الجرعة الصامتة

> «الأيام» عمر علي الدبعي / عدن

> أجبرني تفاعلي مع أم الجرع أن أشحذ قلمي لأكتب بدم قلبي، فالناس تئن من سوط الأسعار الذي ألهب الأجساد المنهكة، حتى أصبحنا نرى أن الأنين والشكوى تحريض، هل الوطنية تحتم على المواطن أن يموت جوعا وهو هادئ ودون ضجيج؟ فمن جرعة رفع الدعم، إلى جرعة ضريبة المبيعات ومن ثم إلى الجرعة القاتلة التي بلغت حد إعلان حرب تجويع على المواطن الصابر، فلدينا والحمد لله أسماك قرش تأكل ما يصادفها، تجار يكدسون المواد التموينية في مخازن تصل لعشرات الكيلو مترات ويوزعونها بأسعار تتصاعد يوميا ودون رقيب، فالتجارة حرة، و«كلما قلنا عساها تنجلي.. قال التجار هذا مبتداها».

قبل هذا الارتفاع في الألبان والزيوت وكل شيء كانت كثير من الأسر قد صرفت أولادها عن الدراسة لمواجهة حمى الأسعار المميتة، وكانت هذه الأسر وحتى قبل هذا الارتفاع تعتبر اللحم والسمك من الكماليات، وانتشر بين أفرادها فقر الدم وسوء التغذية، نسأل الله اللطف، وما نخشاه أن يتحول هؤلاء الشباب إلى منحرفين لعدم حصولهم على عمل، فمن المسئول عن ذلك؟

لم يقتصر الارتفاع على أسعار المواد الغذائية ولكن رافقه ارتفاع في إيجار المساكن دون رحمة، وفي ظل صمت وعدم اكتراث من قبل أجهزة الدولة لما يعانيه المواطن، فقد أصبحت بعض الأسر في الشارع لعدم قدرتها على دفع الزيادة في الإيجار، بل إن رئيس الغرفة التجارية قال «على المواطنين أن يربطوا بطونهم ويتقشفوا» من كلامه هذا نستشف أن الجوع يعلم الصبر، والحرمان يربي النفوس ويهذبها، ولكننا نقول إن الحرمان يعطيك شعورا بالكره لمن يحتكر قوت المواطن ولمن يمنحه الغطاء، ويشعره بالطبقية المقيتة، فنجد شبابا لا يستطيعون توفير لقمة العيش يستجدون في الطرقات، بينما شباب من الطبقة المرفهة يتسكعون في الشوارع ويقتنون السيارات الفارهة ويلبسون عقود وأقراط الذهب ويعاكسون الفتيات.

إن حرية التجارة لا تعني تجويع المسلم، لقد أصبح التاجر أكثر شراسة في تعامله مع المواطن دون خوف ولا خشية من المساءلة، والمواطن لم يعد ينتظر بيان مجلس الوزراء بتخفيض الأسعار، ولكنه يريد تأمين العدالة المعيشية والأمن والرخاء. إن ما يحل بالمواطن هو الظلم بأبشع صوره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى