حول تراجع الشباب عن الانتماء السياسي بين توفير المناخ وترك النفعية

> «الأيام» كفى الهاشلي:

> السياسة لعبة الشطرنج التي يفهمها طرفان لا ثالث لهما.. تحركها أنامل ويقودها فكر وقد يخسر أي من الطرفين وبأي حال لكن ذلك يحتاج لجنود وقلاع ومعدات اللعبة المختلفة ويبقى الآخرون المتفرجون تارة يفكرون وأخرى يحللون والبعض لا يكادون يفقهون شيئا، وعلى الرغم من أنها لعبة الكبار إلا أن هناك من يهوى الدخول في دهاليزها ويبقى الشباب أقل الفئات إقبالا عليها. ولأن الموضوع كبير وصعب طرحناه في سطور هذه الصفحة واخترنا منه منفذا واحدا ليكون الخطوة الأولى في فهم الحدث السياسي، فسألنا الشباب والمختصين عن أسباب الانضمام تحت لواء الأحزاب أو عدمه، وماهي مصادر المعلومة السياسية بالنسبة للشباب؟

< من جامعة عدن كلية الطب بدأنا وسألنا الطالب أحمد أرسلان عن أسباب التحزب ودوافعه ومصادر المعلومات المعتمدة بالنسبة له فقال: «بالنسبة لي ليست لدي أي مصلحة حتى أكون مع هذا الحزب أو ذاك فالتحزب يخلق نوعا من العداوة بين الشباب وخاصة في إطار الكلية ويعكر أجواء الزمالة بين الطلاب ويظهر ذلك عند الانتخابات الطلابية، فكل يريد فلان الذي ينتمي لحزبه وتدور مشاحنات كبيرة بين الطلاب، فمنتسبو المؤتمر يريدون فرض تواجدهم ومنتسبو الإصلاح كذلك.. والطالب غير المتحزب يظل بعيدا عن تلك الاجواء.

وخارج الكلية أنا محايد ولا أحب التحزب مطلقا ولا المشاركة السياسية وأستقي معلوماتي السياسية من القنوات الفضائية المختلفة الجزيرة والعربية والـ إم.بي.سي. ومن الصحف اليمنية كـ «الأيام» و«النت»، ومع ذلك ليست كل المعلومات صادقة 100% فهناك قنوات تروج لفكر معين، نحن نتنبه لذلك جيدا، وأعتبر نقل المعلومات على الأشرطة المسجلة التي تبثها الجزيرة من أخطر المعلومات لأنها تؤثر في الشباب قليلي الوعي وتشحن فيهم طاقة كبيرة تدفعهم إلى الانجرار لتلك الدعوة، ومثال ذلك ما يبث من أشرطة عن المجاهدين في العراق فليس الكل مجاهدا ولكن طريقة عرض الأشرطة تشحن الشباب نفسيا تجاه تلك الأحداث وهذا من الممكن أن ينعكس بشكل سلبي على الشاب وعلى مجتمعه».

الانتماء الحزبي ودور المحيط العائلي

تركنا أحمد وتوجهنا لنبحث عن شاب متحزب وكان مروان على قائد هو الهدف.

< مروان هل أنت متحزب؟

- نعم.

< لأي حزب تنتمي؟

- حزب التجمع اليمني للإصلاح.

< ما الذي دفعك لهذا التحزب؟ وماذا وجدت في هذا الحزب؟

- قناعتي بدور هذا الحزب هي الدافع الأول فهو يتبنى قضايا الوطن بشكل أوسع ويدافع عن الطبقة الفقيرة داخل المجتمع وله رؤيته النابعة من الدين الإسلامي وله توجهه إلى إصلاح الأوضاع في المجتمع وانخرطت منذ الثانوية العامة في صفوف الإصلاح.

< لكل قناعة بداية، من الذي نمى فيك هذا التوجه؟

- التوجه موجود من قبل لكن بشكل فعلي كان في الثانوية فأنا من وسط عائلي إصلاحي وهذا الوسط هو المؤثر الأول فأسرتي ومنطقتي تكاد تكون كلها إصلاحية ووجهة نظر الشباب تجاه التحزب مغلوطة جدا لأن البعض يراه خطأ ولكن أنا أقول إننا نعمل مانؤمن به.

< ماذا عن المشاحنات بين الطلاب في ظل التحزب؟

- العمل السياسي يتطلب التنافس وهناك تأثير فعلي على مسألة تواجد الشاب والطالب تحديدا في أي تكتل سياسي والتأثير موجود ولكنه مرتبط بالقدرة على الإقناع وإيصال المعرفة السليمة منا أو من أي حزب كان.

< هل تشاركون الأحزاب والمنظمات ندواتهم أم أنكم منحازون؟

- بالعكس نحن نشارك في مختلف الفعاليات ندوات ومؤتمرات ولكن بصفة الطالب وليس بصفة حزبية.

< هل تمارسون الدعوة لتوجهكم بين الشباب؟

- الدعوة لحزبنا لا تجعلنا نستخدم أي وسائل معرفية كغطاء لممارسة العمل الحزبي فنحن متحزبون نعم لكن نفصل بين العمل السياسي والنشاط الطلابي.

< ماهي مصادر معلوماتك السياسية تجاه الأحداث؟

- القنوات الفضائية كالجزيرة والعربية والشارقة ولكن حجم المعلومات 90% أو 80% صحيحة.

< كيف تقيمون صحتها وهل للحزب صلة؟

- نحن نقرأ المعلومة جيدا ونحللها شخصيا ثم مع الأصدقاء وفي الأخير نحللها في الإطار الحزبي إيمانا بمستوى تحليل الحزب وقناعتنا به فهو يرجع لدرجة صحة تحليل المعلومة المتوافقة مع الفكر السليم فإن استطاع إقناعي كان بها مالم تظل قناعتي هي الحاضرة.

< هل التحزب ضرورة؟

- نعم وأنا أدعو الشباب للدخول في العمل الحزبي مهما كان مسماه المهم أن يسير الشباب وفق توجه وهدف محدد بغض النظر عن المسميات والعمل الحزبي مكون موجود في كل مناحي الحياة.

< ماهي وجهة نظرك تجاه بعض الشراكات بين الأحزاب، كاللقاء المشترك؟

- هذا يعني لي أن هناك هما وطنيا واحدا رغم اختلاف توجهات الأحزاب وهذا يؤكد أن الايدلوجيات ومفردات الدوكما ليست لها علاقة بذلك وإطار المعارضة هو إطار عام يمثل الشعب ولا يعني أننا لا نمتلك علاقة طيبة بالأحزاب الأخرى.

< حتى وإن كانت منافسة لكم كالمؤتمر؟

- حتى وإن كانت منافسة لنا وتجمعنا بالإخوة في المؤتمر علاقات شخصية طيبة رغم اختلافنا معهم في الرأي، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية كما هو معروف.

العمل السياسي أبعد ما يكون للارتقاء بالشباب

والفتيات هن أقل نسبة من الشباب في مسألة التحزب ومعظم الطالبات اللاتي سألناهن كن يتابعن روتانا ونجوم الخليج وستار أكاديمي والبعض الآخر تتابع الأخبار والسياسة لكنهن يرفضن التحزب.

< الأخت كفى مبارك رفضت التحزب مهما كان مسماه معتبرة العمل السياسي أبعد مايكون للارتقاء بمفهوم الشباب وقالت:«كل ما أفكر فيه هو دراستي فقط، بها أستطيع أن أخدم نفسي ووطني أما التحزب فلا يعني لي شيئا ولا أنصح الشباب بذلك مطلقا وحتى المعلومات التي نتلقاها في السياسة أيا كان مصدرها لا تحمل في محتواها الصدق التام».

< عدنا مجددا لقراءة هذا الواقع ولكن من وجهة نظر متخصصين وبدأنا مع الدكتور محمد علي ناصر أستاذ الإعلام في جامعة عدن الذي قال: «60% من الشباب في اليمن مهمشون من الحكومة ومن منظمات المجتمع المدني وبالتالي نجد أن المستوى الثقافي والمستوى التعليمي منخفض والمشاركة الشبابية تكاد تكون متواضعة ولو تحدثنا عن طلاب الإعلام باعتبارهم حملة الأقلام وأكثر الفئات الشبابية مطلوب منها المستوى العالي في الثقافة سأقول بأنهم لا يختلفون عن أي طالب في أي كلية لأنهم يأتون من مستوى تعليمي ثانوي وإعدادي وابتدائي متدن للأسف، فالبعض مستواه ضعيف باللغة العربية ومن هنا نتوقع أن يغيب الوعي الثقافي السياسي لهؤلاء الشباب».

< ماهي الأسباب؟

- غياب البرامج المتكفلة بالشباب وغياب دور الحكومة ومنظمات المجتع المدني وعدم تواجد مكتبات بالمستوى المطلوب وضعف المناهج.

< أليس من صنع الأحزاب قديما هم شباب؟

- نعم ولكن في تلك الفترات كان هؤلاء القلة التي حظيت بالتعليم في ظل مجتمع أمي فكانوا هم النخب.

< لو تحدثنا عن الحلول في إطار كلية الإعلام؟

- طبعا سنحتاج أن نفعّل دور هؤلاء الشباب فهم يجتهدون بإصدار نشرات متواضعة يعبرون فيها عن أفكارهم وينقلون بها معلومات جديدة للشباب.

لكن نحن نقول إن الحلول هي إيجاد حلقة وصل بين المعاهد والكليات المشابهة داخليا وخارجيا لتعزيز قدرات الشباب.

أما قسم الإعلام فهناك مشروع سيتم في العام القادم 2007-2008م حيث سنعمل بمنهاج جديد سنركز فيه على الجانب العملي 50% والنظري 50% وسيكون لدينا 20 جهاز كمبيوتر واستديو إذاعي وتلفزيوني وسنؤهل الكادر وهذا أول مشروع علي مستوى الوطن العربي تنظمه اليمن مع دول أوروبية (بريطانيا والدنمارك).

على الدولة توفير المناخ وعلى الشاب ترك النفعية

< ومع المختصين في المجال الحزبي كان لنا لقاء مع زميلنا الكاتب أحمد عمر بن فريد عضو رابطة أبناء اليمن (رأي) لنبحث معه الأسباب التي أضعفت توجه الشباب نحو الانتماء الحزبي فقال: «معظم الشباب لهم توجهاتهم الفكرية لكنها تظهر عندما ينتمي الشاب لحزب بعينه قد لا يظهر هذا الانتماء لأسباب أرجعها أولا لممارسة القمع الذي يتعرض له الشباب المتحزب فعندما يتعرض الشاب المتحزب للقمع سيكون عبرة وعظة للشباب وبالتالي هذا يضعف رغبتهم نحو الانتماء فلا أحد يجب إعادة تجربة زميله.

الأمر الآخر استخدام الدولة للوظيفة الحكومية وللمنح هذا يدفع الشاب نحو النفعية فنراه ينضوي لحزب معين لغرض المصلحة وهذا يضعف التوجه نحو الأحزاب الاخرى، ومسالة أخرى هي امتلاك الدولة أجهزة الإعلام المسموع والمرئي وهذا يضعف نشر مختلف الثقافات الحزبية.

والأهم من ذلك كله وعي الطلاب المنخفض جدا في الجانب السياسي فحتى المنخرطون في الأحزاب وحتى في حزبنا وهم قلة طبعا وعيهم متدن ويكاد الارتباط بالحزب تحت سؤال ماذا سيقدم لنا من نفعية مع أن حزبنا يوم تم تشكيله في القاهرة كان مؤسسوه هم شباب وهو أول حزب في الجزيرة العربية يتم تأسيسه من الشباب.

الأمر الآخر، صحيح أن حركة المد الشوروي ساعدت فعلا في ظهور الأحزاب ولعب الشباب دورا كبيرا في تحرير أوطانهم وشباب اليوم يستطيعون أن يجدوا لهم مكانا ودورا في المجتمع بشرط أن لا يكبل من جهات معينة وأن يثقف الشباب نفسه ويتابع المعلومات وتطوراتها ويقتنع بالتوجه الذي يريده ويطرح معتقد النفعية جانبا.

< في الأخير نقول إن المناخ السياسي هو الذي يستطيع خلق الأجواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية المناسبة لوجود شباب واع ومثقف، وعليه أن يتبنى فكرة التعددية الحزبية تبنياً فعلياً لأن المولى عز وجل عندما خلقنا على المعمورة جعلنا مختلفي اللون والشكل واللغة وجعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف وأكرمنا عنده من كان تقياً قصد بأعماله الخير ونوافذ الخير وأبوابها متجددة والشباب وإن ضعفت توجهاتهم السياسية سيأتي يوم ينخرطون فيه بالعمل السياسي .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى