كوالالمبور..مدينة تسحرك بجمالها الطبيعي وتذهلك بعظمة مبانيها الشاهقة

> «الأيام» جمال محمد الدوبحي:

>
حبا الله مملكة ماليزيا بأجواء متنوعة ومقومات ومناطق سياحية طبيعية ذات مناظر خلابة ومشاهد جذابة تشكل منظومة متآلفة ومجموعة متكاملة يقل نظيرها في العالم.

تتشكل من البقاع الخضراء الساحرة ذات المنظر الجميل والهواء العليل إلى مياه البحر الصافية الممتدة التي تعانق الشواطئ النظيفة ذات الرمال الناعمة الذهبية العجيبة أو البيضاء الناصعة، مروراً بالجزر المبهجة بجمالها، إلى المرتفعات ذات السحر والطبيعة الفاتنة إلى القمم الرفيعة والجبال الشاهقة التي تبهرك بلباسها الأخضر اليانع وحللها الزاهية.

وإن أطلقنا البصر إلى الوجه الآخر من ماليزيا وجه (التمدن) فلن يرتد البصر حسيراً، فالحياة في المدن الماليزية تتقلب من الجميل إلى الأجمل، فلاتعرف مللا ولا يعتريك كلل, ناطحات سحاب ومبان ضخمة وأبراج شاهقة ومجمعات راقية تشعرك أنك في دولة أوربية.

وفي المقابل تجد القصور الشامخة والحصون العاتية التي تعبق فيها رائحة التاريخ ويتجلى فيها الماضي بروائعه ليحكي قصصا ويسرد ذكريات من حياة قد مضت.

لؤلؤة آسيا
تصحبكم «الأيام» في جولة سياحية في مدينة من أجمل مدن هذا البلد الآسيوي المعمور بالجمال والروعة وتطوف بكم على معالمها البارزة لتشاهدوا التوافق الرائع بين الجمال الطبيعي وفنون هندسة العمارة الحديثة .. فمرحباً بكم في كوالالمبور لؤلؤة آسيا.

تعتبر العاصمة الماليزية كوالالمبور، بمساحتها البالغة تقريبا 234كم مربع، إحدى أصغر عواصم جنوب شرق آسيا لكنها بين الأكثر حيوية ونشاطاً وأسرعها نمواً في العالم، كما أنها تعتبر المركز الأساسي للتجارة والسياسة والترفيه في البلاد كونها أكثر المدن الماليزية تطوراً وازدهاراً بما فيها من نماذج مذهلة لفنون الهندسة المعمارية الحديثة وغناها بالمباني التاريخية الثقافية والأنهار والجبال والحدائق ومدن الألعاب التي تمثل مواقع جذب قوية للسائحين على اختلاف اهتماماتهم ومشاربهم وشرائحهم خاصة مع تنظيم فعاليات رياضية وترفيهية جذابة وإقامة المعارض التقنية وبرامج أخرى اعتادت وزارة الثقافة والفنون والسياحة الماليزية على إقامتها بين الحين والآخر لجذب أكبر عدد من السياح والزائرين لهذه المدينة.

ولكن قبل الدخول في التفاصيل يحسن بنا أن نقف عند بعض المعلومات حول هذه المدينة لنجمع في رحلتنا بين المتعة والفائدة.

فكلمة (كوالالمبور ) تعني بالملاوية (المصب الطيني) وقد أُطلق عليها هذا الاسم لأنها بنيت على ملتقى مصب نهري (جومباك) و(كلانج) الذي جاء إليه التجار (كما تقول احدى الروايات التي قرأتها في بعض المواقع الإلكترونية) للبحث عن خام القصدير وكانت ظروف المنطقة غاية في الصعوبة. فقد كان المصب موبوءا بالأمراض الفتاكة التي أدت إلى وفاة عدد كبير من المعدنيين، أما الذين نجوا فقد أقاموا المناجم وعمروا المنطقة وأسسوا أول مجموعة أكواخ تكون منها اسم (كوالالمبور).

من أكواخ إلى مدينة عصرية
أُنشئت المدينة عام 1857م لتتوسع وتنمو من مجموعة من الأكواخ المعدنية المحاذية للنهرين إلى مدينة عصرية متعددة الوجوه ومختلفة المعالم. وبعد هذه الوقفة يمكننا مشاهدة الوجوه المختلفة للمدينة ونطوف حول معالمها البارزة ونتعرف على أهم نقاط الجذب السياحي فيها.

أطول ناطحات سحاب في العالم
يمكننا أن نبدأ جولتنا من قلب العاصمة حيث يعلو برجا شركة البترول الماليزية (بتروناس) اللذان يعدان من أطول ناطحات السحاب في العالم، حيث يبلغ ارتفاعهما 452 متراً ويتألف كل برج من 88 طابقاً كما تبلغ مساحة هذا (التوأم الشاهق ) الذي قام بتصميمه المهندس المعماري الأرجنتيني سيسار بيلي 341,760مترا مربعاً وعلى ارتفاع 170 متراً ويوجد جسر معلق يربط بين البرجين ويبلغ طوله 40.58 متراً، ويستطيع الزوار الصعود إلى الجسر المعلق بين البرجين عند الطابق الأربعين وغير مسموح بالدخول لأي طابق آخر، ولمن يريد الصعود إلى الجسر يجب أن يكون هناك في الساعة التاسعة صباحاً مع العلم أن التذاكر مجانية.

وهذا الجسر قامت بتجميعه شركة سامسونج للصناعات الثقيلة في كوريا الجنوبية لإجراء التجارب الفنية اللازمة عليه قبل أن تعيد تفكيكه مرة أخرى إلى 493 قطعة بوزن بلغ 640.452 طنا ليشحن إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور حيث احتل مكانه بين البرجين.

كما يوجد حول قاعدة البرجين (KLCC) مجمع تجاري ضخم يعرف (بسوريا كي أل سي سي) ويتألف من ستة طوابق تحوي العديد من المحلات التجارية التي توجد بها الماركات العالمية بالإضافة إلى المطاعم العالمية والمحلية التي تناسب الأذواق المختلفة.

ويعتبر هذا المجمع مقصداً مثالياً لمن يريد اقتناء الجديد وآخر الصيحات والماركات، كما أنه مزود بسلالم كهربائية كثيرة نظراً لاتساعه ولتسهيل حركة رواده، كما تحيط به حديقة جميلة مزينة بنوافير ملونة تضفي عليه نوعا من الجمال. وعلى طرف الحديقة وبالقرب من المسجد يوجد مجموعة من الألعاب الترفيهية المخصصة للأطفال.

رابع أعلى برج اتصالات في العالم
تستمر جولتنا في هذه المدينة التي تذهلنا بمظاهرها العصرية الحديثة لنكون على موعد مع ناطحة سحاب أخرى(منارة كوالالمبور) التابعة لشركة الاتصالات وهي رابع أعلى برج اتصالات في العالم بارتفاعها البالغ 421 متراً, ومن أهم معالم الجذب السياحي في المدينة.

فمن خلال هذه المنارة التي بإمكانك الصعود إليها تستطيع أن تلقي نظرة على كل المدينة من الأعلى إذ تقدم لك العديد من الخدمات مثل منصة المراقبة المزودة بالمناظير وبمرشد سمعي متعدد اللغات (يمكنك اختيار اللغة العربية) حيث سيشرح لك الجهاز مباشرة كل ما تراه أمامك من مبان وحدائق ونبذة عن ماليزيا عموماً، فما عليك إلا أن تتبع تعليمات موظف البرج الذي يساعدك في استخدام هذا الدليل الإلكتروني، كذلك ستجد المطعم الدوار(Sri Angkasa) في انتظارك.

ليس هذا فحسب فهناك الكثير من المباني الشاهقة التي تبهرك بطابعها الحديث، لكن ما يضفي على هذه المدينة العصرية نوعاً من الجمال الفريد وجود ذلك النوع من المباني الذي يجسد روح التراث الماليزي ويتحدى بطرازه التقليدي ناطحات السحاب العصرية لتتشكل لوحة جميلة تجمع بين أصالة الماضي وروعة تصميم الحاضر. ومن أشهر المباني التقليدية (قصر السلطان عبد الصمد) الذي تم بناؤه عام 1897م ليكون مقراً لدوائر مهمة للاستعمار البريطاني في ذلك الوقت. ويعتبر هذا البناء من المعالم السياحية في البلاد حيث يجذب بأبوابه التي تزينها الأقواس ذات الطراز الإسلامي وقبابه والألوان المستخدمة فيه الكثير من الزوار والمهتمين بالطراز التقليدي.

المسجد الوطني بقبته المتعرجة
ومن المباني التي تمزج بين العناصر التقليدية والعمارة الحديثة (المسجد الوطني) وهو المسجد الرئيسي في العاصمة، وفيه يوجد الكثير من الأشياء التي تجذبك منها: القبة المتعرجة ذات أبعاد هندسية منتظمة تزين سطح المسجد ولكن أكثر ما يلفت النظر في هذا المسجد هي مئذنته المربعة ذات التصميم المشابه للمظلة الشمسية.ومن الأماكن الجميلة التي تستقطب السائحين (القصر الملكي) وهو المقر الدائم لملك ماليزيا، ويقع في شارع يعرف بشارع القصر، ويحاط به حديقة جميلة ومعالم خضراء متعددة الألوان. ويعتبر القصر مقراً للمناسبات الرسمية ويقصده السياح لمشاهدة تبديل الحرس يومياً.

مشاهدة سطح القمر
ومن المعالم كذلك (القبة الفضائية الوطنية) التي تقع في حديقة البحيرة حيث تتركز معظم حدائق ومتاحف كوالالمبور. ويجد زوارها المتعة في مشاهدة سطح القمر بواسطة التلسكوب ذي قطر 14 بوصة خاصة عند تمام استدارة القمر في الرابع عشر من الشهر القمري حيث تستطيع رؤية تفاصيل سطح القمر بوضوح. وتتصل هذه القبة بأهم معالم الجذب السياحي في المدينة وهو المتحف الوطني الماليزي وذلك بواسطة جسر معلق يربط بين المعلمين. ويعتبر هذا المتحف الرئيس للدولة ويتم فيه عرض سلسلة التطورات التاريخية والسياسية في ماليزيا، كما يتم فيه عرض الثقافات المميزة لكل فئة من سكانها :المالاويون والصينيون والهنود بالإضافة إلى الطبيعة الجغرافية للبلاد.

وبما أن المتاحف تعتبر من الملامح الثقافية لأي بلد و الخلاصة للتعرف على الحضارات فسوف نمر بكم على المتاحف الماليزية في كوالالمبور لنتعرف على أهم محتوياتها، فمن المتاحف التي تجذب السائحين (متحف التاريخ الوطني) ويضم العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى الحضارات القديمة والأحافير التي يعود تاريخ بعضها إلى عصور الحياة الأولى على الأرض. و(المتحف الماليزي الإسلامي للفنون) و يضم عددا من القطع الفنية القديمة التي يعود تاريخها إلى أيام الدول والممالك الإسلامية. و(متحف الأنسجة)ويضم نوعيات من الأقمشة من مختلف الولايات الماليزية التي تبرز اللباس الماليزي التقليدي. و(متحف القوات المسلحة) ويضم العديد من الأدوات والمعدات العسكرية للجيش وسلاح الجو والبحرية والذي تأسس في عام 1933م. و(متحف السلاح الجوي الملكي الماليزي) ويضم بعضا من القطع العسكرية، تم تأسيسه في عام1985م، و(متحف الطب الإحيائي) ويعرض فيه الأبحاث الطبية للمهتمين والمتخصصين وتم تأسيسه في عام 1983م، و(متحف البنك المركزي الماليزي للعملات) ويعرض المراحل التاريخية لتطور العملات في ماليزيا بالاضافة إلى بعض العملات النادرة. و(متحف الشحن العالمي) الذي يعرض مراحل تطور عمليات الشحن البحري في ماليزيا وتم تأسيسه في عام 1992م، وغيرها الكثير من المتاحف في هذه المدينة (كمتحف تيليكوم) و(متحف الفنون الآسيوية) و(متحف ماي بنك للعملات) التي تشكل عامل جذب للسياح من مختلف أنحاء العالم لأنها تتيح فرصة للتعرف على الحضارة الماليزية.

متاحف تبهج النفس
وفي ختام جولتنا لفت انتباهنا وجود متاحف أخرى تبهج النفس وتسر الخاطر وتشرح الصدر إنها جنان المولى في أرضه, فكوالالمبور مدينة تزدان بالنباتات ذات الألوان الخلابة والأشجار الباسقة والحدائق الاستوائية الوفيرة الرائعة، حيث يلحظ الزائر لهذه المدينة جنانا وارفة من جمال الطبيعة الساحرة. ويشاهد بوضوح أقلام القدرة وهي تسطر على جبين هذه المدينة آيات الجمال الباهرة فترى فيها ما يسحر الألباب من حدائق ذات بهجة ورياضا أنيقة وجنات، وكثيرا من البقاع الخضراء والحدائق الغناء المليئة بأصناف الورود والزهوروالشجيرات فهي مدينة تمتد فيها سيمفونية الجمال الطبيعي الساحر ما جعلها مقصدا رئيسا للمتنزهين والباحثين عن مأوى طبيعي هادئ خال من زحمة المدينة وضوضائها حتى عشقها كثير من السياح واعتبروها من دعائم السرور والارتياح.

الجدير بالإشارة أن هذه السيمفونية اللونية الخلابة من النباتات المختلفة لا تهملها الدولة الماليزية فهي تتعهدها بالرعاية والاهتمام الشامل من تهذيب وتشذيب لهذه النباتات حتى لا تتحول إلى غابات موحشة تثير الرعب وتشوه جمال المدينة ورونقها.

وقبل أن نودعكم نعتذر عن ما أصابكم من بلل نتيجة عدم تنبيهنا لكم في بداية جولتنا لحمل المظلة لأن الأمطار هنا تكاد تكون يومية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى