نقد الذات والموازنات والضغط لاستعادة مقر اتحاد الفنانين

> «الأيام» مصطفى غيلان:

> وتحدث الزميل المخرج منصور أغبري وقال: «إن المسرح في الوقت الراهن عماده الاساسي أولاً المسرحيون ثم إدارة المسرح والدولة من حيث إعداد التخطيط والاستراتيجية والمال الموظف، لهذا نحن لا ننظر أساساً إلا إلى جهاز الثقافة، حقاً البناء المؤسسي مطلوب لكن من يشعل هذه الآليات والنظم ويحولها إلى فعل؟ ويقودنا الحديث إلى دور الذات إما أن تكون معطلة لجهاز النظم والثقافة والقيم أو العكس» هذا في نظره هو مربط الفرس أو فرس الرهان.

وأضاف «إذا كان للمسرح في عدن ليال ومواسم ألا يكون من الأوجب على الدولة استحداث قصر للثقافة وكلية للمسرح؟» واصفاً انحدار الفنون بأنه نتيجة لغياب التخطيط المركزي وقلة الاعتمادات لأن الفن مازال ينظر إليه كفائض عن الاحتياجات الأساسية ومجرد ترف، مسترسلاً «نحن نريد أن لا ترحل الاعتمادات المقدرة للمسرح حتى نستطيع أن نخلق بيئة للمسرح من خلال 60 أو 70% من الأنشطة لتجاوز حالة الرتابة والموسمية، وأحب هنا أن أوضح أن مفهوم المهرجان لا يعني اعتيادية الاحتفائية السنوية بيوم المسرح، المهرجان له أسس ضابطة وله مفاهيمه وتكويناته في اختيار النصوص من خلال تشكيل لجان على مستوى الإقليم السيادي للدولة وتمتحن بل ويتم اختيار المشاركين وفقاً لمعايير جودة النص والإخراج وليس الباب مفتوحا للجميع،لأن هذه هي العشوائية، المفهوم الإنشائي الذي انتقل استخدامه إلى الفنون» وأوضح الأخ منصور أغبري حالة الوعي وأثره في الإقبال على العروض مدللاً على ذلك بأن المجتمع المدني الذي تحقق فيه وعي سياسي وثقافي يزداد حجم الحضور فيه للأنشطة المسرحية «لهذا نحن مسؤولون عن ظاهرة الحراك المسرحي، لكن المواسم لا تحدث هذا الحراك» ناقداً الحالة السلبية لدى المثقفين في عزوفهم عن المسرح مبرراً أن ذلك «ربما يكون نظراً لرداءة العروض فهذا عامل لا بد به محاكمة هذه التجربة».

وأردف قائلاً: «ضعف المسرح لا يفسره الجانب المادي فقط لوجود عوامل أخرى تسهم في خلق حالة هذا الضعف، العامل الأولى المؤثر الذاتي، يليه الجانب المالي ثم عناصر تأثيرها أخف مثل السلطة، العمل السياسي، البيئة المجتمعية» مختتماً مداخلته بالحث على إيجاد الروابط والصلات مع اتحاد الأدباء والكتاب والأطر المشابهة كجمعية الإعلاميين، وهي التكوين المهني الأقرب للمسرح لأن المسرح ينظر إليه الاتصاليون بأنه وسيلة من وسائل الإعلام والاتصال المواجهي.

وتواصلاً لإحياء هذه الندوة بمداخلات ساخنة تناولت أطرا مؤسسية وشخصيات قيادية في وزارة الثقافة، قدم الأخ أحمد عبدلله سعد مداخلته التي تضمنت مدونة مختصرة عن بدايات نشوء المسرح الإغريقي وقال «ويحضرني هنا وجه المقاربة التي وضعها الكاتب الإغريقي الكوميدي أرستوفانيس، وإن كانت المقاربة بين المسرح اليوناني والمسرح اليمني بعيدة» مفسراً قوله «أرستوفانيس في القرن الثالث قبل الميلاد عندما وجد الحالة المسرحية تعيش تراجعاً كبيراً في التراجيديا العظيمة وروادها سوفوكليس، ولأن ما يقدم كان لا يرقى لتلك الروائع الخالدة في تاريخ المسرح.. ذهب المؤلف الكومـيدي أرستوفانس إلى استلهام تراث العالم الأسطوري الآخر».

وتابع الأخ أحمد عبدلله مداخلته التي ركز فيها على فن الكوميديا عند الإغريق في اثينا وفي اليونان إجمالاً لما يناسب شعار المهرجان اليمني الثالث «الكوميديا في المسرح» للبحث عن مشابهات أو مقاربات للحالة الدرامية وتحديداً الكوميديا في فترات تراجعها في المجتمع الإغريقي قائلاً: «وقد ظلت تلك الأسطورة (الضفادع) لأرستوفانيس الكوميديا المسرحية القاعدة بل والمدرسة الأولى التي اهتدى لها الأدب المسرحي في تقييم الظاهرة التي تراجع فيها المسرح، واعتبرت مسرحيته إسهاماً في تطوير النقد المسرحي والحركة المسرحية».

وفي سياق هذا العرض التاريخي أشار الأخ أحمد، مسؤول اللجنة الإعلامية لمهرجان ليالي عدن إلى المؤلف تشيني في كتابه المهم «المسرح في ثلاثة ألف سنة» والذي فيه يعزو ولادة المسرح إلى بداية الخلق ، وأن الإيمائية أو لغة الإشارة التعبيرية ما هي إلا مقدمة للفعل الإنساني الممسرح فيما بعد، لذا فؤن المسرح في نظره في المحصلة النهائية رديف الإنسانية بتاريخها الجمعي.

وفي المداخلة التي اختار لها عنوان (العودة إلى المسرح اليمني) وقد أخذ الحالة المسرحيةالأغريقية في تراجعها لمماثلتها لحالة المسرح اليمني فهو يريد الخروج من هذه الأزمة برجال أمثال أرستوفانيس، منوها بأن أفعالنا المسرحية نادرة الحضور على خشبة المسرح، ووصف الليالي في المحصلة النهائية بأنها «احتفالية أكثر مما هي إبداعية وتفاعلية». وأوضح أن «العودة للمسرح ظلت هم الباحثين فهو أبو الفنون، ولو حاولت الهروب عنه يصحبك إلى حيث ترحل، ومن كان له فكرة العودة الاحيائية لهذا الإرث الناقد والأكاديمي أحمد سعيد الريدي، رحمه الله تعالى، وكانت العودة له في مشروع نقدي».

وحسب قوله «صحيح أنه كان يرصد التاريخ لولادة المسرح اليمني في بداياته في عدن منذ 1904م وما سبقها من ارهاصات أولية تعود للعام 1867م بظهور فن درامي يقترب من اللعبة المسرحية، فإن ما يميز كتاب ومدونة الريدي (المسرح اليمني) قراءة معاصرة جديدة استحضر فيها الناقد ليصاحب المؤرخ في رؤية نقدية لأسباب الظاهرة وتحليلها».

وفي اختتام أعمال الندوة جرت مناظرت وحوارات ساخنة حول الأزمة وتحليلها وتعليل عوامل القوة والضعف ومقترحات حول استنهاض حركة الفن عموماً، ومنها الإعلام، والإعلام بالمسرح، ونظرا لعدم اتساع حجم النشر لتعقيبات الحضور التي في نظري وجدت لها صدى في سياق المداخلات المقدمة إلى هذه الندوة، لهذا سأكتفي هنا بإيراد كلمة الاتحاد التي اختتم بها رئيس الاتحاد هذه الفعالية حتى لا أكون قد استنقصت من حق المعقبين.

رئيس فرع عدن في مواجهته للنقد الموجه للاتحاد على عدم تحكيم النصوص والعلاقة بالاتحاد في إحياء أماسي بشراكة وتشبيك الروابط قال: «الاتحاد لا يسعى إلى تحكيم النصوص بل يمكن أن تعرض على سكرتاريته النصوص، وتشكل لجنة للتحكيم والريازة، لذا كي تكون النصوص محكمة لمراعاة عناصر الجودة أو مريزة لا بد أن تخضع للتحكيم، إذا كان هذا النقد موجها للاتحاد فمن الأجدر تصويبه نحو إدارة المسرح.. الكل تكلم عن دور الاتحاد في هذا الجانب في عدن العاصمة الاقتصادية كمنحة من الرب وعاصمة ثقافية والأصل في هذا الإرث ومرجعياته، فنحن قد أرسينا تجربة في التحكيم والمحاكم عادة ينظر في النصوص لا يبحث عنها.

وبخصوص الإسهام في تتبع النصوص نحن حتماً سنولي أهمية في ذلك من خلال إسهامات النقاد الأعضاء في رصد الأعمال الدرامية وتقييمها نصوصاً وأداءً وإخراجاً، والاتحاد مقر وبيت الإبداع والمسرح وفنون الاعلام والدراما والأدب».

وخاطب الحضور قائلاً: «إننا في السكرتارية سعداء بهذا النقد، ولكن نحن اشتغالنا على الأدب كأفراد، ولكن كإطار نحن بيت الإبداع وعندما يطلب منا لا بد أن نبادر، وأنتم تدركون عندما طلب منا - وهذا لا يعني أننا نعمل بطلب بل بروح مبادرة لخدمة أبو الفنون المسرح - وزعنا أدوارنا في السكرتارية للمشاركة الفاعلة في الافتتاح بمداخلة وليس بحضور شرفي» شاكراً في الأخير الشجاعة في نقد الذات والآخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى