> محمد عبدالله الموس:

محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
سمعت أحد الأصدقاء يقول لأحد المسؤولين: الحراسة التابعة لكم ليست في المستوى المطلوب، فرد عليه باسماً: الحارس الله يا صاحبي. تذكرت هذه الواقعة لدى رؤيتي خبراً في «الأيام» العدد 5086 الصادر في 7/5/2007 م (عن احتجاز 698 كرتون أدوية تالفة استوردت من الهند).

نترك التلاعب بالأسعار والمقاييس الذي يطحن الناس، والغش في الجودة الذي طال معظم السلع المقدمة للمستهلك من حيث النوعية كما هو حاصل في بعض المنظفات أو من حيث العبوات كما هو حاصل في المناديل الورقية، ذكرنا ذلك كي لا يقال إننا نرمي التهم جزافاً، نترك ذلك جانباً فقد ثبت أن لا حياة لمن ننادي، ونعود إلى الدواء.

الخبر كما ورد في «الأيام» ذكر أن الأدوية المضبوطة غير صالحة للاستهلاك الآدمي وجرى استيرادها باسم الهيئة العامة للأدوية بمستندات مزورة (وقال مدير عام جمرك الحديدة إنه تم التحفظ على تلك الأدوية وتحريزها تهيئة لعرضها على الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها)،لاحظوا كلمة (بشأنها) فلم يأت ذكر بشأن الفاعل والجهات التي ساعدته، داخلياً وخارجياً.

لم تطل حيرتنا فيما إذا كانت هناك أدوية أخرى (عبرت) من منفذ آخر، فقد حملت لنا «الأيام» في عددها 5088 الصادر في 9/5 /2007 م خبراً يفيد عن (ضبط إدارة البلديات في محافظة الضالع 370 كرتوناً من دواء البندول المغشوش الذي تم سحبه من البقالات في الضالع وقعطبة يوم الثلاثاء)، أشار مدير البلديات في الضالع إلى أن (الكمية المضبوطة في اليوم الأول هي عبارة عن مادة (جص) في قوالب وأشرطة على أساس أنها بندول قريب الشبه بدواء إيرلندي من حيث اللون والشكل الخارجي فيما ضرره على الإنسان (...) يمكن أن يضر الكلى أو الكبد أو المعدة بتناوله)، ولم تذكر الجهات المختصة شيئاً عن المسؤولين عن هذا الضرر، أشخاصا وجهات داخلية وخارجية، ولم ينس المصدر أن يطلب من الناس أن يحترسوا، وهو تحذير يستخدم في العادة لزوار الغابات والبحار!

ولا نستهين بتحرك بلدية الضالع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولنفترض أنها (لدغة بالذيل) خلافاً للقول الشائع (لا تلدغ بذيلها) وربما أن العملية برمتها لدغة بالذيل بعد نشر خبر الأدوية الفاسدة في جمرك الحديدة، علما أن جماركنا لا تسمح بمرور سلع وأغذية نظيفة بحجة أن لها وكلاء، في حين ينجح آخرون في تمرير أدوية فاسدة ومضرة، لكن السؤال هل بقيت هناك أدوية في السوق تالفة أو غير صالحة للاستعمال الآدمي؟ وهل هناك أدوية متقنة التزوير يصعب كشفها تمتلئ بها المحلات؟ وأين الجهات والأشخاص مرتكبو هذا الفعل؟ يا جماعة هذا شروع في قتل جماعي ولو كنا في بلد تحترم فيه حقوق المواطن ويندى جبين ذوي الشأن فيه لذهب بعض أو كل الحكومة إلى بيوتهم بدلا من الزعيق في الصحافة عن الفساد والمفسدين.

إن إقدام أي كان على هذا الفعل يدل على أنه لا يأبه لشيء، لأنه لا عقوبة ستطوله وسيقتصر الأمر على المصادرة ويعود هو سالماً إلى أحضان أهله، ولا ندري هل يدل ذلك على وجود دولة يخافها أمثال هؤلاء، وإذا افترضنا أن الدولة هي (تلفزيون، وأطقم عسكرية، ونقاط تفتيش) فهل نستطيع في ظل هذا التلاعب الذي يهدد حياة الناس، القول إنها دولة نظام وقانون؟

نستغيث بالرئيس كما استغاث المصري الذي سرقت كليته (الحقونا) وشكراً لأولئك الذين لا يزالون يؤدون واجبهم بأمانة في زمن تراجعت فيه كثير من الموانع الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية وضاعت فيه سطوة القانون -إلا على من يحترمونه -والله المستعان من قبل ومن بعد.