأة إكليشة لدغدغة عواطف المرأة، أما عن العامل فهل العامل قادر على أن يعيش جيدا حتى يحتفل بيومه، فلتطعم الدولة هذا العامل وتكفل له حياة كريمة ثم تحتفل بيومه».

وأخيرا
يبقى علينا، قبل أن نناقش ونطالب بحق العمل وحقوق المرأة العاملة وحماية تلك الحقوق، توفير البيئة المناسبة لها فكرا وأسلوبا وعلينا دولا وشعوبا مؤسسات وأفرادا، رجالا ونساء، أن نؤمن أن العمل أساس الحياة أيا كان ومهما كان طالما أنه عمل كريم شريف للمرأة داخل بيتها أو خارجه، فبذلك الإيمان وتطبيقه ستكون تحديات المرأة العاملة أقل وأضعف لأنها تستند في مواجهتها على زوج وأب وأم وأسرة ودولة ومجتمع يقدر العمل والمرأة العاملة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى