لقاءات تجريها «الأيام» مع فراشات الربيع في الفن التشكيلي

> «الأيام» بشرى العامري :

> فراشات الربيع مازلن صغيرات لم يكملن بعد العقد الثالث من أعمارهن، يرسمن بعنفوان الصبا وحماس الشباب، يحدوهن أمل أن يصبحن ذوات شأن يوماً ما في مجال الفن التشكيلي، وأن يستسيغ المجتمع هذا الفن بكافة فئاته ويجعل له حيزاً ولو بسيطاً في حياته المثقلة بأعباء المعيشة الصعبة.

زرناهن في معرضهن ببيت الثقافة الذي افتتحه الأسبوع المنصرم وزير الثقافة وأوصى بشراء بعض لوحاتهن المميزة .

وفي لقائنا بهن اقتربنا أكثر من شخصياتهن لنعرف ما هي أهم المشاكل والصعوبات التي تواجه المرأة خصوصاً في مجتمعنا حينما تخوض مثل هذا المجال.

البداية

< سلوى المطري، خريجة إعلام تعمل في الهيئة العامة للتنمية السياحية شاركت بعشر لوحات في هذا المعرض من أصل خمسين لوحة لزميلاتها الأخريات، لوحاتها العشر تلك مرسومة على الزجاج بين المدرسة الواقعية والتعبيرية حدثتنا عن بدايتها قائلة:

«أشارك في المعارض منذ عام 2000م وهذا ثالث معرض مشترك لي في بيت الثقافة، ولدي مشاركات خاصة مع منظمات وسفارات، بدأت الرسم منذ الطفولة وبالتحديد منذ أيام الدراسة ولكن لم أشارك مع فنانين تشكيليين حينها وكنت أشارك بلوحات بسيطة في معارض خاصة بالمدرسة في مناسبات مختلفة مثل عيد الثورة وعيد الأم وغيرها من المناسبات».

< آمال القاضي، وهي من مواليد عام 1979م، خريجة محاسبة تحدثت عن بداياتها قائلة:

«كانت بداياتي في المدرسة باكراً حيث كنت أرسم في مادتي الأحياء والجغرافيا وكنت أبدع فيهما، ولكن لم يكن احترافاً، ثم انضممت إلى منظمة دي الفرنسية وأنا في السنة الأخيرة في الجامعة، وكانت هذه المنظمة تشجع مواهب الشباب وتعلمهم تقنية الرسم وهناك تعرفت على الفنانين في المعارض وشاركت في مسابقة ثقافية خاصة بجامعة صنعاء وفزت بالمركز الثاني، وعملت عددا من المعارض المشتركة في بيت الثقافة ومعرضاً في مؤسسة الصيفي وآخر في المركز الثقافي».

< أما الفنانة التشكيلية الصاعدة ريهام الحمدي، وهي خريجة تجارة (إدارة أعمال) وقد شاركت بعدد من اللوحات الزيتية الجذابة التي تعبر عن الطبيعة وبعضها من الزجاج فقد تحدثت إلينا عن بداياتها قائلة:

«هذه ثامن مشاركة لي في معارض فنية، وأرسم في المدرسة الواقعية، كان لدي ميول للرسم منذ الصغر وتعلمت تصميمات الرسم واحترفته على يد أحد المعلمين أثناء دراستي الثانوية وبفضله زرت العديد من المعارض واختلطت بالجو الفني والفنانين وأدين بذلك لأهلي ومعلمي وصديقاتي اللواتي كن دائماً يشجعنني».

< الرسامة خلود يحيى الحرازي، وهي من مواليد محافظة المحويت وتدرس في السنة الرابعة بايولوجي تربية، هذه ثاني مشاركة لها في بيت الثقافة بعد مشاركة لها في القاهرة حينما فازت بها في مسابقة خاصة بجامعة صنعاء وسافرت إلى جنوب الوادي لتمثل جامعة صنعاء هناك، وكذلك أقامت معرضاً في المركز الثقافي هناك، تحدثت أيضاً عن بدايتها قائلة:

«في أول إعدادي رسمت لوحة بسيطة لمديرة المدرسة التي كنت أتعلم منها وهي الاستاذة عزيزة أبو طالب، فأعجبتها اللوحة وبدأت تشجعني وأدخلتني في مشاركات طلابية ومن هنا بدأت أختلط بفنانين وأعرف آراء الناس والفنانين في رسوماتي وبدأت أكتشف وأبتكر وأدخل في منافسات».

أهم المشاكل والتحديات

< تقول الفنانة التشكيلية آمال القاضي عن أهم المشاكل التي واجهتها:

«بعض الفنانين الكبار لديهم نوع من الأنانية في أن يقدموا أفكاراً أو رؤى أو تشجيعا أو تقنيات وما إلى ذلك للرسامين الجدد إلا قلة منهم كالأستاذ ياسين غالب والأستاذ الطيب الحاج وهما أكثر من علمني تقنيات الرسم».

< أما التشكيلية سلوى المطري فقد استعرضت مشاكلها قائلة:

«لم يساعدني أحد فنياً أو يكتشفني، وإنما اكتشفت نفسي بنفسي وحينما اقتنعت بموهبتي كنت أسأل عن كيفية اشتراكي في المعارض، وتعبت بسبب ذلك كثيراً وكنت أحاول تدريب نفسي على الرسم، وأهم مشكلة في اعتقادي نواجهها في بلدنا هي عدم وجود جهة متخصصة تدعم الموهوبين في مثل هذا النوع من الفن أو تتبناهم، وكذلك تعلم أصول الفن التشكيلي، وفي اعتقادي أن الفنان التشكيلي في بلدنا يجب أن يعمل كل شيء بمجهوده الشخصي».

< أما التشكيلية خلود الحرازي فتقول:

«لقد واجهت تعقيدات كبيرة من الفنانين أنفسهم كوني جديدة وصغيرة، وهناك قسوة من المجتمع تجاهي كوني فتاة وعدم معرفتهم بقيمة الفن التشكيلي واهتمامهم بالمادة فقط وأن الشيء الذي لا يجني مالاً هو مجرد عبث».

< وأضافت الفنانة التشكيلية ريهام الحمدي قائلة:

«كوني امرأة أشعر أن تحركاتي فيها صعوبة بالغة بكل الاتجاهات والنظرة إلينا محدودة وخصوصاً مسألة السفر والمشاركة في معارض دولية وعربية وضرورة المحرم ونظرة المجتمع اليمني للمرأة التي تسافر لوحدها وما إلى ذلك».

نظرة المجتمع

تقول التشكيلية ريهام الحمدي:

«أحياناً ينظر إلينا المجتمع نظرة قاصرة ولا نجد اهتماماً حقيقياً بالفن الذي نقدمه ويعتبره الكثيرون كماليات وليست الحاجة شديدة للفن، وعادة عندما نقيم المعارض لا يحضرها إلا المهتمون وهم قلة قليلة، ولا يوجد وعي كبير بالفن في اليمن، والدعم الوحيد الذي نجده من الحكومة هو في المعارض ويأتي وزير الثقافة لفتحها ويوجه بشراء بعض اللوحات للفنان كدعم له، ولا نجد أي دعم في التدريب أو التأهيل أو الالتحاق بدورات أو معارض خارجية، وغالبية الفنانين ينجحون بدعم ذاتي».

< بينما تتفاءل التشكيلية خلود الحرازي بالمجتمع قائلة:

«الفنانات التشكيليات بدأن يظهرن والمجتمع اليمني بدأ يتقبلهن على عكس الماضي، وقد واجهت ضغوطاً شديدة من حولي وكان الجميع يفضل أن أجلس في المنزل وأتزوج وأكوّن أسرة بعيداً عن هذه الخرابيط، ولكن مع الوقت اقتنع من حولي بموهبتي وأهلي واجهوا الكثير بسبب ذلك، لذلك انفصلت عن المجتمع حينها ولم أعره أي اهتمام نهائياً. وأتمنى لمن سيخوضون هذا المجال في المستقبل أيضاً ألا يواجهوا ما واجهته من صعاب، وأن يكون لديهم الحماس والاندفاع وألا يعتمدوا على دعم أي جهة أو وزير، لأنهم سيتحطمون منذ البداية بمجرد أن يصدهم أحد أو يحطمهم بانتقاده اللاذع، وألا يستسلموا، فكم من أشخاص لا يعرفون الرسم مع الإصرار رسموا لوحات فاقت لوحات الفنانين الكبار».

وأضافت التشكيلية سلوى المطري قائلة:«أشعر بأن المجتمع بدأ يتفهم هذا الموضوع، والصعوبات الوحيدة في ذلك أن هناك فئة معينة فقط من المجتمع وهي قليلة تتذوق الفن التشكيلي وليس كل الشرائح في المجتمع تفهم الفن التشكيلي وتقدر الفنان ولا يوجد عندها خلفيات عنه فهناك أناس كثيرون يأتون إلى المعرض ويشاهدون اللوحات ولا يفهمونها».

طموحات وآمال

وتطمح الفنانات إلى إقامة المزيد من المعارض وإلى التفات الجهات الحكومية والخاصة إلى هذا النوع من الفن ودعمه، وإقامة معهد متخصص لتعليم هذا الفن، وشكرن كل من وقف ويقف لمساندتهن ابتداءً من آبائهن وأسرهن وصديقاتهن وكل من علمهن، وتمنين مستقبلاً مشرقاً لمجال الفن التشكيلي في اليمن وللفنانين والفنانات القادمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى