> «الأيام» أنيس منصور:

أطفال يحملون فوانيس أمام أعمدة الضغط العالي
«الأيام» دخلت إلى قلوب أهالي وقاطني الدكم فخرجت بالحصيلة التالية:
ما إن وطئت أقدامنا حافة الطريق باتجاه الدكم، تدافع نحونا مجموعة من الأطفال وعلى أكتاف بعضهم أكياس صغيرة مليئة بالفحم بهدف عرض الفحم علينا لشرائه، حينها قلنا لهم نحن مجرد زائرين ولسنا تجارا للفحم. وفي حديث طويل عن الفحم وعملية التجميع والإحراق وعن الدوافع التي جعلت مواطني الدكم يعملون في مهنة الاحتطاب وبيع الفحم قال المواطن بلطن ناصر علي، أحد الساكنين بالمنطقة: «الناس هنا فقراء ليس لديهم طريقة لكسب العيش غير رعي الأغنام والاحتطاب وبيع الفحم» وتحدث بلطن عن مصاعب يجدها المواطنون عند تكوين الفحم ومراحله التي تبدأ أولا بقطع الشجر حيث يتوزع الناس وبينهم النساء والعجائز على الجبال والغابات ويسيرون مسافات طويلة حياتهم كلها خطر بين أشجار شوكية عند القطع وعند الانتقال، وجهد بشري يبدأ من الساعة الخامسة صباحا حتى قبيل الليل، والمرحلة الثانية انتظار عيدان الحطب لمدة ثلاثة اسابيع حتى تجف ثم يتم حفر حفرة واسعة وتوضع فيها العيدان وتشعل النار فيها ويتم ردمها بمخلفات الأغنام والتراب لمدة خمسة أيام وأحياناً ثلاثة أيام، وبعدها يصبح الفحم جاهزا للبيع في أكياس.

أساسات المدرسة نصبت منذ 8 أعوام
ونقف برهة إذ شد انتباهنا صوت وليد عبد هداس وهو يشير بيده صوب ثلاثة مربعات وأساس قديم البناء قائلا: «هذه هي أساسات المدرسة التي لها ثمانية أعوام لم تستكمل، نحن في البداية فرحنا، لكنها فرحة لم تتم، إذ توقف المقاول عن الأعمال ولا نعلم أين ذهب اعتمادها وهي من حصة مشاريع مديرية المسيمير».
سألناه أين يدرس طلاب الدكم؟ فقال: «توجد مدرسة بالاسم وهي ملحقية تابعة لمدرسة الفرقان بالقبيطة ويتلقى التلاميذ تعليمهم تحت الأشجار وبجانب المسجد وفي غرفة صغيرة تتبع المسجد، وأحيانا يتم جمعهم في فصل دراسي واحد، ويوجد معلم واحد، وهو المدير أيضاً، ويقوم بتدريس كل الفـصـول، هذا هو العلم والتعليم في الدكم».
ودعنا الشاب وليد لنلتقي مباشرة بطابور من الأطفال حاملين الفوانيس كتعبير عن أنهم يعيشون في ضوء الفوانيس والشموع، بينما يمر فوق منطقتهم أبراج هوائية لخطوط الكهرباء، وأعمدة كهرباء الضغط العالي، توزع التيار الكهربائي شمالا وجنوبا وهم محرومون من خيرها.
قال المواطن بلطن أحمد دحان الفشر: «هذا حالنا وهذه أوضاعنا، الكهرباء فوق رؤوسنا ونسمع أزيز الأسلاك.. فهل عجزت الحكومة والمسؤولون أن يمرروا التيار الكهربائي والمياه عندنا؟» .

صورة لأكياس الفحم .. التجارة الوحيدة في منطقة الدكم
وبناء على مطلبهم وبعد تفتيش دقيق في خارطة مديرية المسيمير وثلاث ساعات في التقصي وجمع أكبر قدر من المعلومات في خارطة القبيطة خرجنا بخلاصة مختصرة أن منطقة الدكم إداريا تتبع القبيطة وأن عضو المجلس المحلي للدكم يخضع لمديرية المسيمير ويعمل عضو الهيئة الإدارية للملجس ورئيس لجنة الخدمات بالمسمير، وطلاب المرحلة الإعدادية يدرسون في عقانب المسمير وطلاب الابتدائية يتبعون القبيطة، بل حتى المستفيدون من معاشات الرعاية الاجتماعية مقسمون بين المديريتين، حتى التقسيم الانتخابي والأصوات الانتخابية على مستوى البيت الواحد بعضهم قيد في سجل الناخبين في عقان وبعضهم في كرش القبيطة.. إنها مفارقات وتداخلات تنظر لها السلطة المحلية على أنها نوع من الشطارة لحرمان أهالي الدكم من الحقوق والخدمات التنموية، هذه التقسيمات الإدارية والتصرفات أفقدت مواطني ومواطنات الدكم إنسانيتهم وسلبتهم حق العيش الكريم والمواطنة المتساوية في وطن لا يزال أبناؤه يجهلون حقيقة الهوية وعزة الانتماء!