يكشف القناع عن حقوقه الفنية المهدورة.. الشاعر الغنائي يسلم بن علي لــ«الأيام»:المحضار فنان شامل وقد حضرت تسليمه طلال مداح أغنية «ذا اللي حصل من بعد».. وبلفقيه نسب أغنياتي لنفسه وآخرها «منك يا عسل دوعن»

> «الأيام» رياض عوض باشراحيل:

> الشاعر الكبير يسلم بن علي اسم لامع في عالم الشعر الغنائي، تميز في إبداعه بالتعبير عن مشاعر الحب والحنين والذكريات، ولعل مغادرته وطنه وهو لا يزال غض العود وغربته المبكرة كانت وقوداً لموهبته أمدته بالمشاعر الجياشة والإحساس المرهف والتعبير الصادق والقدرة على صياغة تجاربه ومطالعه القوية وانتقاء مفرداته التي تعبق بالرقة والعذوبة التي تتلاءم مع الذوق والحس العربي والتأثير المباشر على محبي الفن في وطنه وفي البلدان المجاورة، لاسيما أن كل أغنية من أغنياته لها قصة فرضتها معاناته في الحياة وأحوال الغربة الطويلة التي عاشها والظروف الصعبة التي ألقت بظلالها على فكره ووجدانه ونفسيته. فمن منا لم يسمع بأغنياته الشهيرة «منك يا عسل دوعن» و«يلومون الجمل يا صاحبي» و«في سلم الطائرة» و«إلى هنا وانتهينا واعتبر ذا وداع» و«سقوك المر يا قلبي» أو يتأثر برائعته الغنائية «وأنا مالي» التي قال فيها:

وانا مالي إذا قالوا رفع رأسه ** بكيفه يرفعه والا يوطيه

أنا قلبي قنع قلبي قنع ** ما لي غرض فيه

وقد غنى لشاعرنا يسلم بن علي كبار المطربين في الجزيرة العربية ومنهم طلال مداح وأبوبكر سالم وعبدالمجيد عبدالله ومحمد عمر وفيصل علوي وأحمد يوسف الزبيدي وهود والسري والخواجة وغيرهم.

«الأيام» التقت بالشاعر يسلم بن علي وأجرت معه الحوار التالي:

> كيف تفتقت في وجدانك بذرة موهبة الشعر الغنائي؟

- قبل الارتباط بالشعر الغنائي كانت علاقتي بالشعر الشعبي وبالذات شعر الزوامل والمساجلات، وعلاقتي مع الشعر الشعبي تنبع من أنني ابن الريف في قرية «عماقين» بمحافظة شبوة حيث انتقلت أسرتي منذ سنين من وادي دوعن بحضرموت إلى شبوة، وفي «عماقين» تفتحت أذناي على ما كنت أسمعه من غناء هناك بألوانه المختلفة فشدني هذا الأمر وبقي في وجداني وبقيت علاقتي حميمة مع الريف وفلكلوره وقيمه، وهذا الانتماء إلى الريف علمني الكثير في شعري وفي حياتي، وقد استفدت من تجربة والدي الذي يقول الشعر ولا يكتبه فهو رجل أمي، ولكنه من فطاحل الشعراء في شبوة وأذكر أنني عندما صغت كلاماً فيه عاطفة وصور جميلة ارتاح بذلك والدي وأصبح يطلب مني أن أسمعه ما أقول من الشعر وعندما أقع في خطأ أجده يتألم ويستوقفني ويشعرني بأن خللا ما علي أن أصلحه بالرغم من كونه أمياً لم يتعلم ولا يعرف الأوزان ولا العروض.

> المطربون الذين واكبوا مسيرتك الإبداعية.. هل لك أن تحدثنا عنهم وعن الأغنيات التي قدموها؟

- لقد غنى لي الكثير من المطربين، والمشاهير منهم غنوا لي أغنيات طارت شهرتها لأن هؤلاء يخدمون الأغنية ومنهم الفنان طلال مداح الذي غنى لي (في سلم الطائرة)، و(يا عسكري فك الإشارة)، و(لماذا الهجر تهجرني) والفنان أبوبكر سالم غنى لي (وأنا مالي اذا قالوا رفع رأسه)، و(إلى هنا وانتهينا)، و(عسل دوعن)، وعبدالمجيد عبدالله شدا بأغنية (منك يا عسل دوعن)، والفنان فيصل علوي غنى (سقوك المر يا قلبي)، و(من يربي عيال الناس) وأحمد يوسف الزبيدي غنى (فيوز القلب محروقة)، و(اشاعة حب يا دكتور) وهود العيدروس ترنم بـ(مشتاق للمغرب)، و(يلومون الجمل)، وكذلك الفنانون علي الصغير ومحمد عمر وسعد جمعة وعتاب وحسن سري وغيرهم.

> تربطك بالشاعر الراحل حسين المحضار علاقة ودية وصداقة حميمة.. حدثنا عنها؟

- أود القول إن الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار - يرحمه الله - ليس شاعر اغنية فقط، ولكنه وللحقيقة هو شاعر شامل وقد ارتبطت به منذ الستينات أيام كانت لديه مكتبة بشارع غزة في جدة وكانت لنا جلسة شبه يومية بالمكتبة، وقد جمعتنا معا جلسات كثيرة وكذلك مساجلات شعرية وقد حضر إحداها الفنان حسن السري وكانت بعد حرب عام 1994م وكانت بعض القيادات هنا بالمملكة فقال المحضار:

اليوم يوم العيد والشمل اجتمع

لما متى والناس من خلف الصفوف

قولوا كذا والا كذا والا كذا

مانا بضاعة تنطرح فوق الرفوف

فرددت على المرحوم (أبو محضار) راميا على نفس الهدف:

هذا جزاكم يا خبيثين العمل

لا صدت لك كفين أو خمسة كفوف

لي خضّب العمياء معاد با تنفعه

تسمر في السمرة تشوف أو ما تشوف

ومن ذكريات الستينات وصلنا ذات يوم معاً إلى منزل الفنان الراحل طلال مداح لغرض زيارته وكانت جلسة رائعة احتفى فيها طلال احتفاء كبيراً بالمحضار وطلب منه أعمالاً فأعطاه المحضار بحضوري أغنية «ذا اللي حصل يا ناس» حيث لم يعطها طلال مكتوبة في ورقة ولكنه سجلها له بصوته على مسجل كبير كان بالمجلس ثم غناها المرحوم طلال مداح في الحفلات. ومن يدري أن يكون الشريط لهذه الأغنية بصوت المحضار مازال موجوداً مع أسرة الراحل طلال مداح. وهذه شهادة لله.

> كيف يرى الشاعر القدير يسلم بن علي حال الفن الغنائي اليوم؟

- أنا تكلمت كثيرا عن حال الفن في هذا الزمن، تكلمت نثراً وشعراً، ولكن الذي يحزنني كثيراً هو الظلم في الفن، فأنا والله مظلوم.. والجمهور المتابع للفن يعرف ذلك لأنني سكت كثيرا عن حقوقي المادية والمعنوية في أغنياتي فزادوني ظلماً وبهتاناً لذلك لن أسكت بعد اليوم!! الفنان أبوبكر سالم بلفقيه صديق عزيز ومازال صديقا عزيزا ولكن هو يريد حقه ونحن نريد حقوقنا.. وقد سكنت عنده بالرياض خمس سنوات وغنى لي «وأنا مالي إذا قالوا رفع رأسه» و«إلى هنا وانتهينا» وغيرهما. إلا أنه في شريطه قبل الأخير الذي سماه «الطيف المسافر» غنى أغنيتي التي اعطيته أياها قبل 36 سنة عام 1971م وهي «سرقت النوم من داخل عيوني» ونسبها لأحمد بن ظاهر بينما هي من كلماتي وقلت في مطلعها:

سرقت النوم من داخل عيوني

وخليت السهر فيها مؤبد

وأنا كثر السهر جرح جفوني

وربي في السماء يا ناس يشهد

فهذه الأغنية ملكي وهي موجودة في ديواني «دموع المهاجر» الذي نسقه وكتب مقدمته منذ ثلاث سنوات الاستاذ رياض باشراحيل، وهو الآن تحت الطبع. هذه واحدة أما الثانية فهي اغنيتي المعروفة «منك يا عسل دوعن قوت العاشقين» وهي كلماتي وألحاني وقد نسبها بلفقيه لنفسه كلمات ولحنا في الشريط الأخير للفنان عبدالمجيد عبدالله وكل الناس تعرف أن هذه الأغنية من كلماتي وألحاني وهي موجودة بديواني وقلت في مطلعها:

خلوني على صبري خلوني على جمري..

لا تحرق قلبي وباصابر سنين

منك يا عسل دوعن قوت العاشقين

وهذا بصراحة خطأ كبير وظلم كبير وامتهان لكرامة الفنان وأخلاق الفن. أما الثالثة فهي أغنية «ما حبيت غيرك أو حبيبي أسعد الأيام» وهذه الأغنية ايضاً من كلماتي وقد نسبها بلفقيه لنفسه بعد أن أجري تعديل في مطلعها الذي قلت فيه:

ليتك لي وأنا لك يا تريف البدن

باشلك على الحاسد وعينه تشوف

لا تهجر حبيبك يا غزال اليمن

شوف الهجر أقوى من ضريب السيوف

وقد غناها ابوبكر:

حبك يا حبيب من زمان الزمن

نتحدى به الحاسد وعينه تشوف

وتصغير المحبوب بلفظه «حبيّب» عندنا غير مستساغة ولا نقولها في تقاليدنا ولا في شعرنا، هذا هو حال الفن اليوم وحال كبار فنانينا، وإذا كان هذا حال الكبار فماذا نقول للصغار غير على الفن السلام.

> هل من كلمة أخيرة تود قولها؟

- أجل مادام الأخ المشرف العام لموقع «سقيفة الشبامي» حاضرا معنا هذا الحوار أرجو أن تمنحه نسخة من التسجيل الصوتي للحوار لإظهاره في السقيفة وأنا أفتخر أن يكون لي حضور في موقعه المميز، كما أود أن أشكر صحيفة «الأيام» على هذه الاستضافة وعلى نجاحها الدائم في إنصاف المبدعين وطرح الكلمة الصادقة وقول الحقيقة التي أضحت على البعض مرة وصرخة مختنقة لا تجد لها متنفساً في زمن صعب فقدت فيه الكلمة مصداقيتها وتحولت المشاعر إلى مصالح وصار المنافقون نجوماً والمبدعون الحقيقيون في الدرك الأسفل، وأنا أعلم أن البعض قد تضيق صدورهم بما قلت ولكن لا بأس فقد احتملنا كثيراً من المكاره في سبيل الحق وعند الله لا عند الناس حسن الجزاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى