الكتاب في حضرموت ..

> صالح حسين الفردي:

> إضاءة:عرف التاجر الحضرمي، قديماً، في كل مواطن اغترابه، بميله للسكينة والهدوء والانضباط، واحترام ثقافة بلد الاغتراب، وعدم التصادم معها ، أثناء نشره دعوة الإسلام الوسطي في مشارق الأرض ومغاربها، فقد استطاع في هجراته الأولى إلى شرق وجنوب شرق افريقيا، وشرق آسيا أن يجعل أهل البلد المضيف (يدخلون في دين الله أفواجا) من خلال التعامل اليومي والحياتي بالقيم الإسلامية الحقيقية، التي وجد فيها السكان راحة وطمأنينة لم يعهدوها في تاريخهم وتراثهم الحضاري، فيولون وجوههم صوب رسالة الإسلام السمحاء.

والحضرمي عندما يمن عليه الله بالرزق الوفير، وتزداد تجارته اتساعاً، يعمد إلى الإسهام في تطوير مجتمع اغترابه، ولا ينسى موطنه الأصلي، لذا نفذت الكثير من المشاريع الخيرية التي عادت بالنفع والفائدة على الجميع، وعمقت روح الإخاء والتقرب إلى الله، وجسدت فلسفة تجارية تقوم على الربح والعطاء في آن واحد.

بقشان ودواين الشعراء:
من المعلوم والمؤكد أن الشيخ المهندس عبدالله أحمد بقشان وبقية أخوته لهم أياد بيضاء كثيرة في عمل الخير، ولكننا في مقالنا هذا نفتح له نافذة جديدة ندرك مدى الحاجة إليها اليوم في الجسد الثقافي بحضرموت، من خلال إسهامه في تحريك وتفعيل الحراك الثقافي، وهو أمر ذهبت إليه الكثير من البيوتات التجارية بدول الخليج مثل (عائلة البابطين، وأسرة العويس) وغيرهم كثر، ونحن في حضرموت نطمح من سليل أسرة الخير والعطاء إلى وضع هذا المقترح في دائرة اهتمامه، خاصة وهو يعود بالنفع الكبير على المجتمع ككل، بدءاً من تراثه إلى رواده إلى عشاق هذا الموروث، ويؤكد الثراء الثقافي والفني الذي عرفته حضرموت منذ زمن بعيد، وأن يعهد به إلى من يستطيع ترجمته بشكل مشرف، وأعني بذلك قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بالمكلا، إضافة إلى من يراه مناسباً، والمقترح يشتمل على طباعة أعمال العديد من المبدعين الكبار الذين رحلوا يرحمهم الله، والذين ما زالوا بين ظهرانينا، أطال الله في أعمارهم، وليبدأ مشروع الطباعة لأعمال الشعراء الغنائيين الراحلين:

صالح عبدالرحمن المفلحي في ديوانه الثاني، والمعلم عوض حميدان في ديوانه الأول المخطوط (على بحر شرمة) ومن بديع قوله:

ناديت كم نادي** لا طير في الوادي ** من حرقة فؤادي** في المشكلة هل من يرحم سهادي** تركت في بلادي** دمع المقل زادي** والقلب ما مل

نطرد وراء الغاني لا عسعس الليل

يا ساري الليل سهران بشجونك خفف عنا قلبك يا ساري الليل

وسعيد عبدالله يمين صاحب الرائعة الغنائية:

جميلي زرعته حاسب انه مع الأيام يلقي ثمر

سدى ضاع كله في رمال الخلاء ما بأنه منه أثر

ونا اللي على الوعد ثابت وقايم بالوفاء والتمام

من تنكر لأحبابه لابد له من يوم تجزيه ليام

والمبدع أحمد عبود باوزير صاحب الرائعة:

يا نود نسنس من قدا العربان خبرنا

كيف استوت حالاتهم من بعد ما سرنا

وابعث تحياتي إليهم كل ما هبيت

لا حل للفرقة محينه منها ونيت

والشاعر الراحل جمعان أحمد بامطرف صاحب الكثير من الروائع الغنائية، ومنها (وراء بقعه تعقت) وكذلك المبدع الراحل الكبير يسلم أحمد مبارك باحكم صاحب الروائع (في دقيقة القمر ولى وفاجاني الظلام، سحر عينك يا جميل، تعرض نحوي، أهواك أن قصر الجفا أو طالا) .

أما الشعراء الذين مازالت أعمالهم لم تر النور وهم بيننا فمنهم المبدع الكبير سالم أحمد بامطرف ولديه ديوان مخطوط ومصفوف(CD) بعنوان (على موجة الليل)، إضافة إلى المبدع عمر أبوبكر العيدروس صاحب الروائع (فهمك لمعنى الحب خاطي، يلوموني يلوموني وهم بالوصل أغروني وشبكوني معاه، ترك العشق يامغرور) وقد جمع أعماله الغنائية، ولم يزل منتظراً من يمول طباعتها، والشاعر الكبير أحمد سالم البيض في نتاجه الأخير، والشاعر المتفرد محمد عبدالله محفوظ الحداد صاحب الرائعة الغنائية:

يا ساري الليل ارحم طرفك الباكي ونم

مادام في طبع الزمان العدم

وكل من طالت به الأيام جم** مرجعه للطين

ياقلب ليه الأسى والأنين

أما عاشر هذه الكوكبة الرائعة فليكن المبدع رائد المسرح الاجتماعي الراحل سالم عبداللاه عبدالخالق الحبشي صاحب الأعمال المسرحية (عاشق الوظيفة، الفانوس، شمعة فوق شمعة، محاكمة ذبابة) وغير ذلك، وقد رفعت بناته في العام الماضي نداء لرئيس اتحاد أدباء المكلا بضرورة تجميع أعماله وطباعتها ولكن (العين بصيرة، واليد قصيرة).

هذه تسع مجموعات شعرية غنائية، والعاشرة مجموعة الأعمال المسرحية، إذا ما تم تبني طباعتها، ضمن مشروع كبير متواصل يعود ريعه على المبدعين الأحياء، وأسر الراحلين، لا شك سوف يكون صداه كبيراً، ومردوده على الثقافة أعمق، ويذهب في أهميته إلى توثيق وجمع شتات هذه الإبداعات وحمايتها من العبث والسطو والتحوير والتبديل المسيء.

أملنا في استجابة الشيخ المهندس عبدالله أحمد بقشان لهذا المشروع الثقافي الطموح، يدفعنا في ذلك نجاح تجربته الرائدة لجائزة الشيخ المرحوم سليمان سعيد بقشان للمتفوقين من الطلاب بحضرموت ساحلاً وواديا، وما عادت به هذه الجائزة على الطلاب والطالبات من روح التنافس المحمود، وانعكاسه على الصف الدراسي بجميع مدارس المحافظة، والجامعة، والمعاهد الفنية والتخصصية، فهل يكون (هذا المشروع المقترح) طريقه السالك إلى قلوب المثقفين وعشاق الكلمة والنغم الحضرمي الأصيل، وهم منهم!؟ ونشهد في قادم الأيام عبارة (طبع على نفقة الشيخ المهندس عبدالله أحمد بقشان) تتصدر غلاف مثل هذه الأعمال الكبيرة!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى