إشفاق التواضع

> «الأيام» توفيق يحيى الحكيم/عدن

> رحلة الحياة تنتهي بأجل محدود ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فينتهي عمر الإنسان عندها ويفقد الحبيب حبيبه والقريب قريبه، ولا تظل إلا الذكرى الحسنة التي ترن في عالم النسيان، وقد فقدنا أخاً وحبيباً لنا انتزعه الموت انتزاع المحب، وضمه القبر ضمة الغائب الذي طال انتظاره.

فقدنا إشفاق التواضع، وليست غريبة عليه هذه الصفة فهو رجل في الأصل قرآني فريد، حفظ القرآن وتتلمذ عليه وتشبعت روحه بآياته، وخاصة في صفات عباد الرحمن المتواضعين .. كان متواضعاً إلى حد التسامح والصفح .. تواضعه جعله حبيبا قريبا للناس .. كسب قلوبهم قبل أن يكسب المواقف .. من تواضعه أنك حين تلقاه يهش ويبش في وجهك كأنك تعرفه منذ سنين.

تواضعه هذا حببه في الآخرين، اندمج تواضعه في أعمال الخير والبر، في لجان التكافل وإلاصلاح بين الناس إلى أن رفعه تواضعه في الدنيا ليكون عضواً في مجلس النواب ..ولد تواضعه من رحم اللقاء والمعاشرة والاتصال الدائم بالناس فهو لا يكل ولا يمل منهم وهم كذلك بادلوه حباً بحب وتواضعاً بتواضع.

ولهذا كانت ثمرة تواضعه يوم وفاته بتلك الجنازة المهيبة التي مارأت عدن مثلها.. آلاف الناس شيعوه بدموعهم، وبقلوبـهم حـبا قبل جوارحهم تزاحما وتدافعا حتى عند قبره.

فشهادة الناس بالخير للآخرين هي شهادة الله على خلقه، وقد شهدت عدن لإشفاق التواضع في ذلك الموكب الجنائزي الكبير بهذه الشهادة، بل عمدتها بدموع حارة ساخنة بللت ثرى الأرض وضج بها مسجده وقبره الذي ووري فيه.

وما كان ذلك إلا بالتواضع، فمن تواضع لله رفعه الله، فيا أيها الأحياء تواضعوا لترتقوا ولتُرفعوا وخذوا درساً عملياً بليغاً من إشفاق التواضع، فبه نتأسى وعلى دربه نسير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى