القوانين التجارية في اليمن القديم

> «الأيام» زهرة عبدربه ياسين:

>
إن الموقع الاستراتيجي لليمن القديم جاء نتيجة لوقوعه بين بحرين كبيرين هما المحيط الهندي والبحر الابيض المتوسط وبفضل تقنيات الري الهيدروليكية وبحس اليمنيين المرهف استطاعوا أن يؤسسوا حضارة ذات منطلق تجاري شديد الرواج (المر، اللبان، البخور).

ومن أجل تنظيم حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والتجارية سنوا القوانين، منها ما يخص الأسواق وتنظيمها مثل القانون القتباني، ومنها خاص بتأجير الأرض والماء وجباية الضرائب، وهذه القوانين والمراسيم الملكية تنقش بواسطة الأحجار وتوضع على مداخل المدن والعواصم التجارية والمعابد وهي بذلك تخدم أغراضاً شتى منها توفير العلنية لهذه المراسيم وأن على الجميع تنفيذها.

القانون القتباني: سن هذا القانون الملك القتباني شهر هلال بن يدع أب في القرن الثامن قبل الميلاد وهو عبارة عن مسلة حجرية نقش على بدنها المربع محتويات بنود هذا القانون (حوالي اثنتي عشرة مادة)، كما يحتوي على معان ذات صلة بالتجارة، فلفظة «شتيط» يقصد بها التجارة، والتجار شتيط، و«عرب» قدم عربوناً، أما مقيم أو أقام (بخدر) ويدور القانون حول قاعدتين مهمتين: الاولى: تركيز التجارة في سوق شمّر ومنع البيع والشراء ليلاً وذلك لضمان تأدية الضريبة المفروضة.

وإذا باع شخص تجارة جملة يجب أن تباع في سوق شمر، أما بيعها تجزئة فعن طريق وسطاء قتبانيين.

الثانية: تفضيل أبناء قتبان على غيرهم من التجار الوافدين، أما في حالة الغش والخداع فإن صاحبها يغرم بخمسين دزنة ذهبية.

وينتهي نص هذا القانون بأن على الملك حق السيادة على كل معاملة وكل تجارة تجري في منطقته وهو أمر ينبغي على كل ملك أن يؤيده.

ومن القوانين الأخرى قانون تنظيم الاتفاقات والمعاملات ويعود هذا القانون إلى القرن الثالث الميلادي ومن بنوده التجارية:

عند عقد مبايعة سلعة تجارية سواء حيوان أو رقيق فمدة إبرام هذه الاتفاقية شهر واحد، وفي حالة تراجع المشتري ورغب في عودة السلعة قبل الفترة المحددة فإنه يدفع أجرة للبائع للفترة التي استخدم هذا الحيوان، أما في حالة موته فيجب دفع ثمنه لصاحب الشأن.

قانون الضريبة: تأخذ الدولة ضريبة مقدارها عشر كل ربح صاف سواء حاصلات زراعية أو كل ربح يجنى من بيع أو ورث، ولضمان تحصيل هذه الضريبة يرسل جباة الضرائب ويسمون بــ «نحل» ووظيفته «نحلت». ويذهب هؤلاء إلى المزارعين فيأخذون ما قدروه قبل نقله إلى المخازن وما يترك للفلاح يسمى (رزم).

وإذا حاول صاحب المحصول إخفاءه في القنن -جمع (قنة) - أي المخازن فإنه يستولى على المحصول والمزرعة ويعاقب صاحبها بالقتل، ونتج عن ذلك هروب المزارعين من الأرض ولجوئهم إلى المدن، وعرف الهارب في اللغة اليمنية القديمة «مهسجلت»، ويقال للارض التي هاجر اليها «مهجر».

قانون ملكية الأرض والماء: ويتم بموجبه ملكية الأرض ومزارعتها وتأجيرها، وملكية المياه وتأجيرها وتوزيعها عبر القنوات الفرعية والرئيسية، وهذا القانون كان يدار من قبل مجلس المثامنة وهو يتألف من ثمانية أشخاص يشرفون على إدارة العمل ولكل عضو من هؤلاء عمل خاص يقوم به، أما كبير المجلس فيلقب بـ «سمخفت».

ومما سبق نرى إلى أي مدى وصلت الحضارة اليمنية من رقي وتحضر يضاهي الدول المتحضرة في يومنا هذا.

باحثة في المتحف الوطني للآثار/ عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى