رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> أحمد مفتاح عبدالرب:الولادة والنشأة .. أحمد مفتاح عبدالرب من مواليد حي وحيدة بالحوطة، حاضرة السلطنة اللحجية العبدلية، في أواخر الحرب العالمية الثانية عام 1945م. تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدرسة زنجبار حاضرة سلطنة الفضلي.. اكتفى أحمد مفتاح عبدالرب بذلك القدر من التعليم حيث أجبرته ظروفه العائلية الصعبة، فالتحق بسلك التعليم مدرسا بمدينة المسيمير حاضرة السلطنة الحوشبية عام 1962م في عهد السلطان فيصل بن سرور، وكان قد التحق بمعهد المعلمين في وقت سابق على تعيينه.. قام أحمد مفتاح عبدالرب بإنشاء جمعية أدبية تعنى بنشر الوعي الأدبي والثقافي في صفوف الطلاب في لقاء طلابي أسبوعي.

مفتاح ينشط مبكرا في صفوف الرابطة

جاء في كراس أربعينية الفقيد أحمد مفتاح عبدالرب أنه «كان ينتمي لأب معدم يعمل بنّاء لا يملك سوى قوة جسده، فالتحق في العام 1961م بتنظيم الرابطة وكانت أول مدرسة سياسية لكل المناضلين في اليمن كما وصفها الأستاذ المناضل عبدالله باذيب». ومن تلك المدرسة تخرج عبدالله عبدالرزاق باذيب وقحطان محمد الشعبي وعلي أحمد ناصر السلامي وغيرهم من الرموز الوطنية المعروفة.

مفتاح ناشطا بارزا في الكلمة الثورية

انتقل أحمد مفتاح عبدالرب من المسيمير عاصمة سلطنة الحواشب إلى زنجبار عاصمة السلطنة الفضلية، وكان الانتقال في اطار سلك التدريس، التابع لوزارة المعارف الاتحادية، والتحق في تلك الفترة بمعهد تدريب المعلمين الاتحادي بمدينة الاتحاد (حاليا مدينة الشعب) عاصمة اتحاد الجنوب العربي FEDERATION OF SOUTH ARABIA ورأس هناك تحرير جريدة المعهد «المنار»، واستدعته بعد ذلك منظمة الجبهة القومية بمدينة الشيخ عثمان لكتابة وتحرير منشور «التحرير» اليومي. وأصبحت الحاجة له ماسة في مهام أكبر حيث انتقل إلى مدينة كريتر للمشاركة في كتابة ونسخ وتحرير المنشور اليومي للجبهة القومية «التلال الملتهبة» وتحمل بعد ذلك مسئولية كتابة وتحرير منشور «الريف الثائر» في مدينة زنجبار، وتعرض أحمد مفتاح عبدالرب خلال تلك الفترة للاحتجاز من قبل دوائر الأمن البريطانية لمدة ثلاثة أيام في سجن المنصورة المركزي (راجع كراس أربعينية الفقيد مفتاح).

مفتاح في الإعلام العسكري

عمل أحمد مفتاح عبدالرب في الإعلام العسكري في السنوات السبع التي أعقبت الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م، وودع سلك التدريس إلى الأبد حيث عمل في الدائرة السياسية محررا صحفيا في مجلة «الجندي»، كما نشط في إعداد وتقديم برنامج (جيش الشعب) الذي كان يبث من إذاعة عدن، وكانت وظيفة أحمد مفتاح عبدالرب في وزارة الدفاع مدنية.

مفتاح في الصحافة العمالية والرسمية

في منتصف السبعينات من القرن الماضي انتقل أحمد مفتاح عبدالرب إلى صحيفة «صوت العمال» الأسبوعية التي كان يصدرها الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية ثم انتقل إلى صحيفة «14 اكتوبر» اليومية حتى وفاته وتميزت كتابات أحمد مفتاح عبدالرب بالرصانة عند تناوله قضايا الثقافة والأدب والفن والسياسة إلا أنه تخصص في المقال السياسي الدولي وتفوق في هذا المنحى.وقد ساعده في ذلك حصيلة الاستماع السياسي والتحليلات والتعليقات السياسية التي أدمنها منذ إشرافه على تحرير المنشور اليومي للجبهة القومية. (مرجع سابق).

وقد برزت تجليات كتابات أحمد مفتاح عبدالرب في وقت مبكر عندما نشرت له صحيفة «الأمل» (كان رئيس تحريرها عبدالله عبدالرزاق باذيب) عرضا في ثلاث حلقات لديوان (لعيني أم بلقيس) وكان عنوان موضوعه (فلسفة الألم عند عبدالله البردوني).

مفتاح يغرد في مرافئ الحنين

أحمد مفتاح عبدالرب من أسرة معروفة على مستوى الوطن عامة ومحافظة أبين خاصة، ولها مكانة في قلوب أهل عدن، أو قل الأضلاع الثلاثة لمثلث عدن، لحج، أبين ومن هذه الأسرة ايضا الشخصية الوطنية والعسكرية المعروفة محمد مفتاح عبدالرب والأستاذ صالح مفتاح عبدالرب، الأستاذ بكلية التربية بجامعة عدن.

نشأ أحمد مفتاح عبدالرب في مدينتي زنجبار وعدن في مجتمعين مدنيين تشبعا بالثقافة والفن، وهما العاملان اللذان صقلا ملكة الشعر عند أحمد مفتاح، وقد جمع أكثر من 60 نصا شعريا في ديوان شعري عنوانه (مرافئ الحنين)، معظمه غنائيات في الوطن والحبيبة.وغنى له عدد من الفنانين منهم محمد محسن عطروش وأحمد علي قاسم ويوسف أحمد سالم، ومن تلك النصوص الغنائية قصيدة (نسيان) لحنها العطروش ومطلعها:

ياذي نسيت الود من قلبك

وصبحته من الدنيا عدم

بعت الوفاء عاديت من

صانك وسوى لك على النجمة علم

مفتاح يودع عالم العبث

شاءت المقادير أن يرحل أحمد مفتاح عبدالرب في اليوم المبارك الجمعة 5 مارس 2004م عن 59 عاما في ظروف سادها البؤس على المستويين العام والخاص، وخلف وراءه رصيدا من الكتابات الجريئة والموضوعية ورصيدا مماثلا له كما ونوعا في قلوب الناس، وخلف ثلاثة أولاد هم: محمد، طارق، وقاد، وجميعهم خريجون جامعيون.

أقلام وآلام في رثاء مفتاح

تداعت الأقلام لرثاء أحمد مفتاح عبدالرب، وهي شهادات للتاريخ قدمها أصحاب تلك الأقلام منهم د. مبارك الخليفة الذي كتب «فجعت في اليوم التالي لوصولي من السودان بنبأ وفاة الصديق العزيز الصحفي البارع الراحل أحمد مفتاح عبدالرب. عرفته إنسانا يفيض إنسانية وأخا يغمرك بالصدق والوفاء، وصديقا ودودا يصدقك القول، عرفته صامتا قليل الكلام إلا إذا أبدى ملاحظة ذكية أو سخر من موقف ولكن ينطبق عليه قول عباس محمود العقاد «إن في الصمت كلاما».وكان قلمه يبث هذا الكلام لقرائه فيصدر أحاديث موضوعية عميقة صادقة مستندة إلى (التوثيق) مصادر ومراجع وإحصاءات تمتح من بئر الواقع تزينها الكلمة الرشيقة والعبارة الأنيقة والفكر النير الحر».

وماذا قال عيدروس باحشوان؟

أما الزميل عيدروس باحشوان فقد استهل شهادته بالقول: «قليلون هم الذين يعرفون أن الراحل إلى دار البقاء أحمد مفتاح عبدالرب قد خدم في الجيش برقم مدني في مجلة «الجندي» التي كانت تصدر عن الدائرة السياسية للقوات المسلحة في الشطر الجنوبي سابقا في سنوات السبعينات. وحتى الثمانينات، وكان مفتاح قلما يشع نارا ونورا لا يهاب الوضع المحيط به الذي كان حينها شديد التعقيد».يمضي باحشوان في شهادته قائلا: «تعرفت على بن مفتاح منذ ولجت بلاط صاحبة الجلالة في معسكر بدر بخورمكسر.

واقتربت منه أكثر فكان (مفتاحاً) لي ولزملائي الذين انضموا إلى الخدمة العسكرية لتعليم أبجديات العمل الصحفي، فكانت نصيحته القراءة أولاً وثانيا وثالثا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى