أسنــان صحيــــة .. حيــاة سعيــــدة !

> «الأيام» علي محمد سعيد الأكحلي:

> هل تعلم أن نصف سكان اليمن (البالغ عددهم 20 مليون نسمة تقريباً) هم أطفال دون سن الـ15 سنة!

وهل تعلم أن مرض تسوس الأسنان يعد المرض الثالث على مستوى العالم من حيث درجة الانتشار بعد أمراض القلب والسرطانات المختلفة. ويصيب التسوس عادة هذه الفئة العمرية التي تشمل طلبة المدارس للمرحلة الأساسية. ومن المؤسف أننا لم نسمع عن قيام الجهات المعنية في وزارة الصحة بعمل دراسة ميدانية بين أطفال المدارس الابتدائية لمعرفة قيمة مؤشر انتشار التسوّس والذي يرمز له بالأحرف الثلاثة (دي. إم. إف)، وهي أحرف اختصار للكلمات الثلاث بالإنجليزية (DMF = Decayed / Missing/ Filling-Index) ومعناها «تسوس / فقدان /حشو»، رغم مرور حوالي 75 عاماً على بدء العمل فيه في أوروبا، وهو المؤشر الذي تعتمد عليه معظم البلدان كمقياس لتشخيص حالة أسنان الأطفال في سن الدراسة (من 6 إلى 12 أو 15 سنة) وتبني عليه توصيات معينة تهدف إلى تخفيض (قيمته). ويتم إعادة الدراسة كل 5 أو 10 سنوات لمعرفة قيمة المؤشر، وما إذا كانت الجهود التي بذلت في الفترة السابقة قد عملت على تحسين الوضع أم لا.

إن أحد أهم أسباب التسوّس هو بيئة المدرسة، حيث يقوم الطلاب في الاستراحة بأكل الوجبات الخفيفة (السندويتشات) مع شرب زجاجة كولا. إن بداية عملية التسوّس تكمن في قيام بكتيريا الفم بتحويل بقايا الأكل والسكر إلى أحماض(1) مخرشة لمينا(2) السن وتعمل على نخر السن. هل يعلم أولياء الأمور أن كل علبة من المشروبات الغازية (حجم 500 مللي) تحتوي في المتوسط على 40 جراما من سكر المائدة (SUCROSE) وهذا يساوي ما مقداره 7 ملاعق شاي من هذا السكر المضر بالأسنان! لقد منعت بعض المدارس في عدد من الولايات الأمريكية من تركيب ماكينات بيع الكولا (المشروبات الغازية) في حرم المدارس لإدراكها بخطورتها على أسنان الأطفال وما يتكبده التأمين الصحي (الضمان الاجتماعي) من مصاريف لعلاج الأسنان، سواء في مرحلة الطفولة أو في المراحل اللاحقة عند الكبر! وينصح الأطباء بمنح الطفل عصيرا طبيعيا خاليا من السكر في علبة بلاستيكية، بل إن بعض الأطباء وصل إلى حد نصح أولياء الأمور بإعطاء الطفل فرشاة أسنان عند ذهابه إلى المدرسة تكون مخصصة لتنظيف فمه بعد انتهائه من الأكل في فترة الاستراحة! كما قامت إحدى الشركات السويسرية بإنتاج سائل في علبة بخاخة (يمكن حفظها في جيب القميص وتستخدم بين الوجبات) حيث يقوم السائل بمعادلة الأحماض المخرشة للسن. المنتج يدعى «ايموفرش» وموجود في سوق اليمن.

وفي الحقيقة، إن تَنظيف أسنانِ الطفل بواسطة الفرشاة يَجِبُ أَنْ يَبْدأَ أصلاً في عُمرِ مبكّرِ، (حوالي السنتين)، أو بحسب توجيهات طبيب الأسنان في بعض الحالات. من المهم أن تبدأ الأم بمساعدة ابنها بفرش أسنانه عند بزوغ الأسنان اللبنية. وسيحتاج الطفل إلى مساعدةَ الأم عند تُنظّيفُ أسنانَه حتى اكتمال سنه السادسة من العمر، حيث يفترض أن يقوم بفرش أسنانه من ذات نفسه. وحتى قبل أن تتكون الأسنان لدى الطفل، من المُهمِ البدء بالعناية بفَم الرضيع باستعمال منشفة رطبة أو قطعة شاشِ، حيث يَفْرك بلطف على لَثَة(3) الرضيعِ. كما يمكن تبليل فرشاة أسنان ناعمة بالماءِ للغرض نفسه عند ظهور بعض الأسنانِ لدى الرضيع.

أهمية إضافة الفلور إلى معجون الأسنان للوقاية من التسوّس
أن جسم الإنسان يحتاج بشكل عام إلى 3,5 جرام تقريباً من الفلور (أو الفلورين) يومياً. وهذا يعني أن على الإنسان أن يأخذ حاجته من الفلور من مصادر مثل الفواكه والحبوب المجففة ومياه الشرب، علماً أن مياه الشرب تحتوي في المتوسط على 0,7 ملليجرام في كل لتر ماء فقط. ولهذا، يضاف الفلور عادة إلى معاجين الأسنان لحماية الأسنان من التسوس.

و لكن.. هل كل معجون أسنان هو معجون للأسنان؟

بعض معاجين الأسنان لا تتميز بخواص ميكانيكية مثالية، حيث يتم تصنيع قاعدة المعجون بإضافة مواد حاكة وخشنة مثل مسحوق عظام الحيوانات مع مسحوق رملي أو طباشيري، حتى أن بعضها يحتوى على مسحوق منظفات غسيل الملابس لإعطاء رغوة مصطنعة عند فرش الأسنان! فقط تلك المعاجين ذات الخواص الميكانيكية المثالية هي التي تحافظ على طبقة مينا السن من التآكل والانحلال. إذاً لا بد لمعجون أسنان مثالي أن يتسم ببعض الخواص الميكانيكية مثل أن تكون قدرة الكشط وقدرة الخشونة لعاج السن منخفضتين مع الاحتفاظ بقدرة تنظيف عالية. بالإضافة إلى ذلك، تتسم المعاجين المثالية بقاعدة معجونية ذات تركيز محدد من درجة الحموضة (pH) - بحيث تكون قاعدتها إما حمضية أو قلوية بدرجة معينة تسمح للمواد الفعالة المضافة إلى المعجون بالتفاعل مع مكونات السن، لتشكل مركبات كيماوية مسئولة عن إحداث الأثر الوقائي أو العلاجي المطلوب.

أهمية استخدام مضمضات الفم
إن استخدام مضمضة الفم (mouth rinse) وتدعى أيضاً بغسول الفم (mouth wash) هي عملية مهمة وضرورية ومكملة لعملية تنظيف الأسنان بواسطة المعاجين وذلك لضمان نظافة الفم بالشكل المطلوب للوقاية من أمراض الفم المختلفة. إن استعمال المضمضات يفيد في إخراج بقايا الأكل من الأماكن المستعصى إزالتها منها بالفرشاة أو خيط الأسنان. ويجب الانتباه إلى ضرورة التمضمض لفترة دقيقة إلى دقيقة ونصف على الأقل للحصول على الأثر المطلوب. كما أن الاستخدام المستمر لمحاليل المضمضة يساعد على الوقاية من التسوس أو البلاك أو حساسية الأسنان (بحسب نوع المادة الفعالة الداخلة فيها). يوجد في الأسواق العديد من السوائل التي تدعي أنها مخصصة كمضمضة للفم لإزالة اللويحات الجرثومية (البلاك) أو الوقاية من التسوس، الاّ أنها (إلى كونها تحتوي على المادة الفعالة) فإن باقي السائل في الزجاجة عبارة عن ماء، مضاف إليه سواغ(excipients) مثل المواد الحافظة والمرطبة والملونة والمنكهات ومواد التحلية. كما أن بعض المضمضات يضاف اليها نسبة معينة من الكحول كمادة مطهرة أو حافظة. يفضل استخدام مضمضة فم سواء المركزة (تستخدم بعد التخفيف بالماء بحسب الإرشادات) أو المخففة (الجاهزة للاستخدام) التي تتميز بكل أو معظم الصفات التالية: 1- أن تحتوي على مواد فاعلة حديثة الاختراع ومعترف بها من قبل الدوائر الطبية المختصة كمواد فاعلة للغرض المعلن عنه دون إحداث أعراض جانبية. يفضل استخدام تلك التي تحتوي على مواد طبيعية مثل زيت شجرة الشاي الاسترالية، أو عصارة الصبّار.

2- أن تحتوي على أملاح معدنية قادرة على تحفيز إفراز اللعاب الذي يقوم بالتنظيف البيولوجي الذاتي للفم. كما أن إضافة الأملاح المعدنية إلى المحلول تعمل على إعادة معدنة الأسنان.(Remineralization)

3- أن لا تحتوي المضمضة على مواد حافظة وأن تكون المادة الملونة من مصدر طبيعي.

4- أن لا تحتوي المضمضة على نسبة عالية من الكحول، إذ أثبتت الدراسات المكثفة من مختلف الاتجاهات الطبية أن سوائل المضمضة التي تحتوي على كحول تسبب جفافاً في الفم وتمنح الفم رائحة كريهة بعد فترة من الاستخدام.

أهمية و طريقة تفريش الأسنان
معظم أطباءِ الأسنان يَوصون باستخدام تقنية التفريش الدائري. إنّ استخدام حركة دائرية (circular motion) أو إهليليجية (elliptical motion) بدلاً من التفريش ذهاباً وإياباً على سطح الأسنان هو ضروري لتجنب حصول انحسارَ لسطحَ اللثةِ إلى ما دون مستواها الطبيعي مما يؤدي إلى تعرية عنق السن، وما يلي ذلك من مشاكل للسن مثل فرط التحسس للمؤثرات الخارجية عند شرب السوائل الساخنة أو الباردة ...إلخ. إضافة إلى أن رونق اللثة يبدأ بالانحسار تدريجياً مما يسبب نزف اللثة الخفيف.

النصائح الأربع حول التفريش ونظافة الفم
1- ينصح بتنظيف الأسنان بالفرشاة بشكل جيد بعد كل وجبة ولمدة 3 دقائق في كل مرة. كما أن تدليك اللسان بفرشاة مطاطية خاصة تعمل على إزالة البكتيريا وإنعاش النفس، وتعتبر عملية مكملة للعناية بنظافة الفم. 2- ينصح بتنظيف الفرشاة بشكل جيد بعد التفريش ثم تعلق بحيث تكون شعيراتها متدلية إلى الأسفل لتجف في الهواء. 3- ينصح باستبدال فرشاة الأسنان مرة كل 3 أشهر، حتى وإن بدت للشخص وكأنها جيدة، لأن الفرشاة أداة مهمة لتنظيف الأسنان. 4- ينصح باستخدام الخيوط السنية لإخراج بقايا الطعام من بين الأسنان. كما ينصح بالتمضمض قبل النوم مباشرة باستخدام مضمضة فم، لإخراج بقايا الطعام من المناطق التي لا تصلها فرشاة الأسنان أو الخيوط السنية.

مواصفات فرشاة الأسنان المثالية
1- أن تكون شعيرات الفرشاة مصنوعة من الياف اصطناعية (النايلون) وتكون ناعمة أي رط. (soft) 2- أن تحتوي على 2000 شعيرة نايلونية أو أكثر، وأن تكون رؤوس الشعيرات مدورة (rounded) وليس مدببة (لا يمكن رؤية رؤوس الشعيرات بالعين المجردة، ولكن بواسطة المجهر)، وعادة تشير الـشركة المصنعة على علبة الفرشاة إلى ذلك.

3- أن يكون رأس الفرشاة صغير، بحيث يستطيع الدخول إلى المناطق البعيدة في الفم. 4- يد الفرشاة (الممسك) يجب أن يكون مناسبا بما يمكن الشخص من القبض عليه والتفريش بشكل مريح.

تنظيف الأسنان باستخدام الخيط السني
يمكن للشخص إخراج بقايا الطعام المحشور بين الأسنان (والتي لا يمكن إخراجها بالفرشاة) باستخدام الخيوط السنية. وتسمى عملية استخدام الخيوط السنية لهذه الغاية بـ «التخليل» .(Flossing) إن التخليل يعمل على إزالة البلاك من على جانبي الأسنان واللثة، وهي عملية مهمة وضرورية لتجنب الإصابة بأمراض السن المختلفة. يتم التخليل مرة أو مرتين في اليوم ويفضل بعد كل وجبة.

ولا ننسى في الأخير التنويه بأن زيارة طبيب الأسنان مرة كل ستة أشهر لمعاينة واكتشاف الاختلالات والظواهر المرضية،سواء على الأسنان أو اللثة أو الغشاء المخاطي للفم والعمل على معالجتها بشكل مبكر، تسهم بشكل كبير في نظافة الفم والحفاظ على أسنان ولثة صحيتين.

ويؤكد واقع الحال أن الشخص الذي يحافظ على نظافة فمه ويمتلك أسناناً سليمة وصحية، يعيش على الأغلب حياة سعيدة !

هامش:
(1) حامض وتعني بالإنجليزية (Acid) جمعها «أحماض». وقد قامت بعض المعاجم بترجمتها «حمض» وجمعها «حوامض»، وكلاهما صحيح.

(2) مينا السن ومعناه بالإنجليزية(enamel) ، وكلمة مينا تكتب دون همزة بعد الألف.

(3) لثة: بفتح اللام والثاء، وليس بكسر اللام وتشديد الثاء كما يلفظها البعض خطأً، وجمع لثة هو لثاث بكسر اللام و تحويل التاء إلى ثاء.

معظم المعلومات الواردة في هذا المقال تم استقاؤها من مواقع موثوقة خاصة بطب الأسنان منشورة على شبكة الإنترنت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى