الاستثمار ... والنوافذ المفتوحة

> أحمد عمر بن فريد:

> قلنا في المقال السابق إن التوجه الرسمي باعتماد آلية (النافذة الواحدة) في مجال الاستثمار هو توجه جميل، وإن كان بعيد المنال وصعب التحقيق ، بالنظر للتراكم الهائل في (العقل والعقل الباطن) لدى جيش كبير من موظفي المصالح الحكومية الذين أدمنوا عبر عقود طويلة من الزمن الشروع بفتح (نوافذهم المتعددة) كل صباح حكومي، طلبا للرزق وتحقيقا للمنفعة الخاصة ، شأنهم في ذلك شأن التاجر الذي يقوم بفتح باب متجره الخاص كل يوم استقبالا للزبائن، وهم يقومون بذلك العمل، بغض النظر عن الواقع الذي يمكن أن تفرزه هذه النوافذ فيما يخص الصالح العام الذي يمثلونه، فالمهم لدى هؤلاء هو مصالحهم فقط .. وربما أن الخطير في الأمر أن هذه النوافذ الكثيرة المتعددة تعتبر من الناحية العملية، هي (الاستثمار الحقيقي) لدى هؤلاء، وأما فكرة (النافذة الواحدة) فهي بالضرورة مشروع معاكس لمصالحهم ومنافعهم الذاتية، ومن الضرورة والحتمية أن تجابه هذه (النافذة اليتيمة) برياح عاتية من شأنها العمل على إغلاقها تماما أو التضييق عليها في أحسن الأحوال .

هذا الجيش المدني الكبير من موظفي البيروقراطية والروتين والإجراءات المعقدة والمملة في هذه المدينة أو تلك، يتشكل إلى جانبه حاليا و حصريا على اليمن وحدها، جيش آخر جديد، وهذا (الجيش الجديد) يحمل من هذه الكلمة معنيين مختلفين ، ففي المعنى الأول له نجد أن عناصره تتكون فعليا من (قيادات عسكرية نافذة) لا علاقة لها بالعمل المدني ولا بالاستثمار وشئونه ونوافذه ، وأما المعنى الثاني فيعود إلى كثرة عناصر هذا الجيش وتوزع أماكن انتشاره في مختلف المحافظات وخاصة الجنوبية منها، مع ملاحظة وجود مقدرة فائقة يمتلكها هذا الجيش، من شأن استخدامها في أي مشروع استثماري - كبر أم صغر - إغلاق جميع الطرق و النوافذ عليه أو العكس من ذلك ... حيث تتحدد هذه المسألة وفقا لشروط وقواعد (الدعم والمساندة) ومدى مقدرة المستثمر على فهمها، والتكيف معها وتقبلها ومن ثم التعامل معها إن هو أراد ذلك!

على هذا الأساس، يمكن للمرء أن يتفهم (الشرط الضرورة ) التي تحدث عنها رئيس الوزراء د. علي محمد مجور في كلمته الأولى التي استهل بها الاجتماع الأول لحكومته مع رئيس الدولة، والتي طالب فيها الرئيس التدخل إلى جانب الحكومة ضد من أسماهم ب«المتنفذين» ! .. وحينما يطلب رئيس الوزراء من رئيس الدولة شخصيا التدخل في الأمر ومنع المتنفذين من التدخل في كل ما يخص عمل الحكومة، وخاصة في مجال الاستثمار، فإن في هذا الأمر ما يشير بشكل واضح لا لبس فيه، على أن هذه القوى تتمتع بنفوذ كبير يفوق في حجمه وصلاحياته ونفوذه، جميع سلطات رئيس الوزراء وصلاحياته بمختلف تكويناته الوزارية المتعددة المهام .

وعطفا على ذلك.. فإن المنطق وتفكيره ونتائجه، ستفضي بالضرورة إلى محصلة واحدة تفيد بأن الحكومة باتت في سبيل تحقيق شروط ومتطلبات (النافذة الواحدة) رهينة الإرادة السياسية العليا في البلاد التي اشترطت لنجاح مهامها الوقوف إلى جانبها في هذا الصعيد ضد (الجيش الثاني) من المتنفذين، على خلفية أنهم يمثلون العقبة الكأداء أمام أية محاولات جادة لإحداث التغيير النوعي في مسيرة الحياة في اليمن.. هذا إن تجاوزنا بقية الاستحقاقات السياسية الحتمية التي بدأت في هذه المرحلة تطل بوجهها على سطح الأحداث، وهي استحقاقات مؤجلة لم تستطع الحرب، ولا مختلف البرامج المكملة للحرب إلغاءها من قائمة (الضرورة الوطنية) التي تنادي كل يوم بحوادثه المتعددة الخطيرة، بمواجهتها والوقوف أمامها وليس خلفها .. هروبا منها أو تنصلاً من تبعاتها .

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى