الحرب تنتج نظاما ماليا ذاتيا في الصومال

> هرجيسة «الأيام» ميشال كاريو :

>
تحت اشعة شمس حارقة، يتقدم حارس الاموال نحو قطاع العاملين في صرف العملات، بصعوبة بالغة في الممرات الترابية في سوق هرجيسة حيث يلقي بحمولة عجلته المزدانة بازهار وتفيض برزم الاوراق المالية البالية.

وبسبب غياب المؤسسات المصرفية في الصومال، فان كل معاملات صرف العملات المحلية تمر عبر الصرافين الذين يعتاشون من العمولات التي يتقاضونها من الافراد والشركات على حد سواء.

وتحت مظلات تقيهم حرارة الشمس، يصطف الصرافون وبين ايديهم ادوات العمل اي الات حاسبة يدوية، ويعرضون امامهم "بضاعتهم" المتمثلة في رزم من عملة الشيلينغ المعتمدة في ارض الصومال.

وهذه العملة التي لا تستخدم في اي مكان اخر، هي تلك التي اعتمدتها هذه المنطقة الانفصالية في شمال غرب الصومال منذ ان غرقت البلاد في فوضى الحرب الاهلية في 1991 التي قضت على الادارات والنظام المصرفي والشركات.

ويعزو الصرافون الذين يتحلون بالصبر وطول الاناة، الاجزاء المعقدة من نظام الصرف الصومالي الى حداثة عهده. فكل 650 الف شيلينغ من ارض الصومال تساوي 100 دولار (3،73 يورو) او ثلاثة ملايين و250 الف شيلينغ صومالي.

وهذه الاوراق المالية "تاتي من بنك الصومال (المركزي)"، لكن احد الصرافين يستدرك بسرعة ليقول "عفوا، من بنك ارض الصومال".

حتى مهنة الصرافة تواجه احيانا صعوبة في التاقلم مع هذه العملات غير القابلة للتحويل، المرتبطة بمعدلات صرف متقلبة وفقا للوضع الامني. لكن احمد حسن عبر عن ارتياحه لان "الاعمال تسير بشكل جيد هذه الايام".

اما بالنسبة لعمليات التحويل من مدينة الى اخرى -- والتي جعلها الفلتان الامني كثيرة المخاطر -- والعمليات الدولية بالعملات الاجنبية، فقد وضع الصوماليون على مر السنوات نظاما ماليا ذاتيا واحسنوا اداءه.

واوضح عبد القادر حسين سعيد مساعد مدير قسم التنمية في "دهبشيل" احدى الشركات المالية الصومالية الرئيسية، لوكالة فرانس برس "نسمح للناس بارسال الاموال لعائلاتهم ولرؤساء الشركات بابرام عمليات".

ويتم تسليم المال المودع في صناديق الشركة الى المرسل اليه في الصومال او الخارج خلال الساعات الاربع والعشرين اللاحقة بعد اعداد اوامر دفع تنقل عبر مواقع آمنة على الانترنت.

ولداعي السرية لا تكشف الشركة مبالغ التحويلات النقدية، لكن يمكن ان تبلغ 100 الف دولار (73326 يورو) بالنسبة الى الشركات.

وقد أسس هذه الشركة في السبعينات تاجر من مدينة هرجيسة مقيم في دبي. واطلق المؤسس اسم "دهبشيل" اي مازج الحليب" بالصومالية. وروى سعيد "ونمت الشركة مع الحرب الاهلية".

واسفرت الحرب الاهلية في الصومال عن حركة نزوح كثيفة للصوماليين الى الخارج,وتشكل تحويلاتهم الى عائلاتهم احد ابرز موارد الصومال.

واليوم تملك شركة دهبشيل مركزا للعمليات في هرجيسة ومقرها الاجتماعي في لندن و400 مكتب عبر العالم -- بينها 130 في بريطانيا وحدها --، ما جعلها اول شركة خاصة في الصومال مع تشغيل 1500 شخص، كما يقول سعيد بكل اعتزاز.

والمجازفة هي ثمن النجاح. فحيث لا يجرؤ اي منافس اجنبي على المغامرة، تعمل شركة "دهبشيل" على مدار الايام السبعة في الاسبوع سواء كانت هناك معارك في الصومال او لم تكن,واضاف "لدينا قوتنا الامنية الخاصة في مقديشو. لا نريد خسارة زبائننا". (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى