المعلم في التربية والتعليم وأمانة الأداء والتقويم

> حسين سعيد السقلدي:

> للتربية والتعليم أهداف عامة وخاصة تتسم بسموها ورفعتها وتكمن عظمتها بما تعنى به أساساً في تكوين الشخصية السوية المتكاملة من كل الجوانب لدى الطالب وترسم صور وملامح شخصية الغد المتسلحة بالمعرفة والعلم بآفاقه الرحبة والمتعددة والقادرة على مواجهة مختلف التحديات التي يفرضها ويتطلبها الواقع المعاش، والظفر في ممارسة العملية وتعقيداتها بعد الانتهاء من المراحل الدراسية المختلفة دونما تعثر وانحسار وهذا لن يتم إلا عبر امتلاك التحصيل العلمي الرفيع وهو أمضى سلاح في حياة الفرد والمجتمع.

ومن خلال ما ساقه ويسوقه التربويون والمعلمون الأجلاء الذين سبقونا بنعت المعلم ومكانته واصفين المعلم الكفؤ كمن يحفر في الصخر لانبلاج إشراقة نور ويرسم لوحة صناعة النقل والابتعاد عن بلاهة التفكير، ويأخذ بيد الجيل الناشئ إلى العلم والمعرفة والحرية، وهو ذات عقل وضمير ولا يحتاج إلى شهادات وتصفيق وجوقة ودعاية، فقد أفلح بالولوج إلى الأفئدة والأذهان، وترك الألسن تحكي مآثره وبصماته، ولفظ عادة التلقين الببغاوي في التدريس، ويمتلك الشجاعة الأدبية في الاعتراف ببؤر الضعف والأخطاء، وحقاً سيظل المعلم الكفؤ عملاقاً مهما تغير الزمان والمكان.

فالمعلم الكفؤ هو محور العملية التربوية والتعليمية والمعول عليه في بناء الأجيال وإعدادهم بما يعني خلق الشخصية المتكاملة من خلال الربط الوثيق والصلة العميقة بين المدرسة والمجتمع، بين احتياجات الفرد واحتياجات المجتمع، وهذا فعلاً سوف يخدم المتغيرات العلمية والمعرفية من خلال حسن استخدام فترات النشاط المدرسي العام واستثماره لصالح الطلاب، مدركاً تماماً أن تنظيم العقل والفكر والوعي وزيادة نموه أكثر في الوقت الحاضر وتنظيم نفسه وجهده في أداء الرسالة التربوية والتعليمية لإحداث التطوير المرجو، كون العملية التربوية والتعليمية تمثل الأساس في النهوض والتطوير المستمر الهادف والبناء والنماء على حد سواء، منطلقاً من أن أي خطة دراسية وتحضير مسبق للدروس واستيعابها أولاً كما يهدف إلى تحسين أداء العمل التعليمي ونوعيته وجودته، إنما يقدر له النجاح أو الفشل طبقاً لمدى فاعلية وكفاءة المعلم ونشاطه وخبرته داخل الصف «الجو الدراسي»، وصولاً إلى فهم محتوى مادته وإيصالها بين أوساط الطلاب آخذاً التعمق فيها والتفهم لدقائقها مضيفاً الجديد وفقاً لمعطيات العصر والثورة العلمية والتكنولوجية، مطوراً من معارفه ومهاراته وشغوفاً بالاطلاع والبحث، مصغياً إلى أسئلة وآراء طلابه ويدرسها بعمق ويضعها موضع الاهتمام لا الإهمال، ويكون كالطبيب الذي يعرف الداء قبل الدواء واضعاً نصب عينيه أن طلاب اليوم هم علماء الغد، عليه إعدادهم جيداً لزمانهم ومواجهة الظروف التي سيقابلونها في حياتهم، تمشياً مع تغيير أفكاره لكي تتغـير أساليبه وتغيير نظرته إلى الغايات الوطنية، مشجعاً الطلاب على طلب العلم والنبوغ كونه الأداة الفاعلة المناط بها صنع الإنسان ومستقبله أقوى من الطموح إلى الشهادة الجامعية، مطلعاً على الجديد في واقع التربية والتعليم ليزيده ذلك خبرة في أداء الرسالة السامية، ولا يضيع يوماً دون فائدة ليصير مدرسة في الابتكار والإبداع والأمل والصبر، حاملا الأمانة والإخلاص والوفاء والمسؤولية الكاملة بما يفرضه الواجب ويقتضيه الضمير، ملماً بعلم النفس التربوي، مواظباً على العمل، مهتماً بهندامه، سوياً بخلقه وأخلاقه وسلوكياته، مجسداً روح العلاقة الوطيدة مع الإدارة المدرسية وزملائه المعلمين والاستعانة بذوي الخبرة والتجربة وجميعهم ينهضون بأعبائهم الوظيفية ومناشط الحياة المدرسية العامة، وصولاً إلى الحرص والمرونة وتمتين مسار العملية التربوية والتعليمية والنجاح المطلوب والمستهدف شخصية الأجيال وبنائها وإرساء قاعدة علمية وتربوية رصينة، فالتلاميذ هم زرع المعلم إن سقاه نما وإن أهمله ذبل وذوى، رابطاً الأجيال بتاريخ أسلافهم للحفاظ عليه وإثرائه للارتباط بتاريخ المجتمع كون الماضي بتاريخه ووقائعه المتعددة يمثل حياة ونبعاً مايزال يتدفق هنا وهنالك، وترسيخ معنى الإنسانية في أذهان الناشئين. وأمام حصيلة النشاط التربوي والتعليمي اليومي العام ينبغي أن تكون هنالك محطة وقوف نقدية شاملة لاستقراء ومراجعة تلك الثغرات والنواقص التي أعاقت سير الأداء التربوي والتعليمي، ووضع النقاط على الحروف بغية تلاشيها في سياق العمل التربوي والتعليمي اللاحق، ويمتد هذا التقويم ليشمل الطالب والمنهج والمدرسة والعمل المدرسي بشكل عام، إذا ما أردنا الارتقاء بالعمل التربوي والتعليمي نحو الأفضل. مع إدراكنا العميق وباستقراء الواقع نجد أن هنالك من المعلمين من ينتابهم القصور والتقصير في أداء واجبهم المدرسي تجاه الطلاب وفهم محتوى الرسالة المقدسة التي يؤدونها، مما يتضح افتقارهم إلى تلك الكفاءات والقدرات بالإطار المهني والوظيفي، بقدر ما تم انضواؤهم في هذا السلك الهام وفق معايير لا تمت بصلة إلى ما تتطلبه العملية التربوية والتعليمية. وأدعو الله أن يوفق الجميع إلى ما فيه الأعمال الصالحة لبناء طلاب اليوم وقادة المستقبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى