في ندوة لمركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان عن دور المثقف في الإصلاح الديمقراطي.. رئيس مركز دراسات الوحدة العربية:من حق المثقف أن يطمح باحترام ومحبة الحاكم وإذا كان لا بد من الاختيار بينهما فيجب أن يختار الاحترام ويتخلى عن المحبة

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
من اليمين: عزالدين الأصبحي، د.عبدالعزيز المقالح، د.خيرالدين حسيب، د.ياسين سعيد نعمان في الندوة امس
من اليمين: عزالدين الأصبحي، د.عبدالعزيز المقالح، د.خيرالدين حسيب، د.ياسين سعيد نعمان في الندوة امس
أقام مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان صباح الأمس في إطار برنامج موارد دعم الديمقراطية ندوة بعنوان (دور المثقف في الإصلاح الديمقراطي) وتم استضافة الدكتور خير الدين حسيب، رئيس مركز دراسات الوحدة العربية.

وفي الندوة تحدث د. عبدالعزيز المقالح، المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية عن المثقف العلمي الموجود بدوره في الساحة الفكرية العربية، ورأى أن دوره لا يقتصر على مكان محدد أو قطر معين من الأقطار العربية دون سواه مغربا وشرقا. وقال: «المثقف الذي يتصف بالتواضع ونكران الذات وبإنجاز لدوره التاريخي المتميز يتحول إلى قدوة لمن يرغب من المثقفين في أن يؤدي دوره في حياة وطنه وأمته، اعتقادا منا بأن ما ينقص الأمة في وضعنا وزمننا الذي نعيش تحولاته وأحداثه العاصفة ليس النظريات المجردة والفرضيات والأفكار، بل القدوة المثقفة التي تؤمن وتعمل على تكريس المناخ الديمقراطي وتوعية الناس باستحقاقات هذا المناخ ومستلزماته وما يترتب عليه من حقوق وواجبات». كما استعرض مطولا مسيرة حياة د.خير الدين حسيب وتجربته السياسية المريرة عبر توليه مسئوليات في الوزارة والسياسة. واستعرض مجهودات مركز دراسات الوحدة العربية وأبرز بحوثه. كذلك تحدث عن نجاح د.خير الدين حسيب في التوعية والتفكير في الطريق الأمثل إلى التغيير المطلوب وقال: «كمثقف تنويري وديمقراطي كان د. خير الدين وراء اقتراح آليات أمنية توفر إلى جانب القناعات النظرية سبل التطبيق الواقعي، ومن تلك الآليات نتذكر جميعا المؤتمر القومي والمؤتمر القومي الإسلامي اللذين استطاعا من خلال ندواتهما وأعمالهما مد الجسور بين القوى الوطنية والقومية التي كان الخلاف بينها قد استنفد الكثير من جهدها ووقتها وطاقاتها وشغلها عن مهمة البناء وإرساء التغييرات والتحولات التي يطمح إليها الجميع.. لقد تلاقى عبر هذا الجهد ولأول مرة القومي والإسلامي في خندق توحده راية المقاومة الفكرية التي جسدت الاعتقاد السليم بأن الوقوف أمام جوهر الإشكاليات والقضايا الأساسية الحاسمة أكثر أهمية وجدوى من الخلاف والمنازعات حول القشور والشكليات العامة غير العلمية وغير الموضوعية».

كما تطرق إلى أهمية الديمقراطية في مجتمعنا بوصفها الركيزة الأساسية في خلق المواطنة التي يستطيع الإنسان العربي من خلالها أن يدافع عن حرية الأوطان واستقلالها لأنه يشعر بما له من حقوق فيها، وقال: «إن غياب الحرية في مجتمعاتنا العربية هو مكمن التخلف والخلاف والاحتراب والفرقة والصراعات وصعود الديكتاتوريات المصادرة لحق الإنسان في العيش والتفكير والعمل الحر، وقد أفضت إلى جانب التدخل الأجنبي والقوى المعادية إلى ضمور الوعي والفكر القوميين ومن ثم التهديد للأمن والاستقلال والحريات في أوطاننا مما أدى إلى تراجع القضايا القومية، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي ظلت جرحا نازفا في جسد هذه الأمة دون أن تجد العلاج الناجع والحاسم، بل لقد جثمت الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية وشيوع الروح غير المسئولة وغياب الحريات إلى ما نشهده اليوم من انكسارات بالغة الخطورة وتراجعات وخسائر تهدد الأمة وهويتها».

كما تحدث د. ياسين سعيد نعمان عن المثقف اليوم قائلا: «إن المثقف اليوم في مجتمعنا العربي يواجه تعقيدات عديدة في أنظمة تريد أن تستخدم كل شيء لاستمرارها، تستخدم الأحزاب السياسية لإعادة إنتاج شرعيتها السياسية، وتستخدم العلماء شرعيتها الدينية وتستخدم الحروب لإعادة إنتاج شرعية القوى، والمتثقف هنا في مجتمعنا العربي أمامه مهام معقدة».

وتحدث د. خير الدين حسيب، رئيس مركز الدراسات العربية عن زيارته لليمن الشمالي عام 77م بدعوة من الرئيس الحمدي وزيارته أيضا للشطر الجنوبي في ذات العام، ورغبة مثقفي الطرفين القوية آنذاك في الوحدة. وعرف الديمقراطية بأنها مجموعة قيم ووسائل وآليات وهي ديمقراطية سياسية واجتماعية، فالديمقراطية السياسية وحدها لا تكفي وهي ضرورية أيضا للإصلاح، كما استعرض تجارب دول حققت تقدما ماديا بدون ديمقراطية في القرن الماضي ولكنها انتهت بكارثة ونهايات مؤلمة.

وتطرق إلى نشأة الديمقراطية وتطورها بداية في الغرب وانتقالها إلى الدول العربية حتى أصبحت قيمة متأصلة وحاجة ملزمة كالأكل والشرب والملبس، ولكنها لم تتحول إلى ذلك بعد.

وقال: «إن المثقف الملتزم هو الذي يملك قدرا من العلم والمعرفة والمهموم بشئون مجتمعه ويعمل من أجل تغييره إلى الأفضل».

وتحدث عن تردي وضع الدول العربية في الستينات والسبعينات الماضية بسبب غياب المرجعية القومية، وأوضح في حديثه أن احتلال العراق تم بتحريض عربي وتسهيلات عربية وأن دول الخليج ومصر والأردن مجتمعه ساهمت في حرب امريكا ضد العراق ودعمت هذه الحرب بمليارات الدولارات، واستعرض أهم الاحداث التي تؤكد ذلك. وعن سبب انحسار دور المثقف في الإصلاحات الديمقراطية قال: «من قرأ أو عاش دور المثقفين في فترة التحرر من الاستعمار وفترة الاستقلال يلاحظ أنهم كانوا أجرأ وأصلب وأكثر تحرراً. أما الآن فقد أصبح دور المثقفين الملتزمين ضعيفا أمام الأنظمة لعدة عوامل منها الظروف الاجتماعية التي تجعله يظل يبحث طوال الوقت عن لقمة العيش، ففي السابق كان المثقفون فئات اجتماعية ميسورة وكانوا يستطيعون أن يناضلوا وأن يعارضوا الحكومات دون أن يحتاجوا مادياً لها، وهذا الاستغلال الاقتصادي مكنهم من الصمود والنضال. ولكن نتيجة لانتشار التعليم بعد الحرب العالمية الثانية ودراسة الكثير في الخارج عن طريق الدولة، وعمل هؤلاء في الوظيفة العامة، وتوسع دور الدولة الاقتصادي وزيادة وسائل القمع كل هذا أدى إلى ضعف دور المثقفين وانقسامهم إلى قسمين، قسم يلتقي بالسلطة ويبرر أعمالها وقسم عكس ذلك تماما».

المشاركون في الندوة امس
المشاركون في الندوة امس
وأضاف: «إذا أردنا فعلا أن ننتقل إلى إصلاح حقيقي فلا بد من قيام كتلة تاريخية من كل التيارات المختلفة الموجودة، وتكون مؤمنة بالديمقراطية وتركز على ما يجمع فيما بينها وليس على ما يفرق فيما بينها».

وعن شروط المثقف الملتزم القدوة قال: «عليه الابتعاد عن السلطة والتخلي عن الطموحات الشخصية حتى تكون موضوعاته وأداؤه أكثر موضوعية وحتى يشعر بالثقة بالنفس أكثر، ومن حقه أن يطمح باحترام ومحبة الحاكم، وإذا ما كان لا بد من الاختيار بينهما فيجب أن يختار الاحترام ويتخلى عن المحبة وألا يتوقع جزاء ولا شكورا من الناس، وعلى المثقف الملتزم المنتمي سياسيا أن يمارس الديمقراطية داخل منظمته أولاً ومع الآخرين، ولكن ليس على حساب القيم والثوابت الرئيسية».

وصنف د. أحمد محمد الأصبحي عضو مجلس الشورى المثقفين إلى «مثقفين ملتزمين يوظفون ثقافتهم العامة لثقافتهم العضوية في هذا الحزب أو ذاك وبحسب منهج حزبه في تصوره للإنسان والحياة والوجود، وهناك المثقفون التقنيون وهم الذين يمتلكون جهدا ثقافيا يتمثل باختراع أو باكتشاف أو بإبداع وخبرة وعطاء عملي وفكري ومعرفي، والمثقفون الرحل الذين يجيدون التنقل بين فكر وآخر وحزب وآخر ويبدلون المواقف ليس بقصد البحث عن الحقيقة وإنما بدافع ارتباط مصلحي خاص. أما مثقفي دائرة الضوء فأولئك هم المعجبون بأنفسهم وليس لهم من ثقافتهم سوى البحث عن أن يكونوا في دائرة الضوء والتي قد تضطرهم إلى استعداء السلطان الاجتماعي أو الديني أو السياسي عليه، بالإضافة إلى مثقفي السلامة، وهم الذين يعزلون أنفسهم في أبراج عالية أو في أقبية منخفضة ولا يستفاد منهم شيء لبعدهم عن الواقع، وأخيرا مثقفو الإكراه، وهذا الصنف نذر نفسه لثقافة الإكراه أو الترويج لها مثل ثقافة التطبيع وتكييف شروط الهوية لإملاءات الهيمنة العالمية». كما تحدث أيضا عن التجربة الديمقراطية في ظل النظامين الجمهوريين السابقين لثورتي سبتمبر واكتوبر.

وأضاف: «مثلما كان المثقفون في طليعة الحركة الوطنية من أجل الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية، فإنهم اليوم يتحملون العبء الأكبر في المضي قدما بمسيرة التحول نحو الديمقراطية». وعن التحديات الراهنة للتحول نحو الديمقراطية قال: «هناك إشكالية المثقف ذاته في انشغال معظمهم بهمومهم الخاصة ونفور الكثيرين من الالتزام السياسي والامتناع عن الانضواء تحت شكل تنظيمي، واعتكاف البعض الآخر على العمل الأكاديمي البحت. وهناك أيضا اشكاليات تنظيمية في مؤسسات المجتمع المدني تتمثل في تفشي كثير من الأساليب والممارسات اللا ديمقراطية مثل التعصب والإرهاب الفكري وعدم تحمل الرأي الآخر والاستعلاء وفرض الذات داخل معظم الأحزاب السياسية، ومعاناة عدد من الأحزاب من التعددية الانقسامية في إطار الحزب الواحد والضعف الهيكلي لمنظمات المجتمع المدني.. كذلك هناك إشكاليات البيئة المجتمعية فلا ننسى تدني الوعي الشعبي بالحقوق المدنية وتفشي الأمية والفقر».

وتحدث د. عبدالكريم قاسم عن دور المنظمات الإبداعية في التحولات الديمقراطية، حيث استعرض دور المنظمات الإبداعية في اليمن وقال: «إن قضية الحرية والديمقراطية تكون عنصرا بنائيا في تكوين المنظمات الثقافية والإبداعية حتى تستطيع ان تؤدي دورها في التحولات الديمقراطية».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى