حرية الكلمة.. الديمقراطية والوحدة

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
فتح 22 مايو 1990م -يوم الوحدة المباركة- ثغرة للنور في الجدار، وغدا مسلما به عدم تخيل الوحدة اليمنية مجرد إسقاط للحدود التشطيرية الوهمية على الجغرافيا، والتقاء الشعب بعضه بعضا، دون أن يزامن ذلك ويرافقه فعل مماثل من أفعال الحرية المنشودة للشعوب، فكانت الديمقراطية توأما يساوي في الفعل والأثر فعل التوحيد الذي تم. فالإرادة التي حققت الوحدة ستكون أشبه ببعض الوحدات التي تمت في مراحل مبكرة من التاريخ تحت المبررات والأغراض العسكرية البحتة التي تقوم على الإخضاع والسبي والغنيمة وتقريب الشعب قربانا للآلهة النهمة وسيان في الأمر أن يكون الفاعل كربا من أكراب الوطن أو غازياً من خارجه، إذا تمت دون خيار الديمقراطية، لكنها صواب قد فعلت بالزواج الكاثوليكي بالتعددية الساسية وحرية الكلمة، لأنهما- الوحدة والديمقراطية- مطلبان أكد الشعب اليمني عليهما في مسار نضاله الطويل، في وقت تلاعبت بهما النخب السياسية في المستوى التنظيري-الأيديولوجي أو على المستوى العملي لحظة أن تسنى لبعض من هذه القوى تسنم السلطة السياسية في هذا الشطر أو ذاك.

أما الشعب- والأقرب إليه من حبل الوريد.. الأدباء- فقد تجاوز التأكيد على هذا الحق- حق الوحدة- بجملة اشتراطات ونضالات تحدت السلطتين التشطيريتين، وأقام الأدباء على رؤوس الأشهاد أول منظمة إبداعية يمنية موحدة هي اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بارتصاص كوكبة من المثقفين اليمنيين الذين كان بإمكانهم أن يجترحوا فعل التوحيد- أو ينادوا به على الأقل ويدفعوا باتجاهه- تحدياً وفرضاً على سلطتي التشطير في صنعاء وعدن مطلع السبعينات الماضية، وفي طليعة هؤلاء عمر عبدالله الجاوي، عبدالله البردوني، عبدالله فاضل فارع، الربادي ، محمد سعيد جرادة ، القرشي عبدالرحيم سلام وغيرهم من صناع ذلك الاتحاد الرائد الذي كان اللبنة الأولى في اكتمال فعل الوحدة يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م.

الديمقراطية إذا ضامن اجتماعي يحوط الوحدة وينمي عقيدة الولاء لها بالحرية، وماعداه يغدو طوقا كسور الصين العظيم يحاصر الوطن والشعب، ولكن مستوى الحريات في الحاضن الديمقراطي ليمن الوحدة بعد 17 عاما يقاس- مازال- في ترمومتر النشوء والتشكل بينما كان بالإمكان اختزال الزمن اليمني بتحقيق ما هو أكثر جدية، فالموروث والقوى الضاغطة من المتنفذين والحرس القديم والحاصدين منافعهم الجمة من حالة الأوضاع السائدة مع تأخر إرادة التغيير الحقيقية، كل ذلك يؤخر عن اللحاق بركب الدول الديمقراطية، وبعضها لم يستغرق كل هذا الوقت الطويل الذي نستغرقه.

إن 22 مايو وحرية الصحافة كما كان عنوانا لندوة أقيمت في كلية الآداب عدن بالتعاون من عمادتها وقيادة فرع نقابة الصحفيين بعدن بمقدوره أن يذرع فضاء الحرية الذي تحقق في الفترة الماضية وأن يقف إزاء المعوقات التي تجيء من ذهنية ترضع من أثداء الماضي، فقانون الصحافة المزمع إصداره يرفل بالمثالب التي تنتقص من حرية الكلمة، ومازالت بعض الأجهزة باستطاعتها أن تسيء لحرية الكلمة، ناهيك عن الحالة الاجتماعية للإعلاميين والصحفيين الذين يلهثون وراء هيكل يضعهم في المصاف الآدمي، عدا أن نفكر جديا كمؤسسة حكم وسلطة رابعة في تحرير الإعلام الرسمي نهائيا بالمقدرة العظيمة التي يمتلكها هذا الشعب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى