«الأيام» تزور أحد المعمرين في المحفد .. شهد أحداثًا وقعت قبل أكثر من مائة عام ووصف الرئيس علي عبدالله صالح بسلطان العرب

> «الأيام» عبدالله حيدرة قردع:

>
المعمر لصبع بن الشيخ السعيدي الكازمي وإلى جواره عضو المجلس المحلي ناصر أحمد بامرحول
المعمر لصبع بن الشيخ السعيدي الكازمي وإلى جواره عضو المجلس المحلي ناصر أحمد بامرحول
القضاء والقدر المكتوبان على اللوح الرباني هما وحدهما اللذان يقرران ويحددان بداية ونهاية عمر الإنسان ، وكذا طول أو قصر المسافة الفاصلة بين بداية ونهاية عمر الإنسان باختلاف ما تحويه تلك المسافة العمرية من شخص إلى آخر، ويبقى الأمل والطموح هما القاسم المشترك بين البشر عامة .

على أثر النداءات المستمرة التي تلقتها «الأيام» من أبناء منطقة وادي مهور بمديرية المحفد محافظة أبين لزيارة المعمر الشيخ (لصبع بن شيخ السعيدي الكازمي) البالغ من العمر - بحسب إفادته - 165 عاماً، ويعد أكبر معمر في مديرية المحفد، لبت «الأيام» الدعوة كعادتها المعهودة في تلبية دعوات ونداءات المواطن اليمني اينما وجد، والجلوس إليه والتقرب منه والاصغاء إليه بقلب واسع مفتوح رحب ومشاركته أفراحه وأحزانه وتنفيس كربته وتخفيف معاناته ..

فهاكم قصة الرحلة الشيقة من البداية وحتى النهاية..

تحركت تمام الساعة السابعة صباح يوم الجمعة الموافق 26/4/2007م إلى منطقة وادي مهور، التي تبعد نصف ساعة عن عاصمة المديرية المحفد حيث صحبني بسيارته في تلك الرحلة الأخ ناصر أحمد بامرحول، عضو المجلس المحلي بالمديرية الذي تشكره «الأيام» على الجهود التي بذلها لتهيئة هذا اللقاء .

بعد أن تجاوزنا مشقة الطريق بالوادي وصلنا المكان الذي قصدناه حيث استقبلنا نجل ابن أخ المعمر واسمه سالم مرخوص، وهو عقيد متقاعد، ورحب بنا وصحبنا إلى الشجرة التي يستظل تحتها جده لصبع، وبعد أن شربنا الشاي والقهوة وتبادلنا الحديث مع الحاضرين من حفدة الشيخ لصبع، إذ لم يكن أبناؤه في المكان لبعد المنطقة التي يسكنون فيها، حيث له من الأبناء ثلاثة أكبرهم يدعى الهامل استشهد عام 1964م دفاعا عن ثورة 26 سبتمبر.

الوادي الذي يعيش فيه المعمر
الوادي الذي يعيش فيه المعمر
وتبادلنا أطراف الحديث مع الكهل لصبع بعد أن أخبرناه مسبقاً بمقصدنا إليه ، فرغم سمعه الضعيف والعمى الذي أصاب عينيه إلا أنه تحدث إلينا بقلب حاضر محاولاً استذكار بعض الوقائع والأحداث التي شهدها قبل أكثر من مائة عام وسردها لنا.

طعامه وشرابه
حدثنا المعمر لصبع أن أكلاته (بلدية) خالية من الزيوت، عبارة عن حبوب الذرة والشعير والتمر واللحم ولبن الأغنام ولبن الإبل وقلما يشرب الماء، ونصح الشباب بعدم شرب الماء بعد الأكل مباشرة.

وعندما سألناه لماذا ؟ قال لأن شرب الماء بعد الأكل مباشرة يفسد الطعام في المعدة ويصاب الشخص بالسمنة والترهل، وأضاف: لم أذهب قط إلى المستشفى وإذا مرضت استعمل الأعشاب الطبية ولبن الإبل.

زوجاته وأولاده
المعمر لصبع تزوج من ثلاث نساء، توفيت اثنتان وبقيت واحدة، وله من الأولاد ثلاثة أكبرهم استشهد كما ذكرنا سابقاً والآخران موجودان أحدهما عمره 92 عاماً ويدعى دعوس والثالث اسمه عوض، وله من البنات أربع وتجاوز عدد حفدته 40 حفيداً. أحداث وقعت قبل أكثر من 100 عام

يروي المعمر لصبع قصته حينما عمل بالجيش التركي، حيث كانت مهمته ضمن مجموعة من الأفراد حراسة سعيد باشا والي لحج ابان الحكم العثماني، وروى ما حصل من نزاع بين الإنجليز والأتراك حول محمية لحج، ووقوف شيخ الصبيحة محمد شاهر الصبيحي إلى جانب سعيد باشا لمناصرته ضد مؤامرات الانجليز.

الكوخ (العشّة) التي يسكن فيها المعمر
الكوخ (العشّة) التي يسكن فيها المعمر
وقال: لقد كان سعيد باشا يجيد اللغة العربية رغم أنه تركي وكان يعطينا راتبا شهريا (بضع روبيات). ووصفه بالكريم وقال ايضاً: «يعطينا روبيات أخرى إذا احتجنا لها عند الضرورة. وكانت زوجة سعيد باشا - لقد نسيت اسمها - كل يوم جمعه تخرج إلينا وتوزع علينا بـ (خرجة) عبارة عن مجموعة من الفطائر إضافة إلى خمس روبيات لكل واحد منا، وكانت أسلحتنا آنذاك عبارة عن جرامل أبو حبة» وأضاف: «لقد أهدى الباشا لباكازم مدفعا صغيرا (من معدن الصفر) وهو موجود حالياً في المحفد» .

وروى المعمر لصبع قصة زوجة سعيد باشا، وهي افرنجية، وكيف تآمرت مع الإنجليز لخداع الباشا، حيث أعطت الباشا رسالة على أنها من القيادة بتركيا مختومة بختم مزور ليسحب الباشا قواته من لحج ويتجه إلى اليمن الشمالي سابقاً ومنها إلى تركيا، ليعرف الحقيقة ويفتضح أمر زوجته ولكن بعد أن استولت القوات البريطانية على لحج.

زمان المحبة والتكاتف
يصف المعمر لصبع الزمان الذي عاش فيه بأنه زمان المحبة والألفة والتكاتف عند الشدائد والمصائب رغم الظروف الصعبة، وقال: قلما يوجد حسد أو بغضاء بذاك الزمان.

علي عبدالله صالح سلطان العرب
وعبر عن إعجابه ببعض الزعماء العرب لما سمع عنهم أمثال جمال عبدالناصر وصدام حسين، ووصف الرئيس علي عبدالله صالح بسلطان العرب وقال: الله يبارك فيه فهو زعيم بطل.

بئر بالوادي الذي يعيش فيه المعمر يستخرج منها الماء بواسطة الحبل والدلو
بئر بالوادي الذي يعيش فيه المعمر يستخرج منها الماء بواسطة الحبل والدلو
معاناة تنتظر إغاثة
وفي ختام الزيارة ذكر لنا الأخ سالم مرخوص (عقيد متقاعد) وهو نجل ابن أخي المعمر لصبع، عن بعض معاناة أهالي المنطقة راجياً نشرها عبر «الأيام» لعلها تجد صداها، ولخص المعاناة بقوله: «يتكبد أهالي المنطقة مشقة الحصول على الماء، وعدم توفر مدرسة بالمنطقة لتعليم أولادنا». واصطحبنا الأخ سالم مرخوص لمشاهدة البئر الموجودة وسط الوادي وقال: حفرت هذه البئر على نفقة أهالي المنطقة ويتم استخراج الماء منها بواسطة الحبل والدلو.

وناشد جهات الاختصاص بالنظر إليهم بعين العطف والرحمة وتقدير الحالة المعيشية الصعبة التي يمر بها أهالي المنطقة، وتوفير مضخة للبئر على أقل تقدير ليستفيد منها أهالي المنطقة ويستعينوا بها على استخراج الماء من البئر .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى